خبر الطريق الثالث..هآرتس

الساعة 09:39 ص|27 فبراير 2009

بقلم: الوف بن

الرئيس الامريكي، براك اوباما يريد ان يصمم نظاما جديدا في الشرق الاوسط، يقوم على اساس الدبلوماسية والحوار وليس على اساس المقاطعة والقصف. اسرائيل تريد تحطيم "محور الشر" المهدد، الذي مركزه في ايران وفروعه في سوريا، في لبنان وفي غزة، وهي تعارض الانسحاب من المناطق. سوريا تريد تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وتعزيز سيطرتها في لبنان، دون أن تنحني امام اسرائيل.

كيف يمكن الدمج بين هذه المصالح؟ هل توجد صيغة ترضي اسرائيل، سوريا والولايات المتحدة بقيادة اوباما، تحدث تغييرا استراتيجيا في المنطقة وتتلائم وقدرة الامتصاص السياسي للاطراف ذات الصلة؟ هل يوجد بشكل عام معنى لتقدم أي شيء في القناة السورية، بعد كل خيبات الامل، الاخفاقات والجمود المتواصل؟

بين مقربي رئيس الوزراء المكلف، بنيامين نتنياهو، تدور فكرة تسوية انتقالية بين اسرائيل وسوريا، تعلن فيها الدولتان عن "حالة عدم القتال" مقابل انسحاب اسرائيلي من منطقة صغيرة في هضبة الجولان. من ناحية اسرائيل، ترمي التسوية الى تقليص خطر الاشتعال العسكري في الشمال، اضعاف التهديد الايراني والاظهار بان حكومة نتنياهو مستعدة للتقدم المدروس والحذر في المسيرة السلمية. اسرائيل ستتنازل عن بعض الاراضي وسيكون بوسعها ان تفحص على مدى الزمن السلوك السوري واستعدادهم للابتعاد عن ايران، عن حزب الله وعن حماس دون الاخذ بمخاطر امنية.

من ناحية السوريين، التسوية الانتقالية في الجولان يمكنها أن تكون مدخلا لانعطافة في العلاقات مع امريكا وتحسين الوضع الاقتصادي والامني. وتحت غطاء "كبح جماح حزب الله ومنظمات الارهاب" سيحصل السوريون على الشرعية لتعزيز سيطرتها في لبنان. كما ان هذه ستكون فرصة مناسبة لاغلاق ملف التحقيق الدولي ضد الرئيس بشار الاسد ومقربيه، للاشتباه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. ولكن مثلما ستواصل اسرائيل السيطرة في معظم الجولان، سيكون بوسع السوريين ايضا ان يواصلوا سلوكهم البارد، والا يضطروا الى ان يسنضيفوا في اراضيهم دبلوماسيين وسياح اسرائيليين.

رجال نتنياهو يقولون، انهم لم يسمعوه يتحدث عن تسوية انتقالية في الشمال وان رئيس الوزراء المكلف يفضل التقدم مع الفلسطينيين وليس مع السوريين. ولكن حسب اقوالهم، فان الفكرة "بالتأكيد تناسب تفكير بيبي" ولها ايضا احتمالية سياسية كونها تدمج شك اليمين بالنسبة للتسوية الشاملة بتفاؤل اليسار الذي سيدعم كل تقدم سياسي.

17 سنة من الفشل

نتنياهو صرح في زيارته الى الجولان عشية الانتخابات ان "غملا لن تسقط مرة اخرى" و "الجولان سيبقى في ايدينا". وحسب اقواله، فان "هذه هي الحدود الاكثر هدوءا لدينا اذ اننا على الجولان وليس اسفله". وفي فرص اخرى حذر من ان الانسحاب من الجولان سيحول المنطقة الى "قاعدة ايرانية" والمفاوضات التي ادارها ايهود اولمرت مع السوريين اعتبرها تنازلات بلا مقابل، خطوة زائدة لم تؤدي الا الى انقاذ الاسد من العزلة الدولية. ولكن تسوية تتضمن انسحابا محدودا فقط، "تبقى فيه اسرائيل في الجولان، لا تتناقض ومبادىء نتنياهو.

كل الجهود لتحقيق سلام بين سوريا واسرائيل، منذ مؤتمر مدريد في تشرين الاول 1991، استندت الى ذات الصيغة: انسحاب اسرائيلي من كل هضبة الجولان، مقابل التوقيع وعلاقات سلام كاملة وترتيبات امنية تبعد الجيش السوري عن الحدود وتمنح اسرائيل اخطارا استخباريا.

التسوية تبدو بسيطة، بالقياس الى المفاوضات المركبة مع الفلسطينيين. في القناة السورية لا شك أنه "يوجد شريك" قادر على اتخاذ القرارات وتنفيذها ولا توجد مشاكل عاطفية ودينية مركبة مثل القدس، اللاجئين و "ارض الاباء والاجداد". كما أن المنفعة الاستراتيجية للتسوية تبدو مفهومة من تلقاء ذاتها: اخراج سوريا من "معسكر المقاومة" ونقلها الى مجموعة المعتدلين في المنطقة سيصفي مرة واحدة والى الابد خطر الحرب "الكبرى" بين اسرائيل وجاراتها، ويمنح سوريا الفرصة للحداثة والنمو الاقتصادي.

ومع ذلك، فان كل المساعي فشلت ولم تحقق شيئا. ستة رؤساء وزراء اسرائيليين اداروا مفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع رئيسي سوريا، حافظ وبشار الاسد: اسحق شمير، اسحق رابين، شمعون بيرس، نتنياهو، ايهود باراك واولمرت. فقط ارئيل شارون لم يرغب. وباستثناء شمير، كلهم وافقوا مبدئيا على انسحاب من الجولان، وفي عهد باراك الخلاف على الحدود تقلص الى قاطع بعرض 200 متر. ولكن الفجوة لم تغلق.

المشترك بين كل الاخفاقات كان ان الطرفين امتنعا عن اتخاذ الخطوة النهائية التي كان من شأنها أن تحطم الحاجز النفسي وتضعهما امام مخاطرة سياسية كبيرة. اسرائيل رفضت الانسحاب الى الخط الذي طالب به السوريون، والذي كان سيمنحهم سيطرة على الشاطىء الشمالي – الشرقي من بحيرة طبريا. سوريا رفضت خطوات التطبيع والدبلوماسية العلنية والتي كانت كفيلة بان تخفف من حدة المعارضة الاسرائيلية للانسحاب.

نتنياهو ادار مفاوضات سرية مع الاسد في العام 1998، حين بحث عن مسار التفافي للمحادثات مع الفلسطينيين. يوجد خلاف على الاقتراحات التي نقلها الى الاسد عبر مبعوثه رجل الاعمال الامريكي رونالد لاودر. نتنياهو ورجاله يقولون انه تلقى موافقة سورية على ابقاء محطة انذار مبكر في جبل الشيخ، وان نتنياهو اقترح ان تبقى اسرائيل على "خط الجرف"، وان كان هذا ايضا يستدعي اخلاء كل المستوطنات. رجال باراك، الذي خلف نتنياهو في مكتب رئيس الوزراء وحصل على الوثائق، يقولون ان نتنياهو كان اكثر سخاء واقترح ان تتقرر الحدود "على اساس الحدود الدولية وخطوط 1967" – صيغة غامضة تترك مجالا واسعا للمرونة". وحسب الروايتين، فان الاسد طلب ان يرى خريطة، نتنياهو رفض وهكذا انتهت المفاوضات دون نتائج.

المحادثات اخفيت عن الجمهور وانكشفت فقط عشية الانتخابات في مواجهة تلفزيونية بين نتنياهو ووزير دفاعه المنحى، اسحق مردخاي الذي قال له: "يا بيبي، انظر لي في العينين" ردا على سؤال مدير المناظرة عن الجولان. التفاصيل لم تتضح الا بعد أن سقط نتنياهو من الحكم. خصوم نتنياهو، وعلى رأسهم باراك وشارون درجوا على ان يستخدموا قضية لاودر كي يعرضوا "بيبي المتنازل". نتنياهو ادعى بالمقابل بانه حقق اكثر ودفع اقل من رؤساء وزراء آخرين.

ولكن الجدال بقي افتراضيا، في غياب اتفاق، وصعبا التعويل عليه كسابقة بسبب التغيير في الظروف وتعزز "العامل الايراني" في المعادلة الامنية بين اسرائيل وسوريا. واضح فقط انه رغم تصريحاته، فان نتنياهو ايضا كان مستعدا لانسحاب عميق في الجولان مقابل ترتيبات امنية مناسبة.

في المحاولة الاخيرة، في عهد اولمرت، لم يتوصل الطرفان حتى الى مفاوضات مباشرة، واكتفيا بتبادل الرسائل غير المباشرة عبر تركيا. المساعي وصلت الى ذروتها في زيارة اولمرت الى أنقرة، عشية حملة "رصاص مصهور" في غزة حين كان نظيره التركي رجب طيب اردوغان يتحدث هاتفيا مع الاسد ويحاول نسج صيغة لمحادثات مباشرة. اردوغان يدعي انه كاد ينجح، ولكن العملية الاسرائيلية في غزة حطمت الفرصة. سوريا اعلنت عن وقف المفاوضات – مثلما جمدتها اسرائيل في الماضي ردا على العمليات الارهابية – واردوغان هاجم اسرائيل بشدة الامر الذي شل دوره كوسيط.

المحادثات التي ادارها مبعوثو اولمرت مع السوريين تميزت كعائق جديد لم يكن قائما في العقد السابق. اسرائيل لم تعد تكتفي بمطلب تجريد الجولان من السلاح وتقييد انتشار الجيش السوري، بل تركز على التحالفات العسكرية لسوريا. اولمرت اراد تعهدا سوريا بتبريد العلاقات مع ايران والكف عن دعم حزب الله وحماس. السوريون رفضوا التعهد، وعلى اكثر الاحوال لمحوا بان هذه قد تكون النتيجة غير المباشرة للتسوية، وليست شرطا مسبقا.

فكرة التسوية الانتقالية تتجاوز العوائق التي انتصبت في وجه المفاوضات في الماضي، دون تحطيم القواعد الاساس للمسيرة السلمية الاسرائيلية – العربية.  التسوية الانتقالية لا "تخرج من الصندوق" بل ببساطة تقلصه، بحيث لا تصطدم بجدران المعارضة السياسية. كل طرف يؤجل مطالبه القصوى ويكتفي باقل. اسرائيل تتنازل في هذه الاثناء عن "تناول الحمص في دمشق"، والسوريون عن "انزال اقدامهم في مياه البحيرة". هذه الاحلام ستنتظر مرحلة مستقبلية يتقدم فيها الطرفان نحو التسوية النهائية. المشكلة النفسية ستكون تحطيم الصيغة المقدسة لـ "اما كل شيء أو لا شيء" في المسيرة السياسية مع السوريين.

كيف ستبدو التسوية على الارض؟ اسرائيل ستنسحب من القرى الدرزية في شمال الجولان، او من بعضها. سوريا يمكنها ان تدعي بانها تستعيد مواطنيها "الذين تحرروا من الاحتلال الاسرائيلي"، بعد ان حاولت تشجيعهم في السنوات الماضية على "المقاومة". ولاضافة مصداقية للانسحاب الاسرائيلي، سيكون ممكنا التفكير ايضا باخلاء مستوطنة يهودية او اثنتين. سيكون هذا اصعب على الهضم من الاحزاب اليمينية. جبل الشيخ ومنشآت الانذار المبكر عليه ستبقى تحت سيطرة اسرائيلية، والمنطقة التي سيحصل عليها السوريون ستكون مجردة من السلاح تماما، مثل القنيطرة اليوم. اسرائيل ستقترح بالتأكيد على الدروز من الجولان ممن يرغبون البقاء في نطاقها، الحصول على مواطنة اسرائيلية. وفضلا عن الاتفاق، لن تتخذ أي خطوة نحو التطبيع، مثل تبادل الدبلوماسيين على أي مستوى كان.

حسب معطيات مكتب الاحصاء المركزي، المعدلة حتى ايلول 2008، في الجولان يعيش 40 الف نسمة: 21.5 الف درزي في اربع قرى (منهم 9.300 في مجدل شمس) و 18.5 الف يهودي (6.500 في كتسرين والباقي 31 مستوطنة المجلس الاقليمي للجولان). وحسب "قانون هضبة الجولان" للعام 1991، فان الجولان هو ارض سيادية اسرائيلية، ولكن اسرائيل امتنعت عن مشاريع التنمية والاستيطان الكبيرة فيه. في هذه الاثناء ازداد عدد السكان بصمت: 3.6 في المائة في السنة – اكثر من المتوسط القطري. ولكن يجدر بالذكر ان الحديث يدور عن بضع مئات من الاشخاص، وفي منطقة محيط هزيلة العمالة.

"قانون حصانة الجولان" من العام 1999 يتطلب اغلبية 61 نائبا لكل تنازل عن ارض سيادية اسرائيلية والمصادقة على القرار في استفتاء شعبي، وفقا للقواعد التي تتقرر في تشريع منفصل، لم يستكمل بعد. الامر يخلق عائقا سياسيا في وجه كل تنازل في الجولان حتى ولو على ملم واحد. ولكن يمكن التقدير بانه اذا رغب نتنياهو بمثل هذه التسوية، فسيحقق لها اغلبية في الكنيست من خلال الاحزاب اليسارية.

تحقيق التسوية الانتقالية ونجاحها منوطين باستعداد سوريا للابتعاد عن "شركائها الطبيعيين" في ايران، في لبنان وفي المنظمات الفلسطينية، والتخلي عن مكانها المركزي في "معسكر المقاومة" لاسرائيل؛ وباستعداد الولايات المتحدة على منح سوريا اغراءات كافية، في شكل اعتراف بمكانتها في لبنان، اغلاق ملف الحريري ومساعدات اقتصادية كي تنتقل الى الطرف الاخر.

لخطوة كهذه توجد سابقة واضحة: الاتفاق الانتقالي الاسرائيلي – المصري في العام 1975، حين تعهدت الدولتان على أن النزاع بينهما وفي الشرق الاوسط لن يحل بالقوة العسكرية، بل بالطرق السلمية، بل واعربا عن "تصميمهما" على تحقيق "تسوية نهائية وعادلة". اسرائيل انسحبت من نقاط اساسية استراتيجية في سيناء – معبري المتلة والجدي وحقل النفط في ابو رودوس. وفي المنطقة التي اخليت انتهجت ترتيبات امنية في اساسها محطة انذار مبكر بتشغيل طواقم امريكية، سابقة طرحت بعد سنين لمحطة الانذار المبكر في جبل الشيخ في المفاوضات مع سوريا.

بعد 30 سنة من السلام مع مصر، يبدو الاتفاق الانتقالي كملاحظة هامشية في التاريخ. ولكن ليس هكذا رآها ابناء تلك الفترة. المفاوضات كانت عسيرة ومتلوية واثارت ازمات شديدة في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة حين اعلن هنري كيسنجر عن "اعادة التقويم" للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط كعقاب على العناد الاسرائيلي في المفاوضات. رئيس الوزراء، اسحق رابين، بصعوبة تصدى لوزير الدفاع شمعون بيرس الذي كان يمثل الخط الصقري في الحكومة. اليمين برئاسة مناحيم بيغن وغوش ايمونيم قاد احتجاجا ضد الاتفاق تضمن تعابير مهينة تجاه كيسنجر الذي وصف كخائن للشعب اليهودي.

مجدل شمس اولا

 ولكن الاساس المركزي في الاتفاق الانتقالي مع مصر لم يكن الانسحاب او التصريح بانهاء النزاع بالوسائل السلمية بل الدور الامريكي. الاتفاق نقل مصر من الكتلة السوفييتية الى المعسكر الامريكي. الاتحاد السوفييتي انتقده بشدة، وعاقب مصر بالغاء صفقات سلاح. من ناحية اسرائيل ايضا، بشر اتفاق 1975 بارتفاع في درجة المساعدات العسكرية والعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، الامر الذي كان هاما على نحو خاص بالنسبة لرابين.

احدى الحلويات التي منحها الرئيس جيرالد فورد لرابين كانت الرسالة الشهيرة التي وعدت فيها الولايات المتحدة "باعطاء وزن كبير" لموقف اسرائيل، في ان عليها ان تبقى على هضبة الجولان حتى في اتفاق سلام مع سوريا. هذه الرسالة مستحبة على نحو خاص لدى رجال اليمين الاسرائيلي، المقربين من نتنياهو.

بعد عودته الى رئاسة الوزراء عاد رابين الى فكرة التسويات الانتقالية كتمهيد للسلام وحقق وثيقة كهذه مع الملك حسين ("تصريح واشنطن")، قبل بضعة اشهر من توقيع الاتفاق النهائي في تشرين اول 1994. وعندما علقت المفاوضات مع السوريين طرح رابين فكرة "مجدل شمس اولا" كخطوة انتقالية، ولكن الاسد لم يكن يرغب حتى في السماع عن ذلك.

البروفيسور ايال زيسر رئيس مركز دايان في جامعة تل أبيب والخبير في الشؤون السورية، يعتقد بان الاسد الابن ايضا سيرفض صفقة جزئية. السوريون لا يرون في سابقتي مصر والاردن نجاحين كبيرين، بل تعبير عن خضوع القومية العربية العزيزة لاسرائيل وامريكا. زيسر يعتقد بان الاسد لن يتخلى عن التحالف مع ايران، وفي اقصى الاحوال سيرغب في تحسين العلاقات مع الغرب، فيما يحافظ على العلاقة الوثيقة مع ايران. في نظر الاسد، لا مبرر لخطوات انتقالية تخلد فقط الاحتلال الاسرائيلي في الجولان وتمنحه الشرعية. سوريا ستوافق على اتخاذ الخطوة الكبيرة والتقرب من اسرائيل فقط اذا ما حصلت بالمقابل على انسحاب كامل الى خطوط 4 حزيران 1967.

كما أن اللواء احتياط اوري سجي، الذي لاحظ بصفته رئيسا لشعبة الاستخبارات الانعطافة في الموقف السوري واستعدادها لمسيرة سلمية مع اسرائيل، ادار المفاوضات في عهد باراك وكان ضالعا في اتصالات غير رسمية، لا يتحمس لتسوية انتقالية في الجولان. فسجي يؤمن بان اتفاق السلام مع السوريين ممكن اليوم ايضا، وانه يمكن ايجاد صيغة لحل الخلاف على الحدود. وهو يجد صعوبة في أن يرى ماذا ستكسب اسرائيل من خطوة جزئية ويعتقد انه سيكون من الصعب اقرارها سياسيا، كون الجمهور سيفضل ان يؤيد رزمة شاملة مع التطبيع.

لا ريب أنه سيكون من الصعب اقناع الطرفين بالخروج من السياقات القديمة، والاكتفاء بتسوية متواضعة، دون مصافحة، احتفالات فاخرة وجوائز نوبل. ولكن في الوضع الذي تتقدم فيه الدبلوماسية الاقليمية في كبح جماح القوة المتعاظمة لايران، وفي اسرائيل تسيطر حكومة تتحفظ من الانسحاب الشامل من الجولان، فان التسوية الانتقالية يمكنها ان تكون "الطريق الثالث" الذي يهدىء خطر الاشتعال ويخلق خشبة قفز لمواصلة الطريق. وعلى نحو خاص في ضوء حقيقة أن المسار الشامل قد جرب من قبل المرة تلو الاخرى وفشل دوما.