خبر فلتبقي في الخارج يا لفني-هآرتس

الساعة 09:47 ص|02 مارس 2009

بقلم: ميراف ميخائيلي

 (المضمون: فلتبقي في الخارج يا لفني فالمعارضة افضل لك حتى تعطي دولة اسرائيل بديلا لسياسة اليمين الكارثية - المصدر).

منذ صبيحة الانتخابات اصبح من الممكن ان نقرأ في الصحف انه "سيمارس ضغط شعبي" على تسيبي لفني للدخول في الحكومة مع بنيامين نتنياهو. الضغط المسمى "شعبي" نشأ بالاساس بمبادرة من الصحافيين والسياسيين الذين يدعون لتشكيل حكومة ليكود – كاديما او كاديما – ليكود ويسمونها "حكومة المسؤولية الوطنية"، او "حكومة الانقاذ"، وطبعا "حكومة الوحدة".

في الماضي كان في اسرائيل معيار "شعبي" انه ان لم تكن لديك اغلبية، فلا فرصة امامك لتطبيق ايديولوجيتك على الارض، ومن الاجدر بك في هذه الحالة ان تتوجه للمعارضة، وان لا تبيع نفسك مقابل جشع القوة والسلطان والامتيازات والسائق وما الى ذلك. اليوم اصبحت الصرعة الرائجة التحليلية معاكسة: التوجه للمعارضة هو "عدم مسؤولية" و "انتهازية" و "كماليات" وامورا سلبية من هذا القبيل.

يتبين ان كل اولئك الذين يعتبرون انفسهم معتدلين ، ليبراليين، متنورين ومن رجال العالم الفسيح، ولذلك يتماثلون مع صورة "المركز – يسار" المعتدل، لا يستطيعون تحمل التفكير بان لا يكونوا فوق سدة الحكم. حكومة يمين؟ التي لا تشملهم ولا تمثلهم هذه حكومة مرفوضة ولديهم اسباب قاطعة حاسمة من وراء ذلك: مكانة اسرائيل في العالم ستتضرر بصورة فادحة (لن نتمكن من الذهاب للمنتجعات وعقد الصفقات التجارية في كل مكان) ، وستلحق ضررا بالدولة (الدولة لم تعد لنا)، وستكون هذيانية خيالية (مثلا ستقيم المستوطنات وتشن الحروب).

هذه الاحاديث مدحوضة وسخيفة: اذ انه منذ مقتل رابين والدولة تتبع نهجا سياسيا يمينيا في كل مسألة تتطبقها كل الحكومات، سواء برئاسة نتنياهو من الليكود اليميني او برئاسة ايهود باراك من حزب العمل "اليساري" او برئاسة ايهود اولمرت من كاديما "الوسطي". سياسة يمينية في الاقتصاد حولت اسرائيل الى دولة خنزيرية ورأس مالية متطرفة في رأس ماليتها، واغلبية المواطينات والمواطنين فيها مفتقدين للامن الوجودي والعمل ومفتقدين للامن الاقتصادي والتشغيلي. سياسة يمينية تستخف بالتربية والتعليم وبالثقافة والتعددية وتضعفهم بصورة منهجية وناجحة. سياسة يمينية كاسحة تقوم على الاحتلال وتوسيع وزيادة المستوطنات والعنصرية نحو عرب اسرائيل. وسياسة يمينية تشجع التفكير الامبريالي الكولونيالي، وواثقة اننا نستطيع الاستمرار على هذا النحو للابد.

وكذلك سياسة يمينية حربجية وقد تجسدت طبعا في مجموعة من الحروب والعمليات العسكرية والقتيلات والقتلى من الجانبين وفوق كل شيء – سلطة الخوف: اخافة الاسرائيليين اليهود من ايران ومن حزب الله ومن حماس ومن عرب اسرائيل ومن العالم كله الذي يقف ضدنا. حتى ان اليهود يخيفون انفسهم فيما بينهم: يخيفون العلمانيين من المتدينيين وبالعكس واليساريين من اليمينيين. يخيفيون ويفرقون حتى يسودوا.

وبذلك كانت لفني محقة جدا عندما قالت انها تريد التوجه للمعارضة. ان كانت تريد اعطاء الامل كما قررت وليس لديها ما تبحث عنه كما قالت في حكومة واسعة. ذلك لان التجربة تشير الى انه ليس هناك اي شيء يتحلى بالمسؤولية في هذه الحكومة وليس هناك اي شيء انقاذي والوحدة الوحيدة الموجودة فيها هي وحدة الحفاظ على الوضع القائم على الاحتلال والسياسة اليمينية التي تدفعنا نحو التدهور واليأس.

ان دخلت لفني الى هذه الحكومة، فستجد نفسها مرة اخرى كجزء من تلك الديناميكية الثابتة والمعروفة سلفا وسيكون بامكانها في اقصى الاحوال ان تدور الزوايا من خلال سياسة ليست لها ولن تكون لديها اية قدرة على احداث التغيير، وتجسيد الامر الذي دخلت من اجله للسياسة: تفكيك العلاقة العضوية المتناقضة بين ارض اسرائيل والسلام والوصول الى اتفاق لاقامة دولة فلسطينية وضمان وجود دولة اسرائيل.

اما في المعارضة من الناحية الاخرى، فلديها فرصة كبيرة: ان تكون بديلا حقيقيا للسياسة المدمرة. ان تعارضها وان تبرز وتوضح الفوارق وان تبني البديل الحقيقي. هي تتيح لليمين من خلال ذلك ان يكون يمينا وان يصبح مختلفا ومميزا عنها بصورة جوهرية. ليست طريقة الانتخابات وحدها، وانما سنوات طويلة جدا من الحكومات الواسعة وحكومات "الوحدة" هي التي تسببت بالبلبلة والتوهان الكبير ونتائج الانتخابات " المثيرة للاشكال" – لانه لم يعد مهما من الذي تصوتين له؟ فالجميع يفعلون نفس الشيء في كل الاحوال.

لفني هي قائدة في شخصيتها. المعارضة ستكون جيدة لها. ولكن الامر الاهم من ذلك: ان توجهت للفني للمعارضة فستفكك المظاهر الاستعراضية الوهمية للوحدة والمسؤولية وتبني لنا بديلا اخر – ذلك البديل الذي يفعل لاسرائيل الامر الاهم الذي يمكن فعله من اجلها هنا والان.