خبر كتاب جديد ينشر في كندا يكشف تجاوزات « الموساد » ومحاولته لإغتيال مشعل

الساعة 07:08 ص|04 مارس 2009

فلسطين اليوم-وكالات

تستعد دور النشر في كندا وشمال أمريكا لطرح أحدث طبعات واحد من أكثر الكتب إثارة وهو الكتاب الذي يُنتظر أن يثير سخط اليهود الكنديين وجمعيات الدفاع المتطرفة عن إسرائيل.

الكتاب الذي يحمل اسم "اقتلوا خالد" أو بالإنجليزية Kill Khalid لمؤلفه بول ماكجوي يفضح بالتفاصيل أسرار تورط الموساد في محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت خالد مشعل في عام 1997 وهي المحاولة التي كادت تتم لولا تدخل الحكومة الكندية بالتنسيق مع الملك حسين ملك الأردن الراحل.

الكتاب الذي تستعد كبرى دور النشر في شمال أمريكا لتوزيعه اهتمت بهه جريدة "تورنتو ستار" الكندية واسعة الانتشار وأفردت له خبرا على صفحتها الأولى ومساحة صفحتين داخليتين تعرضت فيها لممارسات إسرائيل والدولة العبرية وخروقاتها المستمرة للسيادة الكندية من خلال استخدامها المتكرر لجوازات سفر كندية لتغطية عملاء جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد.

جواز السفر الكندي ظل لفترة هو جواز السفر المفضل هو وجواز السفر البريطاني والذي به تزود إسرائيل عملاءها من الموساد للسفر إلى جهات عديدة في العالم خاصة في دول العالم العربي.

هذا الكتاب وظهوره في هذا التوقيت من شأنه أن يثير جنون يهود كندا وأمريكا خاصة أن إسرائيل تتعرض حاليا ومنذ فترة لحملة معارضة وانتقاد شديدين على الجانب الشعبي خاصة ومن مختلف الجاليات والأصول التي يتألف منها النسيج الكندي الذي يعد أكثر الشعوب تعددا من حيث الثقافات والأعراق.

 

مجرد قراءة سريعة في الكتاب الجديد تجعلنا نتذكر "سورة يوسف" وكيف تآمر أخوة سيدنا يوسف عليه وهو صغير حين اجتمعوا على الشر وكان قرارهم "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم".

قادة إسرائيل قد يقرؤون التاريخ جيدا لهذا السبب ربما قرروا أن يقتلوا العديد من زعماء القضية الفلسطينية وناشطيها، نجحوا في العديد من الحالات ولكن هناك حالات قليلة لم ينجحوا فيها برغم التخطيط المحكم الذي يعملون به.

اغتيال خالد مشعل

حتى نعيد للأذهان قصة المحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل -القيادي وقتها في حركة حماس- نجد أن إسرائيل رأت إن خالد مشعل يشكل خطرا كبيرا نظرا لما يتمتع به من شعبية وسط حماس والعديد من أوساط الفلسطينيين لذا خطط قادة الدولة العبرية لاغتياله بعملية نظيفة لا تشير الشكوك كثيرا.

اختار زعماء الموساد طريقة القتل باستخدام غاز الأعصاب الذي قرروا أن يضخوا كمية منه في أذن خالد مشعل بواسطة بعض عملائهم الذين سيستخدمون كاميرا تصوير مزيفة تحتوي عاز الأعصاب الذي سيضخونه داخل أذن مشعل.

خالد مشعل كان وقتها في العاصمة الأردنية عمان وبالتالي كان يتعين على الموساد أن يرسل عملاءه مباشرة إلى الأردن لتنفيذ خطة الاغتيال.

سارت الخطة على ما يرام وتمكن عملاء الموساد من تنفيذ الهدف وضخ كمية من غاز الأعصاب التي أدخلت خالد مشغل في غيبوبة استدعت بقاءه بأحد أفضل المستشفيات بالأردن بين الحياة والموت حتى تدخلت الحكومة الكندية وضغطت على إسرائيل لتسليم الأطباء الأردنيين المعالجين لمشعل "الترياق" من غاز الأعصاب لتكتب النجاة لمشعل.

عودة "نتانياهو"

من وجهة نظر إسرائيل قتل مشعل كان ضرورة، ومن وجهة نظر الكنديين وحكومة الأردن فإن محاولة قتل مشعل في الأردن من شأنها أن تحدث كارثة أو تفجر حربا في المنطقة بسبب إقدام الموساد على هذه الخطوة التي جعلت الملك حسين "ملك الأردن السابق" يأمر قواته بمحاصرة السفارة الإسرائيلية في عمان لحمايتها من الاعتداء عليها بعد القبض على المتورطين من عملاء الموساد في محاولة اغتيال خالد مشعل. المثير للعجب إن نتانياهو الذي عاد للسلطة اليوم كان وقتها ضمن من حرض على قتل مشعل لذا فإن عودة نتانياهو للسلطة اليوم من شأنها أن تؤجج الصراع مرة أخرى بين مشعل ونتانياهو.

كندا وإسرائيل

ولكن ما وجه المشكلة على وجه التحديد ما بين كندا وإسرائيل؟ حتى نعرف ذلك لابد أن نفهم أن الموساد الإسرائيلي دأب على استخدام جوازات سفر كندية للتغطية على عملياته واستخدام تلك الجوازات للدخول إلى كافة دول العالم.

إسرائيل والموساد لم يتركا حيلة غير مشروعة إلا ونفذاها فعلى سبيل المثال يلجأ الموساد الإسرائيلي إلى سرقة جوازات سفر كندية أصلية من بعض السفارات الكندية حول العالم. ولكن هذه الجوازات تتم متابعتها ولأن إسرائيل لا تريد أن يكشفها أحد فإنها تلجأ أيضا إلى تزوير وطباعة جوازات كندية كاملة في إسرائيل ولأن هذه الجوازات "المضروبة" يسهل التعرف على أرقامها ويسهل تتبعها وإدانة إسرائيل من قبل الدولة المعتدى على جوازاتها فإن إسرائيل تلجأ لحيلة أخرى حيرت الحكومة الكندية وهي "استعارة" جوازات كندية أصلية من يهود كنديين يقيمون حاليا في إسرائيل.

بجاحة إسرائيلية

طبقا لما يرويه مؤلف كتاب "اقتلوا مشعل" فإن الموساد أرسل فريقا من أربعة أشخاص إلى الأردن تنكر كل منهم في شخصية كندية تحمل جوازا كنديا ودخلوا الأردن بوصفهم سياحا أغنياء يهدفون للتعرف على المعالم السياحية والأثرية بالمملكة وبعد أن وصل كل منهم على متن رحلة مختلفة لشركات طيران مختلفة من وجهات متعددة أقاموا كلهم في فندق إنتركونتيننتال وما أن أطمانوا إلى أن أحدا لا يراقبهم خاصة وأن حاملي جوازات السفر الكندية يدخلون دون أية تأخير، عقد العملاء اجتماعا اتفقوا فيه على زمن ومكان التنفيذ وبالفعل تم التنفيذ يوم الخميس 25 سبتمبر عام 1997 في وضح النهار عند العاشرة صباحا. ولكن كان التنفيذ في منتهى السوء وتعرضوا للضرب والملاحقة ووقعوا في أيدي الأمن.

مشعل بين الحياة والموت

الملك حسين عاهل الأردن الراحل كان من أشد السياسيين حنكة وبمجرد أن علم بحادثة مشغل تابع الموقف بنفسه ولم تمض ساعات حتى قام جهاز الاستخبارات الأردني بالقبض على الاثنين اللذين نفذا الاعتداء وقامت السلطات الأردنية بالتحقيق معهما بعد أن سربت عبر الإذاعة الأردنية خبر الاعتداء على مشعل والقبض على اثنين هما منفذا الاعتداء واللذان وصفهما الخبر بأنهما اثنان من حملة الجنسية الكندية.

الدبلوماسية الملكية

لا أحد يختلف على أن الملك حسين رحمه الله كان من أكثر السياسيين الذين يشهد لهم بالبراعة وتقدير الأمور. لم تقم السلطات الأردنية بعمل أي مجهود بعد القبض على "الكنديين" إلا أن "القصر" أمر بتشديد الحراسة على مقر السفارة الإسرائيلية في عمان بعد تسريب خبر الاعتداء ومحاولة اغتيال مشعل عبر الإذاعة. ترك الملك حسين ومدير مكتبه وقتها "شكري" الأمور تنضج على نار هادئة.

السفارة الكندية تتحرك

بعد إذاعة خبر محاولة اغتيال خالد مشعل عبر الراديو التقط الخبر أحد موظفي السفارة الكندية من العرب والذي قام على الفور بإخبار المسؤولين في القنصلية ومسؤول الاتصال في السفارة الكندية والذي أبلغ بدوره السفير الذي أمر على الفور فريقه بالتوجه لحيث يوجد الكنديان اللذان تم اعتقالهما ومعرفة تفاصل أكبر عن هذا الحادث الذي يمكن-من وجهة نظر كل من السفارة الكندية وحكومتها في أوتاوا- أن يؤدي إلى إشعال حرب في المنطقة وبالفعل توجه الطاقم المكلف بمتابعة القضية إلى السجن الأردني ليلتقي الكنديين المقبوض عليهما ومقابلة كل منهما على حدة.

ما أثار دهشة مسؤولي السفارة الكندية أن المواطنين الكنديين المقبوض عليهما لم يطلبا- كما هو المتعارف عليه في مثل هذه الحالات- حماية وتدخل بلدهما وترحيلهما للمحاكمة في كندا. على العكس طالب "الكنديان" المعتقلان بالإبقاء على هويتهما في طي السرية وعدم تدخل الحكومة الكندية.

شكوك أوتاوا تتصاعد

طاقم السفارة الكندية المكلف بمتابعة تلك القضية -كان يتألف من امرأة ورجل- عاد وأبلغ السفير الكندي في عمان وقتها بأن مواطنين كنديين -شون كندل 28 عاما ووباري بيدز 36 عاما- هما المسؤلان عن تنفيذ العملية وأنهما يتحدثان الإنجليزية بلهجة إسرائيلية قوية.

رئيس الوزراء الكندي حينها تابع شخصيا تطورات الموقف وأصدر تعليمات واضحة للسفارة الكندية في عمان مؤداها "يتعين إحضار جوازي سفر المقبوض عليهما في هذه المحاولة وإرسال جوازي السفر مباشرة إلى أوتاوا في كندا تحت حراسة مشددة".

مواطنان مزيفان

الدبلوماسيان الكنديان من السفارة الكندية في الأردن المكلفان بمتابعة هذه القضية كان همهما أن يتوصلا لجوازي سفر المقبوض عليهما ولكن الجوازين في حوزة السلطات الأمنية الأردنية. لحين التحقق من تلك الجوازات ساورت بعض الشكوك أحد الدبلوماسيين الكنديين الذي قام بمقابلة كل من المقبوض عليهما مرة أخرى كل على حدة وسأل كلا منهما أسئلة محددة. دارت الأسئلة حول الحي الذي نشأ فيه كل منهما في كندا والمدينة التي عاشا فيها والمدرسة التي تعلما فيها واسم المدرس الذي قام بتدريس كل منهما وأخيرا طلب من كل منهما أن ينشد جزءا من النشيد الوطني الكندي المعروف بـ"أو كندا".

المفاجأة أن أيا من المقبوض عليهما لم يستطع الإجابة عن أي سؤال من الأسئلة السابقة أو حتى قول كلمة واحدة من النشيد الوطني الكندي. النتيجة أن الكنديين ليسا كنديين وأنهما مزيفان أو مزوران وبقيت المهمة الأصعب هي جوازا السفر .

استدعاء للقصر الملكي

فوجئ السفير الكندي مايك مولوي وقتها بمكالمة هاتفية تطلب منه الحضور مع الدبلوماسي الذي استجوب الكنديين المقبوض عليهما لمقابلة علي شكري مدير مكتب جلالة الملك الذي تحدث معهما لمدة ساعة ونصف الساعة حول الحادث ولكنه لم يذكر شيئا عن جوازي السفر بالرغم من قيامهما بسؤاله عنهما. وأثناء حديث مدير مكتب جلالة الملك دخل المكتب رجل قصير القامة يرتدي كنزة سوداء برقبة وعليها جاكت منقط أبيض وأسود ولم يكن هذا الرجل سوى الملك حسين نفسه والذي بادرهما بسؤال خاطف عندما قال "هل أكلتم أيها الشباب؟"

أمر الملك بإعداد أكل عربي من الكباب والخبز الطازج والمزات الطازجة وجلس الجميع في شرفة مكتب الملك وبعد الطعام أشار الملك إلى علي شكري إشارة قام شكري على إثرها بإخراج جوازي سفر المقبوض عليهما وهما الجوازان الكنديان اللذان ترغب كندا في الحصول عليهما وأمر الملك بإعطائهما للسفير. وقال الملك -كما وصف مؤلف الكتاب- بتقزز "لقد طلب منا الإسرائيليون استبدال هذه الجوازات وإعطاءكم شيئا آخر".

رد فعل الحكومة الكندية

جوازا السفر وصلا كندا تحت حراسة مشددة وحماية من المخابرات الكندية عبر مطاري عمان وباريس وصولا إلى أوتاوا وبعد الفحص الدقيق في مختبرات الأدلة الجنائية هناك توصلت السلطات الكندية إلى أن الجوازين تم تزويرهما بعناية فائقة بإضافة صور منفذي العملية مع بقاء نفس المعلومات الأساسية لحاملي الجوازات مما يعني أن إسرائيل تابعت سياستها في الإساءة للجوازات الكندية وهي التي تعهدت بالتوقف عن ذلك.

رغم ذلك لم تصدر الحكومة الكندية أية عقوبات أو تقطع علاقات مع إسرائيل أو تلوح بأية إجراءات أو تطلب محاكمة الكنديين المزعومين في كندا.

المثير في الأمر أن إسرائيل كانت وراء سرقة حوالي 50 جواز سفر من خزنة مؤمنة في سفارة كندا بفيتنام واستخدمت بعضها في عمليات استخباراتية، كما اتبعت أساليب غاية في الدهاء عندما كانت تطلب من بعض اليهود الكنديين وغير الكنديين -من حملة جوازات غربية- تسليم هذه الجوازات للحكومة لاستخدامها في عمليات استخباراتية وعندما كان الموساد يطلب هذه الجوازات كان يقول لحامليها إن تسليمهم تلك الجوازات فيه إثبات للولاء للدولة العبرية.