خبر القدس في خطر../ د.جمال زحالقة

الساعة 06:54 م|06 مارس 2009

أبلغ الديبلوماسيون الأمريكيون المرافقون لوزيرة الخارجية الأمريكية، السيدة هيلاري كلينتون، السلطة الفلسطينية أنهم تلقوا تعهدات إسرائيلية بتعطيل جرافات الهدم في القدس، ما دامت حضرتها موجودة في البلاد والمنطقة. وعندما وصل الخبر إلى الأهالي فهم بعضهم خطأً أن عمليات الهدم مجمدة طالما هي موجودة، أي موجودة في منصبها، وليس موجودة في المنطقة فحسب.

 

الحقيقة أن تأجيل عمليات الهدم بضعة أيام هو "إنجاز" يدل على طبيعة انجازات السلطة الفلسطينية، وعلى إصرارها على أن تكون "قليلة الحيل" أمام العدوان الإسرائيلي المستمر على شعبنا، والذي لا يمكن حصره بالغارات الوحشية والقتل والدمار، بل هو عدوان يومي من استيطان وحواجز وحصار وإذلال وتهويد وغير ذلك من إبداع محتلين يمارسون احتلالهم كل يوم وكل ساعة.

 

إن ما تقوم به السلطة والعالم العربي لتعزيز صمود أهلنا في القدس هو فضيحة تقارب المصيبة. ولعل الفضيحة الكبرى هو استمرار المفاوضات في حين تصعّد إسرائيل من مشروعها الاستراتيجي لتهويد مدينة القدس ومحاصرة الوجود الفلسطيني فيها.

 

الحديث عن تقسيم المدينة، وإعلان أطراف إسرائيلية مركزية عن موافقتها على تقسيم وفق شروطها، لم يخفف من عملية التهويد بل زادها. لقد تحول مبدأ الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون: ما هو عربي لفلسطين وما هو يهودي لإسرائيل، إلى محفّز للتهويد لدى المخطِط الإسرائيلي، الذي يحضر لهذه الإمكانية أيضاً من خلال توسيع رقعة ما هو يهودي ليبقى إسرائيلياً في الحل، إن أتى الحل.

 

جاءت الإنذارات الأخيرة التي تلقاها سكان 88 منزلاً في حي البستان في سلوان، وأصحاب 55 شقة سكنية في حي رأس خميس في مخيم شعفاط ،والمئات من الإنذارات الأخرى في الشيخ جراح والعيساوية وبيت حنينا وغيرها، لتؤكد أن بلدية القدس، ومن خلفها الحكومة الإسرائيلية، قد اتخذت قراراً بتصعيد عمليات الهدم في الأحياء العربية، وهي في المقابل تقوم بتسريع تخطيط وتنفيذ مشاريع الاستيطان في مناطق عديدة من القدس المحتلة. وهذه الحملة هي بمثابة امتحان لأهلنا في القدس وكل من يقف معهم.

 

الامتحان هو هل يمكن لإسرائيل أن تهدم من دون أن تدفع ثمناً، ومن دون أن تنفجر الأوضاع في وجهها. وإذا استطاعت إسرائيل، لا سمح الله، أن تنفذ مشروع الهدم الحالي، فهي ستستمر في هدم آلاف المنازل التي أصدرت البلدية ولجان التخطيط والمحاكم الإسرائيلية أوامر بهدمها.

 

هناك مؤشرات واضحة إلى أننا أمام مرحلة جديدة في مشروع تهويد القدس، ويبدو أن إسرائيل تنوي تنفيذ مشاريع التهويد التي أعدت خلال العقود الماضية. هذا التصعيد الإسرائيلي يستلزم رداً فلسطينيا حازماً، وأوله التحرك الشعبي والمؤسساتي في القدس دفاعاً عن البيت والأرض والوجود، ويستلزم أيضاً موقفاً وعملاً من السلطة الفلسطينية التي عليها أن تعلن وقف المفاوضات ما دامت جرافات هدم المنازل العربية وجرافات الاستيطان هي التي تفاوض نيابة عن إسرائيل.

 

القدس بأهلها ومقدساتها ومنازلها وأرضها في خطر، وهي اليوم أكثر من أي وقت مضى تستصرخ الشعب الفلسطيني والعرب وكل صاحب ضمير حي في هذا العالم أن يسارع إلى نصرتها وإنقاذها من مشاريع التهويد والترحيل والهدم.