خبر ان تكون وزير دفاع او تتوقف..معاريف

الساعة 11:00 ص|06 مارس 2009

بقلم: بن كاسبيت

باراك اهارون – باراك ايهود

في يوم الاربعاء صباحا جرى في ديوان رئيس الوزراء في القدس نقاش امني سري. ايهود اولمرت جاء للجلسة في حالة مزاجية جيدة. كانت لديه طريقة ابداعية لاعطاء وزير العدل حق الكلام: "دانيال فريدمان هو شخص هام، هيا بنا نسمع رأيه"، قال. الوزير اسحاق هرتسوغ انضم اليه وقال: "انت بالتاكيد رجل هام يا داني" قال للبروفيسور فريدمان، "فانت كنت قلب حملتنا الانتخابية". فريدمان المرتبك كعادته نظر الى هرتسوغ وقال "هذا صحيح يا بوبي كل حملتكم ضاعت علي، ولكن يبدو لي ان هذا لم يسعفكم شيئا". اولمرت وتسيبي لفني انفجرا ضاحكين. لفني لانها تشعر بالانطلاق، والرضا عن النفس وتنظر بفضول لالتواءات نتنياهو. اولمرت ضحك لان عزاءه الوحيد في هذه الايام هو معاناة واثقال ايهود باراك. "حسنا اجمل رئيس الرئيس الوزراء الضحك، هناك في حزب العمل تحديدا اشخاص جيدين والمشكلة هي في القيادة". واين كان قائد حزب العمل خلال هذه اللحظة؟ في الخارج.

ايهود باراك وزير الدفاع، الذي كان وجوده في هذا النقاش المحدد ضروري جدا، جلس طوال النقاش في غرفة اخرى ولم يكلف نفسه عناء الدخول للمشاركة. وتحدث عبر الهاتف. في ذات الصباح نشرت معاريف تصادمه مع رئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي الذي حدث في صبيحة اليوم السابق، في نفس المكان (ديوان رئيس الوزراء)، وكان هناك نقاش امني ايضا. قبل ذلك بيوم نشرت معاريف تدخل قضاة متقاعدين في حملة الضغوط الممارسة على باراك للدخول في حكومة نتنياهو. هذا كان صباحا صعبا ومؤشراته لمست في صوت باراك. هو خاض حربا يائسة ضد من يسميهم "جبهة الرفض" المعارضين لدخوله للحكومة ( يحيموفيتش، كابل، بينس، تامير واخرون). هو رفع سماعة الهاتف واتصل بهم بحلفائه الاخذين في التناقص واحدا واحدا: فؤاد، شالوم سمحون، مستشاره الاعلامي روني موشيه، واخرون. اغلبية غضبه صبت على شيلي يحيموفيتش. هو امر مستشاره الاعلامي بنفي ما نشر حول انه عرض عليها وزارة الصناعة والتجارة. "لم يحدث مثل هذا الامر ان تتسرب محادثة بين اثنين للخارج"، غضب باراك، "فلتنفي ذلك ولتقل انه ليس من الصحيح عرض مناصب لم تولد بعد ولتقم بقرصها خارج السجل".

هذا ما ينقص باراك حقا. حرب مع شيلي يحيموفيتش. في وضعه هذا يتبين انه قد عرض عليها حقيبة الصناعة والتجارة حقا. اذا لما ينفي؟ لو تحقق من الامر لتكشف ان من سرب عرضه لم تكن شيلي يحيموفيتش. بعد ذلك في محادثة اخرى قال انه تحدث مع وزير العدل فعلا وكذلك مع بعض القضاة. هو كان يعلق بذلك على ما نشر بصدد مساهمة اهارون باراك في ممارسة الضغوط عليه للدخول للحكومة. هذه مسالة سنعود اليها لاحقا. مع فؤاد كانت له محادثة سياسية يائسة. غضبه صب على القيادة الشابة في حزب العمل (هناك امر كهذا كما يتبين) التي وجهت له مهلة انذارية في ذلك الصباح. "ماذا يعنون بالمهلة الانذارية؟ افعلوا كل ما بوسعكم لمنع وضع يوجهون لي فيه مهلة كهذه" قال لاتباعه.

ليس هناك شيء يكرهه اكثر من المهلة الانذارية. ايهود باراك يكره ان يكون مقودا وان يظهر في صورة المناور. هذا هوس بالنسبة له. وقد تسبب ذلك بادخاله في مشاكل وحماقات كثيرة. هو يحب ان يقود الناس ولكن السؤال الى اين يقود نفسه الان؟ هو يقود نحو حرب عالمية. وحزبه؟ للضياع. بالنسبة له اما ان يكون وزيرا للدفاع او لا يكون. ان تعلق الامر بقادة الحزب فهم يريدونه ان لا يكون. عما قريب ستشهر السكاكين والبنادق. الوضع سيصبح قبيحا مقززا. في دائرة باراك القريبة يتحدثون عن الخيارات الماثلة امامهم. ماذا سيفعل في المعارضة؟ لا شيء. حزب كاديما سيقود ولفني ستصبح نجمة بينما يجلس هو جانبا مثل الكلب وبعد عام او اثنين سيقيلونه من رئاسة حزب العمل وستلفظ جثته السياسية هامدة منتفخة ومشوهة نحو الصحراء. يطرحون هناك امكانية ان يقوم بما فعله ديان. ما الذي يمكن ان يحصل؟ سيكون وزير دفاع مهني من دون حزب ومن دون مشاكل. ذلك لانه وعد في حملة الانتخابات التمهيدية بانه قد تعلم الدرس وانه لن يلمس السياسة وسيركز على الشؤون الامنية والعسكرية فقط. اذا ها هو اخيرا ينفذ وعده. في حكومة اليمين – الاصوليين بقيادة نتنياهو، هو سيمسك بالدفة العقلانية. الراسخة. مثل ما فعل ايتسك موردخاي في حكومة بيبي في الجولة السابقة. هو سيراكم التعاطف اخيرا. سيكون مرساة جدية. مستر امن. امل الامريكيين والاوروبيين الوحيد وربما ايضا الجمهور الاسرائيلي سيقتنع اخيرا في اعقابهم. وماذا سيفعل بعد ذلك، بعد عامين مثلا استعدادا للانتخابات القادمة؟ سيفعل ما هو متاح. بالتاكيد سيحدث شيء ما في هذه الاثناء. هناك احتمالية بان يتم ترميم صورته الشعبية ويتحول من عبء الى ذخر. سيستوعبه الليكود او كاديما او يدعوه حزب العمل للعودة او يعده نتنياهو بالبقاء في وزارة الدفاع لحكومته القادمة، او لا شيء. الامر المؤكد كما يقول المقربون هو ان البقاء كوزير للدفاع ولو لوحده هو خيار افضل من الخيارات الاخرى.

ولكن هناك مشكلة. في الواقع، هذا الخيار ليس قائما. ايهود باراك؟ دايان؟ هذه مسالة لن تكون. هذا ما يقوله يعقوب ليئمان في  المحادثات المغلقة. ليس هناك اقتراح كهذا. باراك مدعو للقدوم ولكن فقط مع الامنية. مع نفسه، نحن لسنا بحاجة له. ما الذي سيكسبه بيبي من هذا باستثناء التصادم مع بوغي يعلون ويوفال شتاينتس ودان مريدور؟ ماذا الا يكفيه سلفان شالوم الجالس على رقبته؟

اذا فها هو باراك يقود الصراع. مثل السابق بعد هزيمته في عام 2001 عندما حاول بما تبقى من قوته البقاء في وزارة الدفاع لدى اريئيل شارون. حاييم رامون طرده بالعصي. في ذلك الحين ايضا كان شالوم سمحون المخلص الاخير اليائس الذي فرط به وراء خطوط العدو وسقط في الاسر. باراك لم يتعلم الدرس وها هو يعيد الكرة. في هذا الاسبوع تورط مرتين. مرة مع العالم القضائي واخرى مع الجيش. ليس هناك احد مستبعد من التجنيد من اجل المساعي الوطنية المتاخرة باباحة بقائه في الطابق الرابع عشر من البرج في مقر وزارة الدفاع. كلهم يؤيدون واحدا، وهذا الواحد يستخف بالجميع. اولهم كانوا قضاة المحكمة العليا المتقاعدين. المحامي يوفال الباشان يطلب في هذا السياق التاكيد بان اهارون باراك لم يطلب ارسال رسالة لايهود باراك ولم يطلب التدخل في تشكيل الائتلاف. هذه كانت محادثة شخصية. ولكن الباشان معجب كبير بايهود باراك ومؤيد (سابق) له وقد نقل ما سمعه من اهارون لايهود. وهكذا ولدت الرسالة. هكذا هي العادة انت تتحدث مع احد ما يعرف انك ذو صلة بالطرف الاخر فتقوم انت باعلام هذا الطرف الاخر. كل شيء يتشوش عندما يكرر الطرف الاخر قول ذلك علانية.

على اية حال اهارون باراك يشعر انه قد ظلم وذلك لان الباشان اتصل به بنقل الرسالة على مسؤوليته. هكذا يتاح لرئيس محكمة عدل عليا متقاعد ان يواصل الادعاء انه نقي. يطلق الرسالة ويقول انه ليس صاحبها. الباشان لم يخرج ذلك للخارج ولو اعتمد الامر عليه لبقي ذلك في السر كما يجب.

الذي اخرج هذه الحكاية هو ايهود باراك نفسه في جلسة حزب العمل في يوم الاثنين ظهرا في الكنيست عندما قال "يناشدونا كبار القضاة المتقاعدين وانا اقصد الكبار منهم، بان ندخل للحكومة". المشكلة هي انه ما ان كشف باراك السر حتى تشوش كل شيء. ذلك انه ليس من المفترض بقضاة المحكمة العليا ان يتدخلوا في السياسة. مع مرور السنة وخصوصا اهارون باراك، طوروا مهارة التدخل السري. رويدا رويدا بلطف ومن دون ترك بصمات مثل الحلزون. وفجأة ها هي القصة تخرج بصورة مدوية ولذلك انطلقت حملة النفي والادعاء ان هذا كلام فارغ.

هذا ما تذكرنا به تلك المقالة التي نشرها اري شافيت عشية الانتخابات، حيث اتضح ان تسيبي لفني هي الخطر المحدق الفوري والاشد لوجود اسرائيل. اهارون باراك لم ينفي حتى هذه اللحظة انه كان المصدر الرئيسي لشافيت. شافيت ايضا وبالمناسبة لم ينف . اذا انتبهوا لاهارون باراك: هو يصفي حساباته مع لفني التي اصرت في عهده على تعيين بروفيسورة روت غابيزون لمحكمة العدل العليا.اهارون باراك عرقل التعيين حتى لا يمس ذلك بوحدة الصف في المحكمة العليا وحتى لا يتسرب الى هناك لا سمح الله صوت مختلف عن صوته وصوت قطيع الاغنام الذي يسير من وراءه. الان ها هو يوجه ضربته لها وبالطبع من خلال شافيت ناشر البيت فياتي الانتقاد. وفي نفس التذكرة يدفع باحتمالات دخول باراك وحزب العمل للحكومة حتى يتمكن من البقاء في وزارة الدفاع ويبقى كاديما في الخارج ودانيال فريدمان يرحل اخيرا الى بيته وينجو القانون بشق الانفس مرة اخرى.

ولكن العكس هو الذي حدث. لم تساعد المقالة، وباراك تلقى على رأسه هزيمة قوية ومن سيرحل الى البيت هو نفسه وليس فريدمان اما فريدمان فسيبقى. يتبين ان هناك عدالة احيانا. اهارون باراك كان رجل قانون كبير ولكنه سياسي صغير.

نتنياهو – ليبرمان

اية جلبة رائعة تجري في الباحة الخلفية وكذلك الامامية لبنيامين نتنياهو. الجميع ضد الجميع. عوزي اراد تمكن من اهانة السفير الاسرائيلي في واشنطن سالي مريدور وتركه خارج اللقاء الذي عقد مع هيلاري كلينتون. مشكلة تاشيرة اراد لم تعالج مسبقا. كل من يفهم في الشؤون الامريكية يعرف ان نتنياهو كان سيحسن صنعا لو بذل الجهد لدى الامريكيين قبل ان يعين اراد بمنصب رئيس مجلس الامن القومي (يعقوب عمدرور مرشحا لان يكون نائبه). الان عندما تقرر التعيين، قد يصر الامريكيون على انهم يكرهون الاملاءات. عدا عن ذلك كل من تبقوا يتشاجرون فيما بينهم. نتنياهو ارسل اقتراحا غريبا لاحد ما باسم ليران دان لان يكون مستشاره الاعلامي وبعد ذلك نفى. اسحاق مولكو يشغل الان منصب المبعوث الخاص للفلسطينيين. المفاوضات الائتلافية تراوح في مكانها. سلفان شالوم يصر. هناك خلافات في الاراء داخل الطاقم. احد الاشخاص الذين يتولون مهمة تشكيل الائتلاف يقول ان نتنياهو مصمم على جلب حزب العمل وان الامنية يجب ان تكون على راس دانيال فريدمان. لان ايهود باراك ملزم بجلب انجاز. عضو اخر في طاقم المفاوضات يقول امورا معاكسة: ان ايفيت لن يتنازل عن فريدمان. يجب تعليم اولئك القابعين في محكمة العدل العليا درسا ابديا. حزب العمل او كاديما سيدخلان زاحفين على اربع بعد نصف عام عندما يروا ان الحكومة تؤدي دورها ولا تسقط. ستكون الامور على ما يرام.

ايضا في قضية افيغدور ليبرمان هناك اراء متباينة. هناك اشخاص على قناعة ان من الواجب اقناعه باخذ وزارة المالية. من الناحية الاخرى بيبي نفسه يريد ان يصبح وزير المالية او على الاقل وزيرا للشؤون المالية. سلفان شالوم حذره في يوم الاربعاء من هذا التوجه. اخرون يعتقدون ان ليبرمان في وزارة الخارجية هي اصابة للهدف، بفضل لغته الروسية. في القضية الايرانية روسيا هي دولة مركزية. علاقات ليبرمان مع الكتلة الشرقية قد تكون مجدية ومن يعرف ايفيت يعرف انه سيروق للكتلة الغربية ايضا. عندما تكون هناك حاجة هو اكثر شخص براغماتية في العالم.

ليبرمان في الوقت الحالي لا ينوي التراجع عن مطلبه بابقاء دانيال فريدمان. هو لا يطيق ايهود باراك لذلك لن يتيح له التمتع بهذه المتعة. من الناحية الاخرى هناك من يعتقدون ان فريدمان هو عنزة ليبرمان. وسيقوم في اللحظة الاخيرة باخراجه من الصالون ليدخل الفيل. وما هو الفيل؟ الفيل هو نفسه وزير الخارجية. سلفان شالوم لا يتنازل. في المرة السابقة ايضا لحكومة شارون خاض الصراع وانتصر. هذه المرة هو اشد ضراوة فالظروف مختلفة.

شالوم ناشد نتنياهو في يوم الاربعاء بان يعد لليبرمان حقيبة تناسب مقاساته. نائبا لرئيس الوزراء مع حقيبة اقتصادية هامة ومع منظمات سرية وحوار استراتيجي وكل ما يريده. ليبرمان يسخر من ذلك لا نائبا لرئيس الوزراء ولا بطيخ. عندي لا توجد امور كهذه كل شيء يجب ان يكون مكشوفا فوق الطاولة. قلت انني اريد حقيبة الدفاع. لا يريدون اعطائي اياها فليعطوني حقيبة الخارجية. اما المالية فليأخذوها. لان مشكلتنا الحقيقية هنا هي الاقتصاد. بيبي تعهد بكميات كبيرة من المال وانا ليست انوي ان يسقط كل ذلك فوق راسي.

وضع المال

ليبرمان محق. انه الاقتصاد يا احمق هذه هي الحكاية الان. ومن هذه الناحية نتنياهو هو الرجل الصحيح. هو يفهم في ذلك وربما يجد الشجاعة ليفعل امورا غير اعتيادية مثل اختراق جمودية وزارة المالية. في الاشهر الاخيرة نشرت هنا عدة مرات نبوءات المستشار الاقتصادي افي تيومكين. في الرابع والعشرين من تشرين الاول 2008 جرى الحديث هنا عن الاستعراض الذي قام به تيومكين امام كبار المسؤولين في المالية قبل ذلك باشهر. ان تحققت نبوءاته السوداوية فنحن في مصيبة عظيمة، هذا ما كتبته في ذلك الحين. وبالفعل ها هي نبوءاته تتحقق كلها حتى اخر واحدة منها، اسود من السواد. امور لا تصدق. يمكن، قال قبل عامين ان اليورو سينهار والعملة ستختفي بهذه الوتيرة. والان يقولون ذلك في مجلة الايكونوميست. ولكن هنا في القدس لم ياخذ اي احد نبوءاته على محمل الجد. المالية سخرت من ذلك. هو قال لهم انهم سيحصلون على بنك هبوعليم بهذه الوتيرة مرة اخرى من قبل ان يقوم بخصخصة بنك لئومي. وقال لهم ان السوريين على الجدران ولكنهم لا يفكرون باستدعاء الاحتياط. ولكنهم سيواصلون التحدث عن "جزيرة الاستقرار" وعن الوضع الرائع الذي تدخله اسرائيل في هذه الازمة. ولكن الوضع ليس رائعا في الواقع. هو وضع فظيع وسيصبح اشد فظاعة.

ملحق معاريف "عساكيم معاريف"  نشرت في هذا الاسبوع مشروعا خاصا حول عجز وزارة المالية. في كل العالم يقومون بصب جبال من المال على الاقتصاد الآيل للسقوط من اجل احيائه. هذا هو الوقت الاكثر ملاءمة، الان. بدلا من ذلك يتحدثون في المالية عن التفاهات المعتادة حول تدريج الاعتمادات والفائدة وما الى ذلك وغيرها من الفرضيات والنظريات الاقتصادية التي اشتعلت فيها نيران كبيرة. تدريج الاعتمادات يقلقهم الان. "ديماركر" نشرت ان نتنياهو ينوي زيادة المخصصات. خطوة صحيحة. ليس من اجل مساعدة شاس وانما من اجل اعادة الاموال للاسواق. يجب الحفاظ على النبض الاخذ في الضعف. ان مات فلن يتمكن احد من احيائه. هناك انطباع بان نتنياهو يفهم الوضع الان. ربما كان هذا هو السبب وراء حالته المزاجية الهابطة. وعما قريب سنصاب نحن بنفس الحالة.