خبر الحوار والأعمار ومخصصات الأسرى تكريسا للتدخلات والاشتراطات!!! ..د. حسن أبو حشيش

الساعة 07:11 ص|06 مارس 2009

في جلسات الحوار التي تمت في القاهرة افتتح الوزير عمر سليمان اللقاء الموسع وسط تفاؤل كبير رغم عظم العقبات والتخوفات , ومما أكده معالي الوزير هو ضرورة البعد عن المحاور والتدخلات الإقليمية والخارجية , وهذا مبدأ جيد ومقبول على الجميع , وخاصة أن من الأسباب الأساسية للانقسام الفلسطيني هو المعادلة الدولية والحسابات الإقليمية والعربية والاشتراطات السياسية التي كانت تُملى على الفلسطينيين وطريقة إدارة حياتهم ,والتي برزت بشكل واضح للرأي العام بعد الحصار ووقف الدعم المالي ورفض التعامل مع الخيار الديمقراطي وإفرازاتها بعد الانتخابات يناير عام 2006 م , لذا كانت كلامات الوزير مهمة جدا لإنهاء هذه المشكلة في بدايات الحوار .

 

ولكن لم تجف كلمات افتتاحية الحوار في القاهرة حتى خرج تصريح للسيد أبو مازن خلط الأوراق من خلاله , وأربك الساحة , وأقلق فيه الجمهور الذي هو تواق للوحدة ... هذا التصريح أكد فيه اشتراطات الإقليم وحسابات المحاور والتدخلات الخارجية  حين قال :" أننا نريد حكومة فلسطينية تقبل ببرنامجنا وباتفاقياتنا الموقعة وبرفح الحصار وقبولها من المجتمع الدولي ... " أليس هذا نقضا لما تم تثبيته في القاهرة ؟! أليس هذا فرضا لشروط المحاور والإقليم والمجتمع الدولي غير المنصف  ؟! وهنا أسال سؤالا حول رد فعل الجميع كيف سيكون لو كان هذا التصريح صادر من حماس أو أي فصيل من فصائل المقاومة التي لا تلتقي مع عباس وبرامجه السياسية ؟!

ثم انعقد مؤتمر إعمار غزة في شرم الشيخ بحضور أكثر من سبعين دولة على مستوى العالم, وتباينت الكلمات , وتناقضت فيما بينها , لقد كان حفلا كبيرا وعملاقا ذكرنا بمؤتمر أنا بوليس   ومؤتمر باريس الاقتصادي للسلطة الفلسطينية , المؤتمر تمكن من تجميع خمسة مليارات دولار لدعم السلطة  غزة رغم أن الهدف الأساس والمعلن هو دمار غزة وإعمار ما دمره الاحتلال في الحرب!!! وانتهى المؤتمر دون تحديد الآليات والطرق للتنفيذ , ولم يد الشارع الفلسطيني هل يتصل الأموال أم لا ؟! وهل سيكتفي المتبرع بالموقف الإعلامي والاحتفالي فقط ؟!

 

ومن بين المعاني التي تناولتها كلمات المؤتمر هو استحالة اعمار غزة بدون تهدئة مع الاحتلال , وبدون فتح كل معابر غزة , وإنجاح الحوار وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية , وإنهاء ملف تبادل الأسرى... والسؤال المطروح أليس هذه الملفات كلها لدى المقاومة برئاسة حركة حماس , وهي الطرف الوحيد الذي يملك هذه القضايا ؟! رغم ذلك تم تغيبها عن المؤتمر  رغم وجود حضورها كونها صاحبة هذه الملفات , وكونها في الأساس هي الحكومة الرسمية التي نالت ثقة التشريعي المنتخب ديمقراطيا ؟! أليس هذا غريبا وتناقضا مع دعوات تجنب الساحة الفلسطينية لعبة المحاور والاشتراطات والتدخلات ؟!

 

وفي أعقاب المؤتمر زارت وزيرة خارجية الولايات الأمريكية هيلاري كلينتون الكيان الصهيوني ورام الله وكررت في تصريحاتها شروطها لقبول حماس , بان تعترف بشروط الرباعية التي تعني تناقضا كاملا مع برنامجها وفلسفتها وثوابت الشعب الفلسطيني , ومما يعني استمرارا في تطبيق الأجندة الدولية والإقليمية في الشأن الفلسطيني الداخلي الذي من شأنه إن لم ترفضه كافة الأطراف المُتحاورة في القاهرة قولا وفعلا , أن يُقوض أي تحرك لإنهاء الانقسام وإنجاح الحوار , وهنا من الضروري أن يكون موقفا حاسما للجهة الراعية وهي مصر , وللجامعة العربية مُستخدمة علاقاتها الدولية والإقليمية والعربية لوقف هذا التدخل , وترك الفلسطينيين في شأنهم الداخلي في ظلال بُعدهم العربي والإسلامي والإنساني العادل .

 

وبينما نحن نتابع ما يجري في شرم الشيخ وتصريحات محمود عباس وتصريحات خافيير سولانا ممثل الإتحاد الأوربي وكلينتون وزيارة بلير... وعلاقة كل هذه التحركات والزيارات إلى غزة والتصريحات بنجاح الحوار والأعمار...إذا بقرار من عباس بصرف مبلغ إضافي لراتب الأسرى المنتمين لمنظمة التحرير الفلسطينية دون أسرى بقية الفصائل , وهذه خطوة تكريس لعدم صلاحية تمثيل المنظمة للكل الفلسطيني ,وتُعكر الحوار , وتتناقض مع ما تم التوافق الوالي عليه , لا ادري هل هذا قرار من سياسي مخضرم , ومن عاقل , أم هو تخبط واستمرار في الانتحار السياسي , وترسيخ مظاهر الانقسام...؟!

 

فإذا ما أضفنا إلى كل ذلك استمرار الحملات الإعلامية التحريضية في وسائل الإعلام التي يتحكم فيها فياض وأدواته , واستمرار حملات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية , والاستدعاءات المكثفة لأنصار حماس هناك... بإمكاننا أن نقول أن الأجواء حتى اللحظة لم يتم تهيئتها لإنجاح الحوار الذي سينطلق عمل لجانه الأسبوع المقبل , الأمر الذي يستوجب التدخل الفوري والقوي لوقف كل ذلك .أما إن كانوا يريدون  , من كل هذه اللقاءات والجولات هو تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه خلال السنوات الثلاث الماضية بالحصار والفلتان والحرب على غزة وتجفيف المنابع في الضفة فهم ... فهم واهمون , ولم يقرؤوا الواقع بدقة وإنصاف وموضوعية , وهم غارقون في تحيزهم وتحزبهم وأنانيتهم , وليعلموا جيدا أن المقاومة والصمود والصبر هم من انتصر وثبت وأفشل العدوان وليقرؤوا كل التحليلات الصهيونية الغربية إضافة للواقع ومعرفته الدقيقة , وعليه لا تهميش لمن صنع الانتصار , وقاد الشعب نحو التمسك بثوابته .