خبر فياض والاستقالة ..مصطفى الصواف

الساعة 05:18 م|08 مارس 2009

اختلف المحللون في تقييم خطوة الدكتور سلام فياض رئيس وزراء حكومة السيد محمود عباس في رام الله، والتي تعمل حتى الآن دون أن تنال شرعيتها عبر المجلس التشريعي الذي يمنح الشرعية ويراقب أعمال الوزارات فبقيت هذه الوزارة لا تمثل الشرعية ولا تعبر عن الشعب الفلسطيني. أما موضوع الاستقالة التي قدمها فياض للرئيس عباس فهي توضع في ثلاثة احتمالات أبعدها أن تكون هذه الاستقالة جاءت من قبل فياض حتى يتيح فرصة لنجاح الحوار الذي سيكون في العاشر من الشهر الجاري في القاهرة استكمالا للحوار الوطني. الأول: أن هناك اتفاقاً بين السيد محمود عباس وفياض بأن يكون مرشحه للحكومة القادمة، ولكي يكون كذلك يجب أن يقدم استقالته في محاولة من قبل الطرفين لخداع المتحاورين، والسيد عباس يعلم أن شخصية فياض مرفوضة ليس من قبل حماس فقط بل من قبل جزء من حركة فتح الذي كان يرى أن حكومة فياض تعمل على إضعاف فتح وتشويه صورتها من خلال سياسات حكومته التي ترى فيها فتح أنها إقصائية، ناهيك عن رفض عدد كبير من القوى الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس. المتفق بين القوى الفلسطينية أن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة توافقية من رئيسها وكل وزرائها وهذه الخاصية ليست متوفرة في الدكتور فياض، فهناك الكثير من المواقف ضده، كما أن الطريقة التي جاء بها زمن الراحل ياسر عرفات عندما فرض عليه كوزير للمالية تُعرَّفنا أن فرضه على الشعب الفلسطيني يحمل علامات استفهام حول الأهداف الحقيقية. فياض تحدث أمام البعض أن المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية لن يقبلا بغيره رئيسا للوزراء لأي حكومة قادمة لأنها لن تمنح المال لأي شخصية دونه، ولو رجعنا لخطابات وتصريحات السيد محمود عباس بأن الحكومة القادمة يجب أن تكون مقبولة للمجتمع الدولي لتأكد لنا أن هناك اتفاقاً بين الطرفين على هذه الاستقالة حتى يتم ترشيحه في حكومة الوفاق الوطني بحجة أنه شخصية مقبولة بالنسبة للمجتمع الدولي أي من الرباعية الدولية والإدارة الأمريكية. الثاني: أن سبب إعلان الاستقالة هو الخلافات الكبيرة حول سلام فياض من قبل حركة فتح والتي في غالبيتها ترفض رئاسته، وان هناك ضغوطات مورست من حركة فتح لجعله يقدم الاستقالة، إضافة إلى الأزمة المالية المفتعلة والتي مست برواتب الموظفين الذين في غالبيتهم من حركة فتح، ما أثار القاعدة لدى حركة فتح على سياسته. الثالث: هو أن الدكتور فياض التقط الرسالة من حوار اللجان وخاصة لجنة الحكومة والتي سيكون توافق القوى فيها من سيحدد رئيس الوزراء ومن سيكون الوزراء وفق قاعدة التوافق الوطني، أدرك فياض أن حكومته، كتحصيل حاصل، ستنتهي فور الاتفاق على الحكومة القادمة، حيث الطريق أمامها ليس سهلاً، وحكومة فياض ستبقى تمارس أعمالها حتى يتم تشكيل الحكومة القادمة. نعتقد أن هناك دوافع غير المعلن عنها في الاستقالة، وطريقة تقديم الاستقالة وكلمات السيد محمود عباس توحي بأن وراء الأكمة ما وراءها، ولا اعتقد أن الغيرة على حكومة توافق وطني هي ما دفعت فياض للاستقالة، ولكن حسابات أخرى وراء ذلك. هذه الاستقالة مستعجلة وفي غير مكانها لأن الحوار حول حكومة توافق وطني في لجنة الحكومة الذي سيعقد ستعقد في العاشر من الشهر الجاري في القاهرة لا يملك عصا سحرية لحل كل الخلافات والتوصل إلى حكومة وفاق وطني بعيداً عن الشروط التي وضعها السيد عباس، المسألة بحاجة إلى فترة زمنية أطول من أجل الوصول إلى توافق بعد حل كل الخلافات، كما أن اللجان الخمس مرتبطة يبعضها البعض وان الاتفاق المراد التوصل إليه هو اتفاق رزمة، لأنه من غير المعقول الاتفاق على الحكومة، وهذا مرمى السيد عباس وحركة فتح، وإن اختلف حول الملفات الأخرى كالمنظمة التي يجب أن تسبق الحكومة، أو غيرها من الملفات الشائكة كالأجهزة الأمنية مثلا. المسألة بحاجة إلى روية وطول بال حتى لا نقع في إخفاقات جديدة للشعب الفلسطيني في غنى عنها وهو بحاجة إلى مصالحة ووحدة متينة لا نتهار أمام إشكالية هناك أو إشكالية هناك، فكما أشرنا سابقا المسألة في غاية التعقيد، وهذا يتطلب بحث كل القضايا وحل كل الخلافات على أساس مصالح الشعب الفلسطيني وليس وفق رغبة وشروط الرباعية الدولية أو الإدارة الأمريكية أو حتى الرباعية العربية.