الشهيد "وائل البيطار": صاحب الابتسامة الصادقة والعطاء الغير محدود

الساعة 02:27 م|25 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

إنهم الشهداء صناع التاريخ، بناة الأمم صانعو المجد، يبنون للأمة كيانها ويخطون لها عزتها، هم شهداء يشهدون أ المبادئ أغلى من الحياة يزرعون الخير والعمل الصالح أينما كانوا، عندهم القيم أثمن من الأرواح، وأن الشرائع التي يعيش الانسان لفعلها أغلى من الأجساد.

نقف اليوم على سيرة رجال سطروا في حياتنا كل معاني الخير والصلاح وحب العمل والتقرب إلى الله عز وجل، رحلوا بأجسادهم وبقيت سيرتهم العطرة تفوح بين أنفاس مجاهدين تربوا على أيديهم وعاهدوا بالمضي قدما على طريقهم المحفوفة برضاء الله ورسوله الكريم، حديثنا اليوم عن الشهيد المجاهد وائل البيطار.

بزوغ الفجر

ولد الشهيد المجاهد وائل محمود إبراهيم البيطار بمدينة غزة  في حي الشجاعية في الثامن من يناير لعام 1972م، في أحضان عائلة ملتزمة دينياً مجاهدة أرضعته حب الوطن، هاجرت من أراضيها المحتلة عام 1948م من مدينة يافا، وتزوج شهيدنا من امرأة صالحة لعائلة محافظة ملتزمة دينياً وأخلاقياً، وأنجب منها 4 أبناء وبنتين رباهما على حب الوطن والقضية.

مسيرته التعليمية

درس الشهيد وائل البيطار المرحلة الابتدائية في مدرسة صلاح الدين ثم انتقل بعدها إلى مدرسة الهاشمية ليكمل المرحلة الإعدادية، ثم جاءت أحداث الانتفاضة عام 1987م، فانقطع عن الدراسة ليشارك مع الثائرين بالتصدي للعدو الصهيوني، وهذا ما جعل شهيدنا أبو محمد بالالتحاق بركب حركة الجهاد الإسلامي، بعد انتهاء الانتفاضة أكمل مرحلته الثانوية في مدرسة عبد الفتاح حمودة، ثم بعدها التحق بجامعة الأمة وتخصص في مجال الصحافة والإعلام.

دائم الابتسامة

كان الشهيد المجاهد وائل البيطار بشوش الوجه دائم الابتسامة، كل من عرفه أحبه من شدة تواضعه، يحب الجميع ومساعدة الناس ومبادر لعمل الخير، ملتزم كل الالتزام أخلاقياً وأدبياً، كان يتمتع بروح معنوية عالية تجاه أهله وأصحابه، اعتاد على حب المساجد منذ صغره ومحافظ على صلاة الجماعة، وكان نعم الأب لأبنائه ونعم الزوج لزوجته.

حياته

وعن حياة الشهيد وائل البيطار تحدث نجله البكر "محمد" قائلاً: "كان أبي الأب المثالي في كل شيء الذي يريد أن يخرج من صلبه عائلة تتمتع بالأدب والأخلاق والدين، شديد وحنون بنفس الوقت، ينمي مواهب أبنائه ولم يقصر بشيء تجاههم بكل ما يحتاجون".

وأضاف خلال حديثه لموقع السرايا: كان والدي رحمه الله يطمح بأن يكون أبنائه من الذين يخدمون المجتمع لا المجتمع يخدمهم، وكان يحبب أبنائه على حب الجهاد وفلسطين وطريق المقاومة ضد العدو، رغم وجود العوائق إلا أنه كان يحث أبنائه على العلم حتى كان يحث نفسه على التعلم.

قلبه معلق بالمساجد

كان الشهيد المجاهد وائل البيطار من الذين يعشقون بيوت الله وصلاة الجماعة، فقد وضع بصمة بالتزامه في بيوت الله، وكان ينتظر شهر رمضان المبارك بشغف وحب ليس للعبادة فقط بل للاعتكاف في المساجد، تلك العبادة التي لا ينالها إلا المخلصين لله عز وجل، فكان يعتبر المسجد بيته الثاني من شدة تعلقه بها.

كان للشهيد المجاهد وائل البيطار بصمة خفية في انشاء المساجد لا سيما مسجد جعفر بن أبي طالب، ومسجد الرحمن في الحي الذي يقطن فيه.

رحلته الجهادية

انخرط الشهيد المجاهد وائل البيطار في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ نشأتها بدافع حب الجهاد والمقاومة وإعجابه بطريق هذه الحركة التي أُنشأت لتحرير فلسطين من العدو الصهيوني، فكان منذ صغره يشارك في مواجهة العدو برمي الحجارة حتى في الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة" عام 1987م، ولم يتوقف عن الجهاد رغم ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تلك الفترة.

والتحق في صفوف سرايا القدس منذ ريعان شبابه، وتلقى العديد من الدورات العسكرية التي أهللته ليكون أحد فرسان السرايا الميامين، وخلال مشواره الجهادي كانت له العديد من الصولات والجولات، حيث شارك إخوانه في الرباط على الثغور وإطلاق الصواريخ تجاه أراضينا المحتلة، والكثير من الأعمال الجهادية التي زادت فيه حب فلسطين، ورغم كبر سنه إلا أنه كان من الصفوف الأولى التي يحبها الله ورسوله.

وتدرج الشهيد وائل البيطار في صفوف سرايا القدس حتى أصبح مسؤول الانضباط العسكري في كتيبة التفاح، كما عمل مسؤولاً لوحدة الإعلام الحربي في كتيبة التفاح وذلك نظراً لمهارته وتخصصه الجامعي  بهذا الجانب، فعمل على تطوير وحدة الإعلام، بالإضافة إلى قيامه بتصوير وصايا المجاهدين والدورات العسكرية والكثير من العمال الجهادية التي عمل على توثيقها عبر عدسته.

وخلال عمله في المجال الإعلامي عمل مديراً لشركة دوحة الإبداع للثقافة والفنون، وشركة رؤى للإنتاج الفني التي كان لها دوراً مميزاً في إنتاج أناشيد ومقاطع فيديو لسرايا القدس والمقاومة الفلسطينية.

ونظراً لنشاطه الجهادي الذي تميز به خلال عمله في الميدان، تعرض الشهيد المجاهد وائل البيطار أكثر من مرة لمحاولات استهداف صهيونية له برفقة إخوانه المجاهدين، ولكن عناية الله لهم كانت أقوى من مكر العدو الصهيوني.

رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم

ويروي أبناء الشهيد المجاهد وائل البيطار أنه أخبرهم قبل استشهاده بأيام قلائل أنه رأى سيدنا محمد صل الله عليه وسلم في منامه أكثر من مرة، حتى أن النبي جاء له في المنام وأعطاه نظارة قائلاً": خذ هذه النظارة حتى  يرد إليك بصرك"، ولكن قدر الله عزوجل كان أسرع.

موعد مع الرحيل

في تاريخ 15 / 11 / 2020م، كان الشهيد المجاهد وائل محمود البيطار على موعد مع لقاء ربه إثر جلطة قلبية مفاجئة أدت لاستشهاده، بعد حياة حافلة من الجهاد والتضحية والعطاء في سبيل الله.

رحل أبو محمد الذي لا يعرف معنى الكلل والملل، رحل إلى ربه، وترك خلفه سيرةً عطرة يفوح عبيرها بين أجيال من المجاهدين الذين تربوا ونشأوا على يديه.

كلمات دلالية