خبر كم يمكن توجيه التهديدات لايران.. هآرتس

الساعة 09:51 ص|01 مارس 2009

بقلم: تسفي بارئيل

"صدقوني ان قلت لكم انني اعرف ما الذي اتحدث عنه" المح رئيس الوزراء للجمهور قاصدا احتمالية شن عملية اسرائيلية ضد ايران. ولكن بينما كان اولمرت يتكلم كان نظيره احمدي نجاد يدشن المفاعل النووي في بوشهر الذي سيتحول بعد سنة الى منشأة فعالة ويبدأ في انتاج الكهرباء. وفي نفس اليوم صرح الرئيس الايراني على ان بلاده تنوي زيادة اجهزة الطرد المركزي الذي تعمل على تخصيب اليورانيوم بصورة ملموسة.

هذه ليست صدفة. ايران تمتلك جدولا زمنيا وجدول اعمال خاص بها، وهو يتضمن تطوير التكنولوجيا النووية ذات الاهداف العسكرية، في اقرب مدة ممكنة. التخمينات الاستخبارية في الغرب التي تفيد الى ان هذا المشروع سينتهي بعد عام او ثلاثة اعوام، لا تهم ايران. هذه التخمينات ترمي الى تحديد الموعد الذي سيصبح فيه التهديد الايراني فعالا، ولا اي نقطة زمنية يمكن التحرك عسكريا او دبلوماسيا ضد ايران. "الوقت ينفذ من بين اصابعنا وهناك حاجة لاستخدام عقوبات كثيفة وحازمة ضد النظام الايراني وفي نفس الوقت الجاهزية لتدارس الامور المطلوبة في حالة عدم نجاح هذه العقوبات"، اقترح ايهود باراك. ولكن هذا الزمن زمن وهمي. في ظل عدم وجود صناع قرار، لا مغزى للزمن، ولا جدوى من النظر بقلق الى الساعة الرملية. ايران ستتحكم في التهديد النووي ولذلك يتوجب ان تكون السياسة المتبعة ضدها "ما بعد نووية" وليس "ما قبل – نووية".

اسرائيل لعبت حتى الان دور المثير للضجيج الذي لم يسمح لنقابة العمارة ان تنام. ولكن اسرائيل التي اخذت على عاتقها ادارة طاقم الكفاح الدولي ضد ايران، ستجد صعوبة في مواصلة ادائها للدور. مناوبتها اخذة في النفاذ على ما يبدو، لاسباب وربما بالاساس، لانها فقدت مكانتها كدولة خاضعة للتهديد اثر الحرب في غزة. للوهلة الاولى يبدو انه لا توجد صلة بين الجبهتين، ولكن من الصعب عدم تمييز التراجع الذي طرأ على مكانة اسرائيل كمخولة للصراخ "الذئب، الذئب" في الوقت الذي تقوم فيه بمنع دخول شاحنات الباستا الى القطاع. تراجع مكانة اسرائيل بصورة سلبية يترك اثارا واسعة النطاق في المنطقة. من يعتبر ازعرا في جبهة واحدة سيجد صعوبة في الظهور بمظهر الصديق في الجبهة الاخرى. المسألة لا تعني ان التهديد الايراني قد تناقص، بل ان وردية الضحية المحتمل لهذا التهديد قد اصبحت باهتة.

وهكذا، في الوقت الذي ينشغل فيه القادة في اسرائيل في المنافسة في اطلاق التهديدات الاكثر صخبا ضد ايران، انتقلت معالجة المسألة الى يد براك اوباما وحده. الاتحاد الاوروبي ينتظر منه تحديد سياسته، ودول الغرب تنتظر استعراضه لقوته، اما اسرائيل فقد اجلست في مكانها. هي تنتظر بنفاذ صبر لترى كيف تنوي واشنطن اجراء الحوار مع ايران وتعزز علاقاتها مع سورية وتؤيد حكومة فلسطينية موحدة تشارك فيها حماس المقرب الاخر لطهران.

حتى تتمكن اسرائيل من المشاركة في الجوقة المناهضة لايران يتوجب عليها ان تفعل امرا من اثنين: ان تدع اللعاب يسيل من فمها وتصدر اصواتا غريبة عجيبة حتى تبرهن انها قادرة على القيام باعمال جنونية، او العمل على تقليص نفوذ ايران في المنطقة. على سبيل المثال، تشجيع اقامة حكومة فلسطينية مع حماس وفتح لادارة المناطق، او تحفيز الحوار السياسي مع سورية. تهديدات حزب الله وحماس ليست تهديدات وجودية بالنسبة لاسرائيل، ولكنها قد نجحت حتى الان في توريطها في حربين اثنتين. بامكان اسرائيل ان تزيل هذا التهديد من خلال خطوات سياسية. بهذه الطريقة ستجد نفسها عضوة في ائتلاف وتحالف غير مكتوب مع اغلبية الدول العربية التي تنظر بقلق الى تقدم المشروع النووي الايراني. هي ستمنح ايضا الادارة الامريكية ذخيرة سياسية يمكن لبراك اوباما بواسطتها ان يبرهن، انه قادر على جلب السلام وليس افتعال الحروب فقط كما فعل سلفه. هذه رافعة ضرورية لمن يسعى ليس فقط لكبح تعاظم قوة ايران في المنطقة، وانما كذلك تشجيعها على تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة.

اظهار ايران كتهديد بحد ذاته، لا يمكنه ان يكون سياسة بديلة للحاجة لازالة التهديدات الاخرى القريبة والخطيرة. وهي ليست سياسة في الواقع. من دون الدعم السياسي الذي يمكن لاسرائيل ان تقدمه في ساحتها حتى تقلص النفوذ الايراني –  هذا شعار اخر فارغ من المضمون وهناك شك في جدواه. وهي بالتأكيد لا تستوجب الاندفاع الفزع نحو حكومة الوحدة.