نشاط دبلوماسي لإحياء المفاوضات والعودة للتنسيق الأمني

الساعة 03:15 م|24 سبتمبر 2020

فلسطين اليوم

تشهد مدينة رام الله، حراكا دبلوماسيا نشطا، وزيارات شبه يومية لقناصل ومسؤولين دوليين، أغلبهم أوروبيين.

وتتم أغلب اللقاءات المعلن عنها مع رئيس الوزراء محمد اشتية، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية (جهة التواصل مع السلطات الإسرائيلية) حسين الشيخ، ووزير الخارجية رياض المالكي وغيرهم.

وتتركز مجمل اللقاءات على عدة أهداف، لكن أبرزها: العودة للمفاوضات وإعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل.

وفي المقابل فإن الموقف الفلسطيني ثابت على شروطه إزاء الملفين.

ومن أبرز السياسيين الذين أجروا لقاءات في رام الله، منذ طلع سبتمبر/أيلول، ممثلة كندا لدى السلطة الوطنية الفلسطينية روبن ويتلوفر، والقنصل البريطاني العام في القدس فيليب هول.

ومنهم أيضا، ممثل الاتحاد الأوروبي سفين كون فون بورغسدورف، والقنصل الإسباني العام في القدس اغناسيو غارسيا فالدكاساس، ووزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية نيلز أنين، ومنسق الأمم المتحدة لعملية السلام السيد نيكولاي ميلادينوف.

**
تذليل عقبات التطبيع

يقول المدير في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، خليل شاهين إن من أهداف الزيارات "تذليل العقبة الفلسطينية أمام توسيع نطاق التطبيع على المستوى العربي".

ويرى أن "القضية الفلسطينية لا تزال، رغم حالة الانقسام، أحد أهم العقبات أمام ظهور التطبيع وانتشاره على نطاق واسع".

ويضيف إن المطلوب من الفلسطينيين صراحة "إما الانخراط الآن بصفقة القرن أو الصمت على يجري من عملية تهدف إلى تصفية حقوقهم".

ورغم الرفض والإدانة الواسعة من الجانب الفلسطيني، وقّعت الإمارات والبحرين، مؤخرا، اتفاقيتي التطبيع مع إسرائيل في البيت الأبيض، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الدافع الآخر للاتصالات كما يقول شاهين هو القلق المتزايد من أن تؤدي الضغوط السياسية والاقتصادية على السلطة الفلسطينية إلى مزيد من التوتر في العلاقة مع إسرائيل.

**
إيجاد صيغة لتسلم أموال المقاصة

ويرى شاهين أن الكثير من الدوائر السياسية الدولية، تريد التخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها الحكومة الفلسطينية، من خلال التوسط لإيجاد صيغة من أجل تسلم أموال المقاصة، من إسرائيل، والمقدرة بملايين الدولارات.

وقال إن المقصود هو تجنب المزيد من الأعباء على الأسر الفلسطينية التي تتقاضى رواتب من السلطة "وبالتالي تجنب المزيد من التوترات وعدم الاستقرار عندما يشعر المواطن العادي أنه ليس لديه ما يخسره".

وترفض السلطة منذ يونيو/حزيران، عقد جلسات المقاصة الشهرية مع الجانب الإسرائيلي، التي تسبق تنفيذ التحويلات المالية.

وأموال المقاصة، إيرادات ضريبية فلسطينية على السلع الواردة من إسرائيل أو عبرها، تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة وتحولها للخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر بعد اقتطاع عمولة 3 بالمئة.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد قرر وقف كافة أشكال التنسيق مع إسرائيل، بسبب إعلان الأخيرة خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية، والتي لم تنفذ في موعدها المقرر في يوليو/ تموز الفائت.

ومنذ ثلاثة شهور تصرف السلطة الفلسطينية لموظفيها أنصاف رواتب بحد أدنى (520 دولارا).

**
محاولات لاستئناف التنسيق والمفاوضات

ويعرب شاهين عن اعتقاده بأن أهداف التحركات الدبلوماسية أيضا "محاولة استئناف العلاقات الأمنية والمدنية والتعاون والتنسيق بين السلطة وإسرائيل "لأن استمرار القطيعة يهدد حالة الاستقرار".

وأشار إلى وجود تسريبات عن لقاءات جمعت مسؤولين أمنيين فلسطينيين وإسرائيليين، لفحص إمكانية التعاون والتنسيق الأمني والمدني.

لكنه أضاف مستدركا "حتى الآن السلطة الفلسطينية تتمسك بموقفها الرافض".

وتابع أن بعض التحركات تدفع باتجاه الضغط على الفلسطينيين للقبول باستئناف المفاوضات "على أساس ما هو مطروح على الطاولة بما في ذلك الخطة الأمريكية المعروفة باسم صفقة القرن باعتبارها إحدى المرجعيات.. وحينها يختار الفلسطينيون ما يريدون".

وقال إن مكمن الخطر هنا هو "القبول بالتعاطي مع صفقة القرن ضمن المرجعيات الأخرى.. وهذا مرفوض من الرئيس والقيادة".

ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجلوس، عقد أية مفاوضات، تكون مرجعيتها "صفقة القرن" الأمريكية.

وقال عباس خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في الثالث من الشهر الجاري "الضغوط زادت علينا وعلى الدول العربية منذ بداية هذا العام".

ولفت أن "الوساطات لا تتوقف للعودة إلى مسار المفاوضات".

وأكد عباس أنه شدد لكل الوسطاء (لم يحددهم) على أنه يريد "الشرعية الدولية كاملة".

ومنذ بداية العام الجاري، يواجه الفلسطينيون تحديات متعددة، تمثلت في "صفقة القرن"، وهي خطة مجحفة للفلسطينيين أعلنتها واشنطن يناير الماضي، ثم مخطط إسرائيلي لضم نحو ثلث أراضي الضفة، وبعده اتفاق الإمارات والبحرين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويضيف شاهين "صنف آخر من الوسطاء يستشرف التوجه الفلسطيني لما بعد الانتخابات الأميركية (أكتوبر) وخاصة في حال خسر الرئيس الحالي دونالد ترمب.

ويراهن بعض الفلسطينيين على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي وعد بفتح مكتب منظمة التحرير وإعادة المساعدات للسلطة وللأونروا.

واستبعد شاهين أن يستجيب الرئيس عباس لمجمل الضغوطات الحالية.

وقال إن عباس يفضل "الانتظار والانشغال بالملف الداخلي لحين إجراء الانتخابات الأميركية".

**
لا عودة للمفاوضات في ظل صفقة القرن

من جهته، قال المستشار الخاص للرئيس الفلسطيني نبيل شعث إن بعض الوسطاء "يتواصلون بحسن نية، ولا يريدون تصعيد الصراعات العربية العربية، والبعض الآخر لديه أفكار مختلفة".

لكنه أضاف في حديث خاص لوكالة الأناضول إن الموقف الفلسطيني واضح "لا تغيير ولا بديل، رغم التهديد.. ويتمثل في أننا لن نقبل بضم أراضينا للمعتدي والمغتصب الإسرائيلي".

وقال شعث "لن نقبل بتطبيع الآخرين وخضوعهم لتعليمات ترامب الذي قالها صراحة: أنا لست في الشرق الأوسط لأحمي البترول، بل لأحمي إسرائيل".

وشدد المسؤول الفلسطيني على أنه "لا عودة للمفاوضات في ظل صفقة القرن، ولا عودة للمفاوضات بإشراف أمريكي".

وأضاف "لا عودة للمفاوضات دون أن تكون مرتبطة بإطار دولي؛ على الأقل الرباعية الدولية، وأن تكون مرتبطة بالشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية وبالاتفاقيات الموقعة، وبحقوقنا من أجل القيام بدولة مستقلة عاصمتها القدس على حدود ال 67 وحق اللاجئين في العودة".

وتابع "هذه هي شروطنا للعودة للمفاوضات، ولن نرجع إلا على هذه الأسس، ولن نذهب لمفاوضات تحت شعار صفقة القرن".

وأبدى الرئيس الفلسطيني سابقا استعداده للمشاركة في "مؤتمر دولي للسلام، تحت مظلة الأمم المتحدة، تنطلق بناء عليه مفاوضات جادة (مع إسرائيل)‎ وفق مبادرة السلام العربية".

 

 

كلمات دلالية