خبر وجع و صمود... قصة أهالي حي البستان المقدسي ...

الساعة 07:55 ص|26 فبراير 2009

القدس المحتلة: فلسطين اليوم

لم تبدأ قصة حي سلوان هذا الأسبوع ، حين كشفت صحيفة " هآرتس " يوم الجمعة الأخير 20/2/2009م عن عرض قدم من قبل ممثل البلدية العبرية في القدس لأهالي حي سلوان بتوفير أراضي بديلة في حالة وافقوا على إخلاء بيوتهم طوعيا.

حي البستان و بلدة سلوان الواقعة بمحاذاة السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك ، بدأت منذ الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس والمسجد الأقصى المبارك عام 1967م ، و تعمق عمليات الحفريات في المنطقة الجنوبية والشرقية للمسجد الأقصى المبارك ، و الاستيطان العبري المكثف في شرقي القدس، و كان التهميش و التمييز العنصري و الاضطهاد الديني نصيب المقدسيين و بالطبع أهل سلوان.

قرصنة و احتيال...

ففي نهاية أعوام الثمانين وبداية التسعين من القرن الماضي بدأت أيضا عملية الاستيلاء عن طريق القرصنة و الاحتيال والخديعة من قبل المنظمات الاستيطانية " إلعاد " و" عطيرت كوهنيم"، بالإضافة إلى إعداد مخطط تهويدي شامل للبلدة القديمة في القدس ومحيط المسجد الأقصى بإسم ( ع.م/9 ) والإعلان عن مناطق واسعة من محيط أنها مناطق خضراء أو حدائق وطنية أو مناطق مفتوحة ، وتحويل محيط الأقصى إلى حدائق وطنية بصبغة توراتية أي تحديد وإيقاف مستقبل البناء المقدسي اللازم في هذه المنطقة.

و تكثفت في الوقت نفسه أعمال الحفر في هضبة سلوان ووادي حلوة وعين سلوان، و تحولت سلوان إلى منطقة حفريات واسعة بإدعاء البحث عن آثار للملك داوود، و كشف عن عدد من الأنفاق في أعالي بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك.

 

المخطط بدء في 2001

ومع بداية الألفية الثالثة 200/2001م بدأ يتكشف حجم الاستهداف الإسرائيلي لبلدة سلوان و بالذات حي البستان، هدم العديد من البيوت، و بلغ الأمر أوجه عام 2004 م عندما أصدر مهندس البلدية العبرية في القدس أمراً بهدم 88 بيتاً في حي البستان، أي الحي بأكمله بحجة البناء غير المرخص، وكان الهدف الحقيقي إقامة حديقة توراتية بإسم " حديقة الملك داوود" كأحد مرافق بناء الهيكل المزعوم، نصبت خيمة اعتصام و تواصلت النشاطات حتى أعلن حينها عن تجميد هدم البيوت.

طلب من أهل حي سلوان حينها تقديم مخطط بنائي شامل لحي السلوان وهم ما فعلوه على وجع السرعة، وتم تقديم المخطط للجنة التخطيط والبناء اللوائية في القدس ، حيث سرب من جانبها أنها ستوافق وتقر مخطط أهل سلوان، إلا انه في نفس الوقت قدم مخطط آخر من قبل البلدية وهو مخطط تهويدي لمنطقة كل سلوان و ضمنها حي سلوان ، وقد علم أن المخطط هذا قد أقرّ.

في يوم الأربعاء الأخير 18/2/2009 اجتمعت اللجنة اللوائية في القدس للتباحث في المخطط الذي قدمه أهل حي سلوان ، عقدت جلسة مفتوحة ، عقبها جلسة مغلقة ، وعلم أن البلدة رفضت مخطط حي سلوان، في الأثناء كان ممثل عن البلدية العبرية في القدس يعقد جلسات مع أهل حي سلوان يعرض عليهم إخلاء بيوتهم إل 88 طوعا، على أن يتم توفير أراضٍ بديلة أما في منطقة قريبة في سلوان أو في منطقة بيت حنينا أحد أحياء شرقي القدس، و عروض ممثل البلدية رفضت بشكل قاطع، وتمسك أهل الحي بحقهم في بيوتهم، ولم تلبث إلا ساعات أو أيام حتى نشرت "هآرتس" خبر عرض ممثل البلدية وخطر الهدم الذي يتعرض له حي سلوان.

سيبدؤون التنفيذ...

يوم الأحد 22/2/2009م بدأت طواقم هندسية تابعة للبلدية العبرية في القدس وبحراسة شرطية مشددة بمسح هندسي لمداخل عدد من بيوت أهل البستان، تصوير الأزقة وأسطح المنازل، ووزعت إخطارات هدم لنحو 90 بيتا هي مجموع بيوت حي سلوان، على الفور نصبت خيمة الاعتصام مدخل الحي لتفعيل وتنسيق نشاطات التصدي لتنفيذ مخطط الهدم الجماعي والترحيل والتطهير العرقي، حضرت الوفود وأصدرت بيانات الشجب و الاستنكار على المستوى الإسلامي والعربي والفلسطيني، فهل هذا ما ينتظره ويريده أهل حي سلوان.

فخري ابو ذياب، من سكان الحي وعضو لجنة الدفاع عن حي سلوان قال ان أجواء من الترقب تسود، فعموم أهل الحي متخوفين من المستقبل المجهول، و خاصة بعد صعود اليمين الإسرائيلي إلى الحكومة، نحن نتكلم مع الناس، أصحاب البيوت لهم ثقة بالله أولا ، ونحن متمسكون بأرضنا، وثابتون فيها، فهذه الهجمة قوّت من صمودهم، و أصبحت النظرة عند الناس بأن القضية سياسية من الدرجة الأولى وليس تخطيطية أو ترخيصيه أو ما إلى ذلك.

و أضاف فخري أبو ذياب:" هذه ليس الجولة الأولى، في بداية الأسبوع بدأت طواقم البلدية بعمليات مسح هندسي و تصوير برفقة الشرطة والقوات البوليسية والبلدية، تصوير الحي، مداخل البيوت والأزقة، و هذا يدلّ أن البلدية تتجه لتنفيذ الهدم، والسؤال كيف نواجه الملف، فنحن لا نعول على المتابعة القضائية ولكن من قبيل محاولة سحب البساط، هناك المسار الإعلامي والدبلوماسي، والضغط عليهم وفضح ممارستهم، ومخططاتهم، وجود الناس في بيوتهم، التواجد في خيمة الاعتصام، وتفعيل الخيمة ، و مسار الاتصال بالعالم العربي و الإسلامي وشرح أن هذه القدس وسلوان، و نحن مرابطين ، وان بيوتنا ليست ملكا شخصيا ، بل لكل المسلمين، اذ القدس للمسلمين جميعا، و نحن نحمل المسؤولية للشعوب الإسلامية  والعربية، على الأقل ان يأخذوا دورهم العملي، عن طريق المؤسسات الرسمية والشعبية".

تخوف دائم...

أحمد بدران، من سكان الحي، تحدث إلينا قائلا:" هناك حالة تخوف لدى الصغار والكبار مما قد يحدث، لا أمان لهم ، الهجمة الاستيطانية واضحة على كل القدس، و الأمر واضح و ملموس، هناك إجماع إسرائيلي على مخططات الاستيطان و التهويد لا فرق بين يمين او يسار ، نحن لا نقبل المساومة أبداً ، الأمر مرفض قطعاً ، وسنبقى في بيوتنا".

أما السيد احمد رجا أبو مشافع فيقول:" لي ثلاث شقق في حي البستان، يعيش فيها 14 نفر ، دفعت مبلغ 50 ألف شيقل غرامات على البناء، هدموا بيتاً لأبني، وقمنا مباشرة ببنائه مرة أخرى، بعد خبر صدور أوامر الهدم الجديدة الأولاد يذهبون إلى المدرسة  وعندهم توجس وخوف من ان يرجعوا فيجدوا أن بيوتهم قد هدمت، هذه هجمة استيطانية شرسة علينا ، أصعب من ذي قبل، قبل كانوا يخالفون لواحد او يهدموا لواحد، اليوم إخطارات بالهدم والترحيل الجماعي، جميع بيوت حي سلوان وقسم من بيوت وادي قدوم ووادي حلوة".

و أضاف:" هم يريدون تيئيس الناس، و نقول لن نيأس لن نرحل وسنبقى صامدين، محافظين على أرضنا وبيوتنا، أرضنا لا تقل خطورة عن المسجد الأقصى، نحن بجانب الأقصى بإذن الله، الله يحمينا ويحمي الأقصى ، إذا ذهبت بيوتنا ، ذهب المسجد الأقصى ، ونعتقد أن الوقفة الجماهيرية مشجعة، و ندعو الجميع ان يشارك ، وان يقف معنا هذه الوقفة ، من الداخل الفلسطيني، فأرضنا واحدة ومصيرنا واحد، ونحن شعب واحد، مسلم ومسيحي".

بيده أمسك السيد هشام حسن خليل عقيل، وثيقة طابو للبيت الذي يسكنه وورثه عن أبيه الذي توفاه الله عام 2003م ، وفي اليد الأخرى يمسك قراراً سابقاً من محكمة إسرائيلية تبطل أمر هدم لبيته، لكنها تذيّل القرار بملاحظة تفيد بأنه يحق للبلدية إصدار أمر هدم آخر متى رأت ذلك مناسباً، يقول السيد هشام :" الخوف اليوم طبعا أكثر من قبل، اليوم نعيش قمة المأساة، في السابق كان الهدم لعدد محدود من البيوت، اليوم إخطارات جماعية ، في الإخطار السابق أصابتني حالة هلوسة، أنام الساعة الواحدة أو الثانية ليلا، أنام ساعة واحدة  ثم أصحو".

استنكارات غير مطمئنة...

و تابع:"اليوم تصيبني نفس الحالة التي قد أصابتني قبل أربعة سنين، سكري، ضغط دم  ، بمجرد أني استلمت إخطار الهدم، أنا و إخوتي 25 نفر، ورثناه عن الوالد، و قد ولدنا جميعا في هذا البيت، هذه مأساة بصدق، أما استنكار الدول العربية والإسلامية فلا تطمئن أبداً، و نحذّر هذه خطوات بدائية، فإذا استولوا على حي البستان، استولوا على منطقة سلوان، وساعتها يضيع هذا الجزء الغالي من القدس، و ساعتها يستولون بالكامل على المسجد، فسلوان لها منافذ على المسجد الأقصى".

و اعتبر لا بد من تحرك إسلامي عربي فلسطيني رسميا و شعبيا، و نقول أن الهدف الإسرائيلي هو هدف التهجير وتهويد، و نتساءل لماذا اختاروا هذا الموقع بالذات، موقع آهل بالسكان حتى ينشئوا حديقة، أقول لو كان سيدنا داوود على قيد الحياة لما قبل بهذا العمل".

و تابع يقول:" أنا شخصيا جاءني شخص اسمه أمير بن يعقوب قبل 12 سنة، و عرض علي مبلغ 10 مليون دولار مقابل إخلاء البيت، و بيعه، طبعا رفضت العرض و طردته من البيت و قلت له حي البستان ليس للبيع".