خبر لندن وتبريراتها حول «تبدّل القلوب» إزاء «حزب الله»

الساعة 06:32 ص|06 مارس 2009

خليل حرب

اعلان الحكومة البريطانية رغبتها في اقامة اتصالات مع «حزب الله»، كان مفاجئا لكثيرين. لكن، لعل المفاجأة الاكبر تمثلت في التبريرات التي ساقتها لندن لتوضيح نظرتها الى «تبدل القلوب» هذا ازاء الحزب، من القطيعة الى التغني بالحوار.

وفيما اكتفت مصادر في «حزب الله» بالقول لـ«السفير»، «سمعنا هذا الكلام البريطاني، وسنرى كيف سيترجم عمليا»، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية جون ويلكس لـ«السفير» ان «سياستنا ازاء حزب الله كانت تخضع للمراجعة في الشهور الاخيرة على اساس المصالح البريطانية، ولا علاقة لها بالنهج الذي تسلكه ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما» في المنطقة، باتخاذها خطوات من اجل الانفتاح على سوريا وايران.

اما لماذا كان التباهي البريطاني بصوابية القطيعة المعلنة منذ العام 2005، وحجج سياسة العزل المنتهجة، واين ذهبت تبريرات الموقف العدائي الذي اتخذته لندن والذي اكدته بقرارها في صيف العام 2008، بحظر ما تسميه «الجناح العسكري» لـ«حزب الله» ووضعه على لائحة «التنظيمات الارهابية»، فكلها امور ما زالت في علم الغيب.

«السفير» سألت المتحدث باسم الحكومة البريطانية عما اذا كان القرار الذي اعلنه قبل يومين وزير الشؤون الخارجية في الحكومة البريطانية بيل رامل حول «إقامة اتصالات مع حزب الله»، سيتبعه قرار آخر برفع هذا «الجناح العسكري» عن تلك اللائحة السوداء، فتجنب الاجابة المباشرة، لكنه قال «ان سياستنا هي للتأكيد على حق حزب الله في تمثيل ناخبيه كحزب سياسي، والعمل ضد استخدامه للعنف».

اضاف ويلكس «الجناح السياسي لحزب الله هو طبعا جزء من حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، والمملكة المتحدة تفعل كل ما بوسعها من اجل دعم هذه الحكومة».

ولتبرير قرار وزارة الداخلية البريطانية في تموز 2008 حول حظر «الجناح العسكري»، قال ويلكس انه «استند على ادلة بتورطه بالارهاب في العراق والاراضي الفلسطينية المحتلة. لا اتصالات لنا مع الجناح العسكري. هذا التصنيف ليس مرتبطا بأطراف التنظيم المتدخلة بشكل شرعي في السياسة اللبنانية».

واوضح ويلكس ان اعادة النظر بالمقاطعة البريطانية القائمة منذ العام 2005، جاءت في ضوء «التطورات السياسية الاخيرة في لبنان، بما فيها تشكيل حكومة الوحدة والتي يشارك فيها حزب الله. نحن نتفحص امكانية الحوار على مستوى رسمي مع حزب الله، بما في ذلك عبر نواب برلمانيين». وذكّر باللقاء الذي شاركت فيه السفيرة البريطانية فرانسيس غاي في التاسع من كانون الثاني الماضي مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني والتي كان حاضرا فيها النائب عن الحزب علي عمار».

لكن ما الهدف من اعادة العمل بهذا الحوار مع الحزب الان؟. قال ويلكس «هدفنا تشجيعه للبقاء بعيدا عن العنف واداء دور بناء وسلمي وديموقراطي في السياسة اللبنانية، وفق قرارات مجلس الامن الدولي».

ومن جهته، وضع المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية باري مارستون هذا التحول في الموقف البريطانية في اطار منظور اقليمي. لكنه لم يقل ذلك صراحة. قال مارستون لوكالة «يونايتد برس» ان لندن ترحب بالتحسن الذي تشهده العلاقات الأميركية السورية، وبجهود المصالحة الجارية بين السعودية ومصر وسوريا، موضحا ان «قطع الاتصالات وتهميش أي دولة لا يصب في مصلحة المنطقة عموماً»، مضيفا «نتطلع إلى مزيد من الدفء في العلاقات مع سوريا لأننا نستطيع عن طريقها أن نصل إلى التفاهم حول ما يجب أن نفعله من أجل السلام في الشرق الأوسط».

لا تنتهي الجوانب المثيرة في هذه التصريحات البريطانية هنا. الابتعاد عن الحلف مع ايران كان، الى ما قبل اسابيع قليلة مضت، بمثابة شرط غربي كلما طرحت مسألة العلاقة مع سوريا. المتحدث البريطاني ينفي الان أن يكون تحسين العلاقات الغربية مع سوريا مرهوناً بابتعادها عن إيران ويقول «إن الصورة ليست بهذه البساطة، ونحن نتفهم العلاقة التاريخية بين سوريا وإيران وليس هناك تناقض بين إمكانية إقامة سوريا علاقات جيدة مع إيران ومع بريطانيا وغيرها». واضاف «المهم هو أن تستفيد سوريا من العلاقة مع إيران لتشجيع حكومتها على تغيير سياساتها السلبية.. لأن موقعها في المنطقة يضعها في مكان مناسب للتواصل مع عدد من الأطراف».

ماذا عن حركة «حماس»؟ تسأل «السفير» المتحدث البريطاني لعل الاعجوبة اكبر مما نتصور فتطال بركاتها حماس المقاطعة والمحاصرة والمحاربة. يقول ويلكس «الباب مفتوح للحوار مع حماس، اذا التزمت بحل الدولتين (الاعتراف باسرائيل) وتخلت عن العنف». يضيف «ظروف السياسة اللبنانية والفلسطينية مختلفة طبعا ويجب ان نحترم ذلك. لكن سياستنا ازاء حزب الله تظهر اننها مستعدون للرد ايجابيا على تحركات تظهر تطورا ايجابيا باتجاه دور سلمي وبناء في سياسة ديموقراطية».

يقول مارستون من جهته، ان «السؤال الجوهري هو: هل أن مثل هذه الاتصالات تؤدي دوراً إيجابياً في سياستنا نحو المنطقة ورؤيتنا الشاملة للمنطقة بشكل عام وللبنان بشكل خاص؟ والإجابة في الوقت الحاضر هي نعم».

وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية اعتبرت ان هذه الخطوة ربما تهدف جزئيا إلي تشجيع الادارة الاميركية الجديدة على ان تحذو حذو العديد من الحكومات الاوروبية التي استأنفت الاتصالات بالفعل مع «حزب الله».