أهالي "حمصة الفوقا"في الضفة المحتلة.. ما زالت شاهدة على النكبة الفلسطينية منذ 70 عاما

الساعة 10:28 م|07 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

على أنقاض منزلها المهدوم تحاول " أنصار أبو كباش" لملمة ما تبقى لها من ملابس وفراش وأغطية لها ولأطفالها الثلاثة، وبكثير من الحسرة تشير إلى أكوام الردم" هنا كان منزلنا".

ومنزل أنصار كان من بين المنازل التي هدمتها جرافات الاحتلال يوم الثلاثاء الفائت في قرية حمصا الفوقا في منطقة الأغوار الشمالية بحجة أنها " منطقة عسكرية مغلقة" وشردت أكثر من 73 فلسطينا كانوا يسكنون هذه البيوت ومئات المواشي التي تعتبر لهم "مصدر رزقهم الوحيد".

تقول أنصار:" كانت الساعة الحادية عشر ظهرا عندما حاصرتنا قوات كبيرة من جيش الاحتلال ومخابراته ترافقها ست جرافات، مباشرة وبدون سابق إنذار أقتحموا منازلنا و قاموا بإخراجنا بالقوة وبدؤوا بالهدم".

حمصة الفوقا الأغوار
 

مع بدء جرافات الاحتلال بالهدم كان هد أنصار الأكبر هو حماية أطفالها الثلاثة " أسماعيل 3 أعوام" و"محمد عامين ونصف" و"هديل 3 أشهر"، بالإضافة إلى مساعدة قريبتها التي كانت قد انجبت طفلتها الـأولى قبل يوم واحد فقط:" حاولت والدة زوجي أقناعهم بتركها في بيتها نظرا لوضعها الصحي ولكنها أخرجوها بالقوة هي وطفلتها أبنه اليوم الواحد".

وكانت سلطات الاحتلال أنذر التجمع القائم في المنطقة منذ 50 عاما، بالهدم مع بداية العام، ولكن بعد معارك قانونية أستطاع أهالي التجمع إثبات أحقيتهم في المكان، وهو ما جعلهم لا يتوقعون هدما في هذا الوقت، وهو ما جعل خسارتهم أكبر.

ويعيش أهالي هذا التجمع على الرعي ورعاية المواشي التي تعتبر مصدر رزقهم الأول، وهو ما جعل الاحتلال يتعمد هدم حظائر المواشي في بداية الهدم، ليجبرهم على الرحيل عن المكان.

ولم تسلم خزانات المياه ولا دورات المياه ولا الخلايا الشمسية " ألواح توليد الطاقة الكهربائية" والتي تعتبر في جميعها تبرعات من دول الاتحاد الأوروبي، فكما تقول إنصار:" تعمدوا تخريبها بالكامل".

وعلى مدار يومين كاملين عملت أنصار على جمع ما يصلح للاستخدام من بيتها وبيت والد زوجها، بعد مساعدة العائلة بخيمة من لجنة الصليب الأحمر للنوم فيها بعد قضائهم ليلة الهدم بالكامل تحت المطر،:" كان همي حماية أطفالي من المطر، قمنا بتغطيتهم بغطاء بلاستيك بينما بللت المياه جميع الفرش والأغطية".

ليست هذه المرة الأولى التي يقوم بها الاحتلال بالهدم، ولكنها الأعنف والأوسع، فلم يسلم منهم شيئا كانوا يدمروا كل ما يأتي أمامهم.

وتعتبر أنصار، كما غيرها من سكان الخربة، أن الهدف الرئيسي من الهدم هو تنفيذ عملية ضم الأغوار الكامل، وتنفيذ المخطط القديم الجديد بالسيطرة عليها من خلال ترحيل السكان، مستغلين الانشغال العالمي بالانتخابات الأمريكية.

وينحدر سكان خربة حمصة الفوقا من منطقة بئر السبع جنوب فلسطين التاريخية، حيث لجئوا في العام 1948 منها إلى منطقة السموع جنوب مدينة الخليل، وبسبب فقر المنطقة بالمراعي وقلة المياه المناسبة لحياتهم البدوية، رحلت بعض العائلات إلى منطقة الأغوار الفلسطينية، ومند ذلك الحين والاحتلال الإسرائيلي يلاحقهم أينما وجدوا ويسلمهم إخطارات بهدم منازلهم، التي هدمتها بالفعل أكثر من مرة.

وفي كل مرة، ورغم الخسائر الكبيرة التي يتكبدها سكان الخربة، إلا أنهم يصروا على البقاء وإعادة البناء من جديد، فلا مكان أخر يرحلوا إليه، وإن رحلوا يعلموا جيدا أن مصيرهم هو الملاحقة أيضا، فسياسية الاحتلال باتت واضحة بترحيل كل فلسطيني مناطق الأغوار والسيطرة الكاملة عليها.

تقول أنصار وهي تهز بيدها سرير أبنتها هديل :"هم يهدموا ونحن نبني ورغم كل شئ لن نرحل عن هذه الأرض".