خبر ما هي الأسباب وراء الارتفاع الجنوني لأسعار الدواجن والمواشي بالقطاع ؟؟

الساعة 08:18 ص|28 فبراير 2009

فلسطين اليوم-غزة

تصاعدت حدة الخلاف بين الجزار أبو أحمد مع أحد زبائنه في سوق الزاوية وسط مدينة غزة حول الارتفاع « الجنوني» لأسعار اللحوم وأخذ يدافع عن نفسه و يؤكد لزبونه أن الارتفاع «ليس حالة استغلال» ولكن تداعيات الحرب التي دمرت المزارع والمواشي هي التي فرضت الغلاء الفاحش.

 

هدأ روع الزبون قليلا و استدار و ترك المحل و هو يضرب كفا بكف و يتمتم بكلمات سمعتها لقربي منه « اللحمة زي النار و الدجاج أسعاره خيال ماذا أشتري للأولاد الذين ينتظرونني».

 

وشهدت أسواق اللحوم و الدواجن قبل الحرب ارتفاعا باهظا بسبب استمرار الحصار على غزة غير أن هذا الارتفاع وصل حدا جنونيا بعد الحرب التي استهدفت المزارع و الآبار و الأراضي الزراعية وجعلتها أهدافا ثابتة للقصف بدون مبرر.

 

ووصل سعر كيلو الدجاج «غير المذبوح « في سوق غزة (22 شيكلا) أي ما يزيد على خمس دولارات بينما بلغ سعر كيلو اللحم الطازج (70) شيكلا أي ما يعادل (18 ) دولارا وهي أسعار غير مسبوقة في السوق الفلسطيني لا يتمكن بسببها المواطنون من شراء تلك اللحوم فيتوجه عدد كبير منهم إلى شراء اللحوم المجمدة المستوردة التي يتراوح سعر الكيلو الواحد منها من ( 18 – 28 شيكلا ) أي ما يعادل ( 5 – 8) دولارات.

 

ففي منطقة المغراقة و شمال قطاع غزة تكبد أصحاب المزارع خسائر جسيمة حيث أضحت مزارعهم بما فيها تحت القصف الذي طالها أكثر من مرة حتى قتل الحيوانات وأحرق الطيور.

 

وعاد أبو أحمد ليشكو لي قلة المواطنين الذين يقبلون على شراء اللحوم الطازجة غير أنه يقدر صعوبة أوضاعهم وقال :» لو كنت مكانهم لتوجهت إلى شراء اللحوم المجمدة فماذا سيكفي شراء كيلو لحم طازج لأسرة كبيرة الحجم و العدد».

 

وذكر مكتب برنامج الأغذية العالمي في غزة (الفاو) ، أن الحرب الإسرائيلية فاقمت «الأوضاع الغذائية الهشة لسكان غزة حيث علت أسعار اللحوم والدواجن، وقل عرضها في السوق بسبب الدمار الذي لحق بالمحاصيل».

 

وأكد البرنامج أن أوضاع الآلاف من سكان غزة، الذين يعانون أصلا من انعدام الأمن الغذائي، تشهد تدهورا متزايدا بسبب تعرض عدد كبير من المواشي والأراضي الزراعية لأضرار كبيرة أو دمار كامل خلال الحرب على القطاع.

 

وكانت منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي قد أطلقت عملية طوارئ مشتركة بهدف توفير الطعام لنحو 365 ألف مواطن من سكان غزة الأكثر تضررا، بما في ذلك الحالات الاجتماعية الصعبة والنازحين والمزارعين حيث تستمر العملية حتى 19/كانون الثاني 2010.

 

وقال جون نويل جنتل، منسق برنامج الأغذية العالمي بغزة في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): إن «البرنامج أجرى تقييما طارئا للأمن الغذائي في غزة، سيعلن قريبا عن نتائجه التي إما قد تؤكد عدد المستفيدين المحتاجين للمساعدة والمقدرين بـ 365,000 محتاج أو قد ترفعه» موضحا أن البرنامج بدأ فعلاً بتوزيع المساعدات الغذائية في المدارس على أن يشرع في عملية التوزيع العام للمساعدات قريبا.

 

ومع استمرار إغلاق المعابر يزداد «جنون» الأسعار ارتفاعا وقد مست إجراءات الحصار المتواصل، قدرة السكان على الحصول على الأغذية والاحتياجات الأساسية الضرورية كالعلاج والحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وإمدادات الغذاء والدواء اللازمة لعيش السكان المدنيين، فضلاً عن احتياجاتهم من المحروقات والمواد الخام اللازمة للقطاعات الاقتصادية المختلفة.

 

وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن سلطات الاحتلال تنفذ هذه السياسة المبرمجة ضد مجتمع يسوده الفقر، وبنسبة تصل إلى أكثر من 80%، ويعتمد في غالبيته على المعونات والإغاثة الدولية.

 

وأضاف:»يكابد أرباب العائلات مشاق توفير الغذاء والماء والدواء لهم ولأفراد أسرهم، وتزداد أوضاعهم المعيشية سوءاً، لترفع من نسبة الأطفال المصابين بالأنيميا (فقر الدم) وسوء التغذية إلى معدلات كارثية تؤثر على نموهم وبقائهم على قيد الحياة».

 

وسجلت الخسائر التي أصابت الثروة الحيوانية و الزراعية خلال الحرب على غزة ارتفاعا كبيرا أدى في العديد من الأحيان إلى عملية إبادة تامة لمزارع الدواجن وحظائر المواشي التي يعتاش منها المواطنون.

 

و قال جهاد الخطيب، المسئول الزراعي ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بغزة لـ (إيرين): إن «الحرب تسببت في نفوق 250 ألف رأس من الطيور، أي ما يعادل 10 بالمائة من مجموع إنتاج الدواجن» مؤكدا أن الدمار الذي ألحقته الحرب بعدد من مزارع الدواجن أدى إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي في غزة بنسبة 25 بالمائة»، حيث أصبح الكيلوغرام الواحد من الدجاج المدبوح الذي كان يكلف 30 شيكلاً قبل الحرب يكلف حاليا 48 شيكلاً (أي ما يعادل 11.60 دولار).

 

و أضاف الخطيب:»معظم مزارع الدواجن تقع في المنطقة العازلة على الحدود الإسرائيلية مع غزة، و لا زال يصعب الوصول إليها كما تسببت الحرب أيضا في نفوق حوالي 17 بالمائة من المواشي في القطاع».

 

وحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن ثلاثة من اصل أحد عشرة مزرعة تفريخ تعرضت لدمار كامل أو جزئي، مما تسبب في خلق ثغرة في إنتاج الدواجن على المدى القصير بسبب توقف التفريخ.

 

وأوضح الخطيب أن حوالي 1.200 هكتار من الأراضي الزراعية، أي ما يعادل 18 بالمائة من مجموع تلك الأراضي بغزة بما فيها مزارع الحمضيات والزيتون، تعرضت للدمار وهو نفس ما آلت إليه 17 بالمائة من الأراضي المزروعة بالخضار، مما تسبب في خلق ثغرة بنسبة 30 بالمائة في الأمن الغذائي بالقطاع.

 

كما دمرت الحرب حوالي 200 بئر من آبار المياه الجوفية وألحقت أضراراً بـ53 بئراً آخر، من مجموع 2,300 بئر تستعمل لسقي الأراضي الزراعية في غزة، حسب الخطيب.

 

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن حوالي 14 ألف أسرة تدخل في عداد المزارعين الذين يعيشون على ما يزرعونه، و60 ألف شخص يعملون في القطاع الزراعي حيث تشكل الزراعة والصيد البحري حوالي 10 بالمائة من اقتصاد غزة.

 

الحرب على غزة لم تطارد المواطنين في بيوتهم و مراكزهم الصحية ومدارسهم ومساجدهم فقط بل طاردت الأموات منهم في مقابرهم ووصل بها الحد إلى استهداف حتى الحيوانات والدواجن والطيور وغيرها..أفلا يستحق مرتكبو مثل هذه الجرائم أن يطاردهم ويلاحقهم القضاء العالمي ؟!.