خبر تعلمنا شيئا ما من الفلسطينيين.. هآرتس

الساعة 09:36 ص|08 مارس 2009

بقلم: تسفي بارئيل

شعور بالفرصة الضائعة الكبيرة يبدأ في الاشتعال في النفوس. شعورا يقول انه لو استطال عمر الحكومة المغادرة قليلا لبدت الامور بصورة مغايرة تماما. مثلا لو ان ايهود اولمرت لم يهتم بالفساد لبقي في منصبه ولامكن في هذه الحالة دفع الحوار مع سورية بسرعة اكبر. ولو ان لفني كانت اكثر انتباها لاستطعنا الرقص معا في قاعات الرقص في رام الله. لانه في امريكا الان رئيس امريكي مستعد – بل ويفعل – لتحريك العلاقات بينه وبين سورية. ولديه ايضا رئيسة وزراء تبدو مصممة جدا عندما نقول عبارة "الدولتين لشعبين" لدرجة يبدو فيها انه لا يوجد سبيل اخر. ولكننا نحن على ما يبدو مثل الفلسطينيين نعرف بالضبط متى نضيع الفرصة السانحة. عندما نضجت امريكيا اخيرا وضعنا امامها افيغدور ليبرمان ونتنياهو كدرع واق يحول دون تقدم اية مبادرة.

ولكن بينما تتمرس اسرائيل تمضي المنطقة في جدول اعمالها الخاص. قبالة عيوننا يتبلور تحالف استراتيجي جديد. اطرافه هم:- ايران، سورية، تركيا والعراق. هذا تحالف تمسك روسيا بأوراقه بينما تسعى الولايات المتحدة التي اكتفت في حقبة جورج بوش بموقف المشاهد الانضمام الى الطاولة. التقسيم المريح بين دول عربية "معتدلة" واخرى "متطرفة" لم يعد قابلا للاستخدام. قطر الصديقة تحولت الى حليفة لسورية والسعودية التي سجلت اختراع المبادرة العربية ترسل وزير خارجتها سعود الفيصل الى دمشق. سورية تخطط مع ايران والعراق وتركيا لاقامة شبكة كهرباء موحدة. في الوقت الذي تعتبر فيه طهران عدوة العرب. لحظة العرب؟ طبعا باستثناء قطر والسودان والعراق وسوريا. النظام القديم الذي اعتقدت اسرائيل انها قادرة على ادارته قد تحطم وانهار. الاخيار والاشرار يتبادلون الادوار ويجرون دول الغرب في اعقابهم.

من هو الحليف ومن الخصم؟ ومن الاعمى تحديدا؟ واشنطن التي لا ترى من اين يندلع الارهاب ام اسرائيل التي ما زالت تركز اهتمامها على اقفال بوابات غزة واحصاء كمية السكر والاسمنت والحديد التي تدخل للقطاع؟ ام الولايات المتحدة التي تحاول تبني طرق عمل جديدة في مواجهة التهديد الايراني واقتراح التحالف على روسيا او اسرائيل التي تنبش في قضية نجاعة شراء المنظومة المضادة للصواريخ من امريكا او في المقابل انتاج صاروخ اسرائيلي يكلف مليون دولار ضد صواريخ القسام؟ واي انجاز سجلته اسرائيل لنفسها – الولايات المتحدة اشترطت ارسال التبرعات لاعمار غزة باطلاق سراح جلعاد شليت. وان لم تقم امريكا بارسال المال؟ كم سيتبقى للاعمار: (5.5) مليارد ناقص (900) مليون وهذا ضعف ما تحتاجه غزة اصلا.

وماذا سيحدث ان تم تطبيق المصالحة بين فتح وحماس وشكل العدوان حكومة وحدة تبدأ الدول الاوروبية باجراء الحوار معها وتوقيع العقود ودعوة ممثليها لزيادة عواصمها؟ فبريطانيا كما نعلم مستعدة لخوض حوار مع حزب الله. صحيح انها تحصر ذلك بالجناح السياسي من الحزب (وكان الفصل بين الاجنحة ممكن). وماذا عن حماس؟ سيجدون لها مفاوضا اوروبيا عما قريب.

ومن هو الذي لا يفهم ما يحدث هنا؟ الدول الغربية التي سئمت الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين ام اسرائيل التي تسوي حساباتها مع من يقاطع مؤسساتها الاكاديمية وتصب غضبها على من ينتقص ويقلل من تعريفات عدوها؟

ولكن ها هي فرصة اخرى للصحوة تأخذ في الاقتراب. فرصة لطرح رؤية مغايرة ورفع راية جديدة. بعد ثلاثة اسابيع سيعقد في قطر مؤتمر القمة العربية الذي يعتبر طقوسا فارغة عادة الا انه حدد مجريات الواقع مرتين. في المرة الاولى كان ذلك في الخرطوم في عام 1967 عندما اطلقت اللاءات الثلاث ضد اسرائيل (لا صلح لا تفاوض لا استسلام) وفي المرة الثانية كان ذلك في بيروت مع اطلاق مبادرة (2002) التي تقترح معانقة اسرائيل. خلال (33) عاما تغيرت الرؤية الاستراتيجية العربية وبامكانها ان تتغير مرة اخرى. بامكانها ان تتغير في هذا الشهر مرة اخرى ان بادرت اسرائيل لطرح رؤية جديدة واضحة. ولكن من الافضل لنا ان لا نلتقط انفاسنا فقد تعلمنا جيدا كيف نضيع الفرص:- هذا ما يحدث لك عندما تعيش مع الفلسطينيين لفترة طويلة جدا.