خبر وداع لرئيس وزراء بالصدفة..هآرتس

الساعة 09:38 ص|27 فبراير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

ليس لتأبين ايهود اولمرت آتي نحو نهاية ولايته بل بالذات لتمجيده. ليس لانه رجلا مستقيما بل لانه كانت له الكفاءة لان يتظاهر بانه مواصل درب ارئيل شارون، الزعيم الذي رفع شعار "حان الوقت للاستيقاظ من حلم ارض اسرائيل الكاملة". بل اكثر من ذلك، ادعى اولمرت غير مرة بانه هو الذي اخترع هذا الشعار.

بودي أن امجده على الصدفة التي حل فيها محل شارون وبسبب قدرته على التظاهر بانه يواصل طريقه. صحيح أن شارون لم يتحدث فقط بل وفعل ايضا. فقد أزال 25 مستوطنة، ولو بقي معنا، لمن شبه اليقين ان يكون لذلك استمرار على الارض، رغم أنف بيبي وليبرمان. اولمرت نفسه لم يزل أي مستوطنة.

اولمرت هو رجل احترام، إذ ان حكومة كديما دارت وكأن اولمرت يواصل طريق شارون. فقد ابقى ظاهرا على المسيرة السلمية في الوجبات المسائية عنده او عندهم، وكلف تسيبي لفني بادارة المفاوضات، بعلم داهية، كما يصعد الشك بان السلام لن يخترق وانها ستتآكل.

طور محادثات السلام السرية مع سوريا بوساطة الاتراك بل وصادق على قصف المفاعل النووي في سوريا. الحدثان ابقيا قيد الكتمان، اذ ليس زعيما مسؤولا مثله يتصرف، مثل عاموس جلعاد، لتسريب الاسرار لكتاب صفحات نهاية الاسبوع. لو نشرت مثل هذه الاسرار مع ذلك في عناوين كبيرة فليس زعيما مسؤولا مثله سيعلن الحرب على حرية الصحافة.

اولمرت، رئيس وزراء بالصدفة جراء لقب القائم بالاعمال الذي منح له كتعويض عن عدم تعيينه وزيرا للمالية، ليس سياسيا عديم الكفاءات. العكس هو الصحيح. فهو ثعلب سياسي قدم، تحت عصا قيادته اديرت الحكومة بشكل معقول، سواء على المستوى الاقتصادي ام في العلاقات الدولية. لديه كفاءة بان يبث الاحساس بالود. وبصفته طويل القامة فانه يرفع يدا معانقة الى كتف محاوره، الرئيس بوش مثلا، دون أن تتشنج كتفه. ومع ان اولمرت أكثر من الحديث عن مبدأ الدولتين للشعبين، ولكن لم تكن لديه الاهلية القيادية التي كانت لشارون ليتحدث أقل ويفعل اكثر. وكابن لعائلة اصلاحية، واصل طريق جابوتنسكي الذي آمن بقدر كبير بمفهوم أن القول يساوي الفعل.

اولمرت هو ثعلب سياسي قديم كمتفرغ سياسي قديم. ولكن نزعة التمتع، انعدام ضبط النفس الذاتي، انعدام القدرة على استيعاب النقد والاعتراف بالاخطاء ونزعة الثأر رأسخة فيه. وبالفعل، على ماذا ولماذا طور ضغينة عميقة جدا تجاه لفني؟ لانها حثته بعد حرب لبنان الثانية على الاستقالة. رده  "استقيلي انتِ" كان نزقا وصبيانيا.

تعيين دانييل فريدمان كوزير للعدل، مثلا – حين ظهرت شبهات ضد اولمرت – استقبل كاعلان حرب على سلطة القانون في اسرائيل، وكمحاولة لضعضعة اسس وجود المحكمة العليا كمدماك مركزي في سلطة القانون. هذا لا يعني ان ليس هناك ما ينبغي اصلاحه في هذا المجال. ولكن اختيار رجل له اجندة شخصية كوزير للعدل هو موضوع خطير ومرفوض. في الولايات المتحدة مثلا، هناك مواطنون لا ينتخبون الرئيس قبل أن يعرفوا من سيعين في المحكمة العليا.

رغم الانطباع الذي يخلقه اولمرت كودود ومحبب، فانه ليس زعيما في صورة وشخصية شارون. كان في سلوكه قدر كبير من انغلاق الحس والتسرع. فهو رئيس الوزراء الوحيد الذي بادر في ولايته الى حربين لم تنتهيا بالخير. القرار بشن حرب لبنان الثانية – التي كانت خلفيتها الرغبة في استعادة جنديينا المخطوفين الداد ريغف وايهود غولدفاسر كان خفيف الراي. اولا، لانه حسب وضع المركبة وكمية الدم كان هناك معقولية عالية الا يكونا على قيد الحياة. ثانيا، لان الجيش الاسرائيلي كان غير مستعد والجبهة الداخلية مكشوفة اكثر مما ينبغي كي نتمكن من الانطلاق الى هذه الحرب الزائدة التي جبت 160 ضحية. وكنتيجة لها يوجد لنا في الشمال حزب الله اقوى، اكثر تسليحا ولكنه أكثر حذرا كي يعمل فقط حين تشجعه ايران. حملة "رصاص مصهور" التي خلافا لعمير بيرتس المدني، وجهها عبقري عسكري، اوقفت قبل الاوان ودون حسم.

المظاهرات اللا سامية والدعوات لتقديم اسرائيل الى المحاكمة بتهمة جرائم ضد الانسانية. وهي ادعاءات لم توجه ابدا لنا في الحروب الدفاعية الكثيرة التي شهدتها اسرائيل. اذا لم يحصل في اللحظة الاخيرة تغيير لدى لفني، فان الليكود واليمين المتطرف سيصعدان الى الحكم. بينما رئيس الوزراء بالصدفة الذي ينتظر الشهادة الثانية لتلنسكي والذي يذهب بعد 15 تحقيقا شرطا الى الاستماع في النيابة العامة، لم يشفَ من نزعة التمتع ويطلب ان يزيدوا له مكتب رئيس الوزراء المتقاعد بـ 30 متر مربع اخرى. سيكون هذا اسهل على التحقق من وعده بتحرير جلعاد قبل انهاء مهام منصبه.