خبر بركات يهدم، ليبرمان يشرح.. معاريف

الساعة 12:34 م|09 مارس 2009

بقلم: يعيل باز – ميلماد

هناك امران ملح لرئيس بلدية القدس الجديد تنفيذهما: ترميم مكتبه بـ 800 الف شيكل على الاقل، وهدم منازل في شرقي القدس، ولا سيما في حي سلوان، بدعوة انها بنيت دون تراخيص قانونية، وعليه فان حكمها هو ان تشطب. في صالحه يقال انه اعلن عن النية في هدم منازل لسكان من شرقي المدينة في حملته الانتخابية، وينبغي الافتراض بان هذا الاعلان كان احد العوامل لانتصاره الجارف. وفي طالحه يقال ان الرجل اعمى تماما عن رؤية الاثار السياسية والامنية لقراره هذا، وتصميمه على ان يهدم مهما يكن الحال يدل ليس فقط عن قصر نظر وانعدام فهم لنتائج افعاله بل واساسا على انه الرجل غير الصحيح في المكان غير الصحيح.

لا خلاف في ان المنازل المرشحة للهدم بنيت بالفعل على غير وجه قانوني، او وسعت ليس في اطار تراخيص المخطط الهيكلي. غير ان كل هذا حصل، وهو لا يزال يحصل، لان شرقي القدس منذ سنين ليس فيها مخطط هيكلي، وبالمقابل يعيش فيها اعداد متزايدة من السكان الفلسطينيين، اذا كانوا يرغبون ان يسكنوا في مكان ما او يرمموا بيوتهم، فان الامكانية الوحيدة لديهم هي خرق القانون والبناء بدون ترخيص. بركات يقول انه يعتزم حل هذا الوضع الاشكالي. ولكنه قبل ان يحل يعتزم فقط الهدم. بعد ذلك سيتعين عليهم حل مشاكل اكثر تعقيدا بكثير.

خبراء الامن وخبراء في شؤون شرقي القدس يحذرون من ان مثل هذا العمل يمكنه بسهولة ان يشعل الانتفاضة الثالثة، التي ستكون اكثر عنفا من الانتفاضتين السابقتين. ولكن هذا لا يعود مسالة من شغل باراك. فهو ليس مسؤولا الا ان الشؤون البلدية للقدس. الثمن الهائل الذي ستدفعه اسرائيل، اذا ما هدمت المنازل بالفعل واندلعت مجددا مواجهة عنيفة بيننا وبين الفلسطينيين، فان هذا يصبح وجع راس لاخرين: الحكومة، وزير الدفاع، الجيش الاسرائيلي، وبالطبع كل مواطني اسرائيل. ولكن القانون هو قانون والوعد هو وعد، وليس رجلا مثل بركات، الذي يدير احدى المدن الاكثر فقرا واهمالا في اسرائيل هو من سيتخلى عن الفرصة لتنفيذ نص القانون حرفيا.

نص القانون هو ايضا ان رئيس البلدية هو المسؤول عن هدم هذه المنازل، ولهذا فقط اعلن بركات بانه لن يسمح لاحد بالتدخل في قراره. لا رئيس الوزراء، ولا رجال الامن، ولا رجال وزارة الخارجية، المتأكدين من ان هذا الهدم يمكنه ان يهدم كل قطعة خيرة في العلاقات بين اسرائيل والعالم، والذي دفع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لان تتحدث بشكل واضح في هذا الموضوع في اثناء زيارتها الى المنطقة في الاسبوع الماضي. فقد اوضحت كلينتون بالقطع بان الولايات المتحدة ستنظر بخطورة جسيمة الى مثل هذا الفعل. في اللغة الدبلوماسية الرقيقة والتلميحية فان هذه امور واضحة وذات مغزى. تصوروا كيف سيتعاطى العالم المتنور مع اسرائيل اذا ما هدمت المنازل بالفعل، والشرح لذلك، مثلما هو العلاج الدبلوماسي للاضرار، سيقوم به وزير الخارجية افيغدور ليبرمان.

اسرائيل متعلقة بالولايات المتحدة وبالدول الاوروبية، قبل كل شيء لغرض نيل رزقها. في الازمة الاقتصادية الهائلة التي توجد عميقا في داخلها، لا توجد امكانية للتخلي عن اسواق هامة او عن الدعم المالي الامريكي. كما ان اسرائيل لا يمكنها ان تسمح لنفسها بان تتعرض لتنديدات متكررة من جانب الامم المتحدة مجلس الامن، على خلفية قرارات عنصرية. وحتى اولئك الذين يستخفون بالامم المتحدة لا يمكنهم ان يتجاهلوا عزلتنا المحتملة في اوساط العالم الغربي الذي نرغب نحن ويتعين علينا ان ننتمي اليه. واذا ما اندلعت هنا بالفعل انتفاضة ثالثة على خلفية هدم المنازل في شرقي القدس، سيكون من الضروري توجيه اصبع الاتهام نحو نير بركات الذي اغلب الظن سيكون يجلس في مكتبه الجديد والفاخر، يهز كتفيه ويشرح بانه مجرد حارس لتنفيذ القانون نصا وروحا.