خبر خبير اقتصادي... دون مصالحة وطنية لن يكون هناك إعادة عمار حقيقة ولو توفرت الأموال

الساعة 08:40 م|02 مارس 2009

رام الله: فلسطين اليوم

قال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أن مؤتمر الإعمار الذي عقد اليوم في شرم الشيخ  جمع مبلغا يفوق ما تصبو إليه السلطة الفلسطينية في خطتها، و بالتالي فالموارد المالية لإعادة الإعمار لم تعد مشكلة، و إنما هناك مشاكل أخرى، كالمعابر و الحصار المفروض على غزة، ومرتبطة بإتمام المصالحة الوطنية حتى لا تواجه عملية إعادة الإعمار مشاكل على الأرض حين التطبيق.

و أشار عبد الكريم في حديث خاص مع " فلسطين اليوم" إلى أن هذه الأموال ستقدم مساعدات للاقتصاد الفلسطيني ألا أنها لن تكون قادرة على تنفيذ خطة اقتصادية شاملة : هذا الأمر لن يكون ممكنا على الإطلاق في ظل الظروف الحالية، لان الموارد والخطة التي أعدت لاعمار غزة ستبقى لإعداد غزة ولا اعتقد أن له صلة بالهم الاقتصادي و هذا التراجع في الحياة الفلسطينية و حتى في الضفة الغربية لن يكون مرتبطا بأموال إعادة الإعمار، و إنما مرتبط بوجود حل سياسي والعلاقة مع اسرائيل فلن يكون الهدف منه توفير موارد الاستدامة للسلطة و ان تساعدها أن تتنقل إلى حالة ركود إلى حالة تنمية".

فهذه الأموال حسبما يقول، ستكون مجرد إنفاق، وهناك تخوف كبير الأول أن هذه الأموال لم تتعدى كونها تعهدات و التجربة الفلسطينية تقول ان التعهدات غالبا ما تكون ضعف الالتزام والصرف الفعلي، و الخوف الثاني له علاقة بالتنفيذ، فهل التنفيذ سيكون في ظل إغلاق المعابر و المصالحة التامة.

واعتبر عبد الكريم انه حتى لو صرفت هذه المساعدات بالفعل يمكن ان يكون لها أثارا هامة على حياة الناس و خاصة في قطاع غزة، ولكن ليس من المتوقع أن تنقل الاقتصاد الفلسطيني بأن يصبح له موارد ذاتية مستقلة وان يصبح قادرا على الحركة والنمو بشكل طبيعي بعيدا عن الضغوطات الخارجية.

نوه عبد الكريم إلى تجربة مؤتمر باريس الاقتصادي" نحن لنا تجربة مماثلة قبل عامين وبالتحديد في مؤتمر باريس الاقتصادي و الذي كان مؤتمرا اشمل و أضخم من مؤتمر إعادة الإعمار وساهم بإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وانتظام دفع الرواتب الا ان تأثير ذلك على الاقتصاد الفلسطيني و إنتاجيته كان صفرا، فما يقود عجلة النمو في الاقتصاد الفلسطيني هو الاستثمارات الخاصة بالرغم من أهمية الإنفاق الحكومي، والمساعدات الخارجية".

وعن إمكانية تنفيذ الإعمار في ظل الاشتراطات الدولية اعتبر ان هذه الاشتراطات ستكون موجودة وبقوة، فلا يوجد "مساعدات بريئة" وان كل المساعدات قائمة على اشتراطات سياسية، فلن تكون هذه المساعدات بعيدة عن المشروع السياسي الذي بدأ في انابولس، و بالتالي من الطبيعي أن نشهد تطرقا واضحا للمانحين لشروط السياسية، ولكن السؤال الحقيق، حسبما يرى عبد الكريم، "هل هذه الاشتراطات ستكون مقبولة فلسطينيا؟".

و حول الوسيلة الأنجع لإدارة هذه الأموال انتقد عبد الكريم تعدد القنوات التي ستتولى اعادة لاعمار"انا لست مع تعدد القنوات، فتعدد القنوات ( بنك التنمية الإسلامي، لجنة جامعة العربية، فيكاس، الاورنوا، البنك الدولي) ستشتت الجهد، وتجربتنا مع هذه القنوات تجربة سيئة جدا لما سيخلق من ازدواجية، وهدر للمال العام، وتنفيذ مشروع بنفس المال اكثر من مرة، وتحميل تكاليف إدارية على هذه الاموال اكثر من 20% تذهب على مستشارين خارجيين، و بالتالي إرهاق المساعدات بمصاريف نحن في غنى عنها".

ما كان المفروض ان يتم هو الاتفاق على لجنة عليا لإعادة الإعمار تقر من الطرفين، حكومة الضفة والمقالة في غزة، و ان يتم الاتفاق على الخطة التي وضعت من قبل السلطة والتشاور بشأنها مع حكومة غزة وخاصة مع أجواء المصالحة، وبعدها يصبح التنفيذ من خلال وسطاء آخرين لان كل ذلك سيكون متفقا عليه، ولكن ما يجري الآن أن كل من تعهد بالمساعدات سيصرف شروطه و آلياته و بالتالي مس بالسيادة الفلسطينية.

و شدد عبد الكريم إيه عملية إعادة إعمار لا يمكن ان تتم في حال فشلت مساعي الحوار الفلسطيني، ما سيكون مجرد جهد إغاثي، وهذا أمر لم يتوقف يوما، و لكن المأمول من مؤتمر إعادة الإعمار ليس تقديم جهد اغاثي للمنكوبين، ولكن :"إذا ما تعثرت خطوات المصالحة ووصلت إلى حائط مسدود عندها لن يكون هناك إعادة إعمار، فليس من الممكن أن تكون هناك إعادة إعمار بمبالغ بسيطة تمر بشكل غير رمسي وغياب مواد البناء الأساسية".

و الأهم من كل ذلك، هو إجبار اسرائيل على فتح المعابر ورفع الحصار:" مؤتمر شرم الشيخ يكشف أن القرار لا يزال في تل أبيب، لان اسرائيل ان لم تفتح المعابر وترفع الحصار يمكن أن تصل الأموال دون أن نجد المواد اللازمة للتنفيذ المشاريع وإعادة الإعمار".