منهكون يناشدون الرئيس ورئيس الوزراء بالتدخل

البنوك ومؤسسات الإقراض تتغول على المقترضين بإجبارهم على خيارات صعبة

الساعة 06:44 م|03 سبتمبر 2020

فلسطين اليوم

رغم الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، جراء أزمة كورونا، والتي أثرت على جميع مناحي الحياة، بما فيها رواتب الموظفين الذين لم تستطع الحكومة صرفها كاملة، ورغم أن سلطة النقد منعت البنوك من الخصم المقترضين لمدة أربعة أشهر بفعل الظروف، ومددتها شهرين، إلا أن البنوك اختلقت مبررات لإجبار المقترضين على تحمل فوائد إضافية من خلال فرض إقراضهم مدين دوار بفوائد لسداد القسطين الأخيرين عن شهري يوليو وأغسطس، فيما لجأت مؤسسات الإقراض الخاصة على المقترضين بإجبارهم على جدولة قروضهم بفوائد جديدة، وتهديد ووعيد للمقترضين بالخصم على الكفلاء في حال تأخروا عن السداد ، منذ اعلان حالة الطوارئ في الخامس من مارس الماضي ورغم وجود قرار من سلطة النقد بتأجيل المستحقات لمدة أربعة أشهر لم يلتزموا بها.

المقترضون، الذين أُنهكت رواتبهم جراء الخصومات منذ سنوات من جهة، وعدم قدرة الحكومة على الإيفاء بدفع فاتورة الراتب كاملة، يناشدون الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية أن يضعا حداً لهيمنة البنوك ومؤسسات الاقراض على ما تبقى من رواتب الموظف على الأقل لحين انتهاء الأزمة التي تعيشها فلسطين.

الأمر الذي أثار استهجان الموظفين من سياسة البنوك التي لا هم لها إلا خنق الموظف المغلوب على أمره.

مقترضون كثيرون كتبوا على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يشتكون سياسات البنوك تجاه المقترضين وخاصة فئة الموظفين، في حالة استغراب كاملة، عن الهدف من وراء ضغط البنوك على المقترض أن يتم إقراضه قرضاً جديداً مدين دوار لسداد آخر قسطين وبفوائد جديدة، سوى انهاك المنهكين، وأن لا هم لهم سوى رفع أرصدة أرباحهم السنوية دون مراعاة للظرف القاهر الذي تعيشه فلسطين اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

ووجه أستاذ الجامعي د. عبد القادر إبراهيم حماد، رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء محمد اشتية، بأن يعمل على لجم سياسات بنك القدس بحق الموظفين، قائلا: " في خضم ما يمر به شعبنا من مصائب وأزمات ورياح عاتية من مختلف الجهات، يبرز من بين هذه الأزمات "بنك القدس" ، الذي وبكل أسف يحمل اسماً مقدسا لدينا جميعا - ليطل علينا لابتزاز الموظفين مستغلاً صعوبة أوضاعهم، بل وصل به الأمر إلى محاولة اقتناص الفرص واستغلال انشغالنا في قطاع غزة بمواجهة كورونا ووجود حظر للتجوال على القطاع لتحقيق المزيد من الأرباح غير المشروعة. مضيفاً أنه فوجئ الكثير من الموظفين ممن قدر لهم أن تكون تعاملاتهم المالية في البنك المذكور بكل أسف، برسالة موجهة من البنك تخبرهم أنه سيتم منحهم جاري مدين مؤقت يستخدم حصرا في تسديد الأقساط غير المسددة، واعتبر البنك المذكور هذه الرسالة بمثابة إقرار من الموظف بالموافقة، وفي حال رغبة الموظف بغير ذلك يرجى مراجعة أقرب فرع لنك القدس، رغم أن البنك وجميع المؤسسات مغلقة في ظل حظر التجوال.

وأضاف في رسالته الموجه لرئيس الوزراء، لقد سبق ذلك قيام البنك المذكور يشكل مفاجئ بجدولة ديون الموظفين بشكل يقضي على آمال أي موظف بتوفير القوت الأساسي لأطفاله، حيث تم زيادة سنوات القرض، وكذلك زيادة القسط الشهري المسدد، والأدهى من ذلك غض النظر عما قام الموظف بسداده طيلة السنوات الماضية.

وقال د. حماد في رسالته، :" لقد بلغ السب الزبى بإبلاغ البنك الموظفين وتهديدهم بشكل صريح وواضح- وهذا حدث معي شخصياً- بأنه سيتم خصم الراتب كاملاً إذا لم يوافق الموظف على الجاري مدين.

ورأى د. حماد أن إدارة البنك التي دأبت على استغلال ظروف الموظفين بغزة بدءا من إعادة جدولة الأقساط دون علم الموظفين وانتهاء بفرض جاري مدين عليهم تدلل بشكل مؤكد أن البنك المذكور يستغل ظروف أهل غزة لتحقيق مرابح غير مشروعة والزعم بأن ذلك بناء على توجيهات سلطة النقد. مناشداً بالتدخل العاجل لوقف هذه المهزلة بحق الموظفين بغزة هاشم، وإلغاء جميع الإجراءات التي قام بها البنك المذكور.

واشتكى آخرون من نفس البنك وبنوك أخرى تابعة لسلطة النقد من ممارسة سياسة مشابهة، مطالبين الرئيس ورئيس الوزراء بلجم كل من يعتدي على راتب الموظف بغير وجه حق وتحت أي ذريعة كانت.

الخبير في الشأن الاقتصادي أمين أبوعيشة، أوضح في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن القطاع المصرفي هو مؤسسة ربحية في الأساس وهذه حقيقة يجب ان يدركها كل موظف وكل مقترض، مستدركاً أن هناك إشكالية كبيرة في القطاع المصرفي نظراً لغياب المسؤولية المجتمعية وعدم تنظيمها من قبل سلطة النقد الفلسطينية.

ورأى أبو عيشة، أنه لو كان هناك تنظيم للمسؤولية المجتمعية للبنوك بقانون من قبل سلطة النقد كما هو معمول به في دول كثيرة، لتم تمديد عدم الخصم عن المقترضين في ظل جائحة كورونا دون اشكاليات، ولكن لأن هذا البند غائب عن سلطة النقد والبنوك تتصرف كما تشاء، وتدعي أنها تقوم بالمسؤولية المجتمعية في نشاطات دعائية لها كرعاية فريق كرة قدم.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تحديد مفهوم المسؤولية المجتمعية وتقسيمها ضمن برامج معينة كبرنامج التأجيل للمتعسرين في دفع الأقساط، وبرنامج كفالة الأيتام ، وبرنامج كفالة الأرامل وبرامج لدعم المتفوقين، وبرامج لدعم الشباب ... إلخ، ويتم تحديد نسبة الأموال التي تخصص لهذه البرامج من الأرباح بنسبة 10%، وبمتابعة من سلطة النقد. موضحاً أن نسبة الأرباح للبنوك المحلية كبيرة تفوق 250 مليون دينار لبعض البنوك، الأمر الذي سيخدم المتعسرين من خلال برنامج المسؤولية المجتمعية بدلاً من تحميلهم فوائد جديدة.

وألمح أبو عيشة إلى أن رئيس الوزراء محمد اشتية، صرح بأن البنوك بمقدروها تأجيل الأقسام للمقترضين في ظل الظرف الذي تعيشه فلسطين في ظل جائحة كورونا والتي أثرت على الوضع الاقتصادي بشكل كبير جداً.

وما بين الظروف الاقتصادية القاهرة وبين سياسة البنوك يبقى حال الموظف المقترض متعسراً إلا إذا تم التدخل من قبل الرئيس ورئيس الوزراء بفرض سياسة واضحة بالتخفيف عن الموظف المقترض بقرارات إن لم يكن قانون خاص بالمسؤولية المجتمعية تحمي المقترض وقت الأزمات.

كلمات دلالية