خبر حوار فلسطيني برغبة إسرائيلية ..سلامة عطا الله

الساعة 06:48 ص|28 فبراير 2009

ما كانت الحرب إلا لتقود حماس إلى قبلة سياسية أخرى، ولأن التغييرات المفصلية في السياسة تحتاج إلى أقنعة تختفي خلفها، أرادت إسرائيل أن تمنح الحركة الصيغة التي تعينها على تجاوز مواقفها القديمة دونما أن تصطدم بلوم جماهيرها، فكان الحوار الفلسطيني مدخلا وفرصة كي تمارس حماس سلوكا سياسيا مختلفا تحت عنوان حكومة الوحدة أو التوافق أو ما شئت من أسماء، فالعبرة هنا ليست بالمباني إنما بالمعاني.

 

حكومة تشق طريقها بسلاسة للقبول بشروط الرباعية الدولية، وتتحدث باسم الكل الفلسطيني ولا تعبر عن كامل معتقدات من ينضوي تحت لوائها، وقد ترى حماس في ذلك جسرا للتنفس لا للتنازل، مع حرص على التمييز دوما بين مواقف الحركة والحكومة، واستعدادا للنزول عن عرش التطلعات السياسية بشئ من وقار، وإلا فالبديل هو استمرار الحصار وظهور حماس كمن تعطل الحوار.

 

هي باختصار حكومة تعاني انفصاما واضحا في الشخصية، وتثبت بطريقة أكثر ذكاء أن برنامج المقاومة غير مسموح له أن يلبس الزي الرسمي، والخطورة تكمن في استمراء عيش هكذا حكومة لفترة طويلة، والتخلي لاحقا عن إجراء انتخابات تستحيل نزاهتها، لجملة أمور أهمها: العامل الإسرائيلي الذي يحول دون تمكن حماس من التحرك في الضفة الغربية والمكوث في أجهزة السلطة هناك، وحينما يأتي موعد الاستحقاق الانتخابي كما سيتفق عليه، ستواجه الحركة خيارين: إما القبول بانتخابات لا تسير كما تشتهي، وإما أن تقف مشاريع إعادة الإعمار بعد التقدم في بعضها من باب التوريط وفتح الشهية لإكمالها، وساعتها سيكون المزاج الشعبي مع تسيير ما هو قائم لمواصلة الحياة مع عدم اكتراث بمن سيأتي ومن سيفوز.

 

بنظرة التكتيك السياسي سيكون ذلك في مصلحة حماس لتجاوز عقبات إعادة الحياة لغزة ما بعد التدمير، لكن المنطق الإسرائيلي في التعامل مع الواجهة السياسية الفلسطينية يقود للتوقع بأن يتم ابتزاز الحكومة القادمة للولوج في مشاريع سياسية تخدم المصالح الإسرائيلية، ومنها تعميق الشرخ في الأذهان الفلسطينية بين اعتبارات الحياة وضرورات المقاومة..أتريدون العيش!! هذا هو الطريق، وإلا..

 

ولترغيب حماس في القبول بـ "حكومة التوافق!!" سيمهد الطريق للقفز عن ألغام القضايا العالقة في الحوار، فما عادت إسرائيل تعول على أجهزة فلسطينية ترعى مصالحها الأمنية في القطاع، فجيشها قادر على فعل ذلك بنفسه، ومن باب "زيادة الخير" سيصار إلى تعزيز تواجد الأجهزة المحسوبة على تيار التسوية نوعا لا كما، وسيقتصر حضورها على المرافق المهمة، كالمعابر وما يربط الفلسطينيين بالمؤسسات الإسرائيلية معيشيا واقتصاديا، لتستخدم هذه الأجهزة إذا ما تعثر المشروع وفق الهوى الإسرائيلي، في المناكفات وابتزاز حماس.