خبر فراغ أريناهم- يديعوت

الساعة 10:27 ص|10 مارس 2009

بقلم: أفيعيزرع كلاينبرغ

الناخب الاسرائيلي قال قولته ولكن ماذا كان يقصد بحق السماء؟ مشكوك ان يكون الناخب اعطى تفويضا لاي صقرية ايديولوجية حقيقية. الناخب الاسرائيلي هو براغماتي. وحتى اسرائيل بيتنا تمثل الشهوة الاسرائيلية للقوة الفظة اكثر بكثير مما تمثل الالتزام الايديولوجي للمواقع المقدسة لارض اسرائيل، وليبرمان، اكثر مما هو يسعى حقا الى تفكيك الديمقراطية البرلمانية في اسرائيل، يمثل رغبة ما في ان يغيظ مرة اخرى النخب القديمة.

بشكل عام ليبرمان أقرب في مواقفه من الاجماع الاسرائيلي مما من المريح لنا أن نظن. في اماكن اخرى في العالم "الحمائم" يعارضون بحزم استخدام القوة. ليس في اسرائيل. في اسرائيل الاستخدام بالقوة يعتبر محتما حتى في اوساط معسكر السلام. حتى عندما لا يعترفون بذلك، فان اغلبية الاسرائيليين يعتقدون بان العرب لا يفهمون سوى لغة القوة، وان "العربية" التي يحسن ليبرمان التحدث بها، هي لغة الضرب.

الاسرائيليون يسعون إذن لان يظهروا للعرب وقع ذراعهم، وفي نفس الوقت ان يتوصلوا الى تسوية ما تعفيهم من الحاجة الى الانشغال بهم بهذا القدر الكبير. "المعتدلون" يؤمنون بان توجيه الضربات يجب أن يترافق بشعارات ضخمة معينة ("دولتين للشعبين"؛ "وجهتنا نحو السلام"؛ "مفاوضات"). اما "المتطرفون" فيؤمنون بان الشعارات تضعفنا، وعليه فهم يمتنعون عن اطلاقها بذات التزمت الديني الذي يسعى الى اطلاقها المعتدلون.

الفارق بين اسرائيل بيتنا، العمل في شكله الحالي، الليكود وكديما هو بالاساس في الخطابة وبقدر معين في اختيار الوسائل السياسية. في موضوع استخدام القوة يوجد بينها غير قليل من الاجماع. في جولة العنف الاخيرة مثلا كانت تسيبي لفني، اميرة اليسار الجديد، من مؤيدي اليد القوية، دون أن يزول سحرها عن ناظر معسكر اليسار. من يقف على رأس المعسكر، ايهود باراك، حظي بالنقاط في اثناء الخطوة العسكرية التي قادها. وقد خسرها اذ اعتبر مرتزق لا يوجد سبب خاص لدفع الثمن مقابله بحزبه البغيض.

الانقلاب الاساس في الانتخابات الاخيرة لم يكن في صعود اليمين، بل في ادارة ظهر المجن من جانب الطبقة الوسطى الاسرائيلية نحو الاحزاب التي مثلتها في العقود الماضية – العمل وميرتس. العمل عوقب على انه لم يكن مشوشا بما فيه الكفاية وميرتس على انها كانت مشوشة اكثر مما ينبغي. فقد فهم الناخبون أنه رغم كل تجارب العمل متعددة السنين في تشويش نفسه حتى الجنون، فلا يزال يشبه جدا المعراخ الكريه، الذي تشعر فئات واسعة من السكان تجاهه بعداء غير قابل للشفاء.

اما ميرتس بالمقابل، فاعتبرت غير واضحة بما فيه الكفاية، غير راديكالية بما فيه الكفاية، غير طاهرة بما فيه الكفاية. هذه الاحاسيس المتضاربة ادت الى التصويت الذي عبر مرة اخرى عن براغماتية الطبقى الوسطى الاسرائيلية. اذا كانت ميرتس لا تؤدي دورها كمطهرة جماعية للضمير والعمل لا يؤدي دوره كآلة لجمع الاصوات، فيمكن التصويت لتسيبي لفني (في ظل كبت وجود كديما). فبعد كل شيء، فان لفني تستخدم الصيغ الكبيرة الصحيحة، ولكن افعالها تدل على أنها لا تقصد حقا اخراجها الى حيز التنفيذ، وعليه فانها تقترح املا احتفاليا الاحتمال في أن نكون مطالبين بدفع ثمنه السياسي هو احتمال صغير.

عاقبنا، إذن، كل من ينبغي (ميرتس على انها "متعالية"، باراك على انه "غير شعبي"، بيبي على انه زعما منا ولكن في الواقع ليس منا). وماذا الان؟ فراغ. المشكلة هي ان الفراغ يمكن ان يجتذب الى داخله كل ما هو حوله.

دولة اسرائيل تحتاج حاجة يائسة الى الصوت الذي تخلت عنه في الانتخابات الاخيرة. الصوت الذي يمثل أجندة مدنية حقيقية. الصوت الذي يطالب برقابة جدية على جهاز الامن وعلى شكل التفكير ذي نزعة القوة الخاص به والذي اصبح دينا قوميا. للصوت الذي يطالب من جديد بادخال اعتبارات اجتماعية لسلم الاولويات الوطنية. انها بحاجة عاجلة الى ان يترك كل المصفوعين نزاعاتهم الداخلية، فيتخلوا عمن يحاول مواصلة الطرق القديمة، يوحد القوى ويعرض عليها بديلا حقيقيا.