خبر « معاريف »: حكاية فلسطيني يقاضي إسرائيل لمقتل 11 فردا من عائلته في غزة

الساعة 09:04 م|25 فبراير 2009

فلسطين اليوم – وكالات

 نشرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية اليوم الاربعاء في بادرة غير مسبوقة في الاعلام الاسرائيلي نص مقابلة هاتفية اجرتها مع طالب الحقوق في جامعة الازهر بغزة حسين ذيب، روى خلالها مجريات يوم السادس من كانون الثاني (ديسمبر) الماضي عندما قصف الجيش الاسرائيلي منزل عائلته في مخيم جباليا، ما ادى الى مقتل 11 فردا من عائلته واصابته الى جانب اربعة اخرين. وقدم حسين هذا الاسبوع واربعة من افراد عائلته من الذين بقوا على قيد الحياة، دعوى باسم الشهداء ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ووزير الحرب ايهود باراك ورئيس هيئة الاركان الجنرال غابي اشكنازي، وتطالب الدعوى بتعويض قيمته 183 مليون شيكل. ووفقا للائحة الدعوى التي قدمت الى المحكمة المركزية في القاهرة يتحمل الثلاثة المسؤولية عن المأساة التي حلت بافراد العائلة خلال عدوان غزة.

 

وقال حسين للصحيفة: "اتذكر دخانا كثيفا ورائحة غريبة رهيبة، حاولت النهوض وبصعوبة كبيرة تمكنت من تحريك جسمي. كنت اشعر بالام فظيعة. لم اتمكن من مشاهدة اخوتي ولا ابنائهم، اذ غطى الدخان الكثيف كل شيء. حاولت الوصول الى باقي افراد العائلة الذين كانوا الى جانبي قبل لحظات. تجولت بينهم وتحسست كل ما من حولي بهدف التعرف الى شيء ما. عندما بدأ الدخان بالانقشاع شاهدت عددا من افراد عائلتي مستلق على الارض تغطيه الدماء، اقتربت من احدهم وشاهدت ابن اخي (13 عاما) ناديته باسمه، لكنه لم يرد. حاولت رفعه لكنني لم انجح، ايقنت انه مصاب في جميع انحاء جسمه، وكانه كان لا يزال على قيد الحياة. وعلمت في ما بعد باستشهاده".

 

واضاف: "بحثت عن ما اذا كان هناك احياء بين 16 فردا من العائلة كانوا موجودين في المنزل، شاهدت عن بعد نور ابنة اخي، تنظر في اتجاهي وتصرخ ألماً. نسيت أنني مصاب ايضا، حملتها وبدأت بالركض في جنون نحو الشارع الرئيسي. عندما وصلت الى هناك شاهدت الكثير من الشهداء والجرحى، اشخاص يركضون حولهم يحاولون مساعدتهم. سقطت على الارض لانني اصبت في ساقي ولم اتمكن من الوقوف ثانية. مر احد الجيران من هناك واعطيته الطفلة، طالبا منه اخذها الى المستشفى. حدث ذلك في ساعات بعد الظهر وبلغني في العاشرة ليلا نبأ وفاتها".

 

بدأ صوت حسين يرتعد وكأنه يعيش التجربة مرة اخرى، يعميه الدخان وتخنقه رائحة اللحم المحترق. قال أن هذه الصورة لا تفارق ذهنه ولا تدع له اي مجال للاحساس بالراحة.

 

وقدم حسين هذا الاسبوع واربعة من افراد عائلته من الذين بقوا على قيد الحياة، دعوى باسم الشهداء ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ووزير الجيش ايهود باراك ورئيس هيئة الاركان الجنرال غابي اشكنازي، وتطالب الدعوى بتعويض قيمته 183 مليون شيكل. ووفقا للائحة الدعوى التي قدمت الى المحكمة المركزية في القاهرة يتحمل الثلاثة المسؤولية عن المأساة التي حلت بافراد العائلة خلال عدوان غزة.

 

واكد محامي العائلة محمد فقراء في لائحة الدعوى ان "جميع اموال العالم لن تعوض العائلة عن الكارثة التي حلت بها"، وقال ان مبلغ الـ183 مليون شيقل هو فقط لتعويض العائلة عن فقدان الاجور في الماضي والحاضر وعن الالام والمعاناة وفقدان الحياة وفقدان الدخل وكمساعدة لهم، بما في ذلك تكاليف الدفن والعزاء والتكاليف الطبية في الماضي والمستقبل. واضاف: "يتوجب على المحكمة الموقرة، وفي جميع الاحوال، اتخاذ قرار بتقديم تعويضات عقابية كبيرة وذلك بسبب ماهية الحادث ونوعه".

 

حدث ذلك في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الثلاثاء 6 كانون الثاني (ديسمبر) في الوقت الذي كانت تجلس فيه عائلة ذيب في ساحة منزلها بمخيم جباليا للاجئين في منطقة الفاخورة، التي تبعد 80 متراً عن مدرسة وكالة غوث اللاجئين (اونروا). قال حسين: "استيقظنا في ساعات الصباح وفكرنا في كيفية الحصول على خبز. ذهب ابناء اخي سمير للبحث عن الخبز، لكنهم عادوا بعد عدة ساعات بأيدي خاوية لانه لم يكن هناك خبز في المخابز. قررت زوجة اخي معين خبز ارغفة في طنجرة كهربائية صغيرة وذهبت زوجة اخي سمير لمساعدتها، وجلسنا جميعاً حولهما في ساحة المنزل في الوقت الذي كانتا تعدان فيه الخبز".

 

واضاف حسين: "يبعد منزلنا عن الاماكن التي تواجد فيها الجيش الاسرائيلي، ولم تتواجد اية نقطة عسكرية قريبة من المنزل، لهذا لم يعترينا الخوف نهائياً وكان الهدوء مستتباً كلياً، سمعنا الانفجار الاول حوالى الساعة الرابعة، صاروخ اصاب جدار المنزل الذي نقطنه. بعد حوالى ثانيتين وقبل ان نتمكن من فعل اي شيء سقط الصاروخ الثاني في ساحة المنزل، حيث كنا نجلس بالضبط". ووفقاً للائحة الدعوى أكد خبير عسكري في منظمة الصليب الاحمر ان الصاروخ اطلق من طائرة من دون طيار.

 

أصيب حسين في بطنه وساقيه وصدره ونقل الى مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا حيث تلقى اسعافاً اولياً نقل بعده بسبب خطورة اصابته الى مستشفى الشفاء في غزة حيث اجريت له عمليات جراحية، وعندما استيقظ من المخدر ابلغ بسقوط 11 فرداً من عائلته بمن فيهم الطفلة نور التي حملها وركض بها الى الشارع. قال: "تساءلت لماذا فعلوا ذلك بعائلتي ومعظم افرادها من الاطفال؟ نحن مدنيون لا علاقة لنا بأية نشاطات عسكرية. كنا نجلس في منزلنا ننتظر نضج الخبز، لقد فقدت رغبتي في الحياة، لماذا قتل 11 فرداً من عائلتي؟ لا رغبة لي في البقاء وحيداً".

 

وورد في لائحة الدعوى "لم يتوخ جنود المدعى عليهم الحذر ولم يتخذوا اية اجراءات لمنع قتل ابرياء، واطلقوا الصاروخين متجاهلين امكانية قتل ابرياء، منهم المدعين، ومن دون عدالة حتى في ظل اوضاع فرض النظام العام ومن دون اية مصداقية قانونية او امنية، منتهكين بذلك الاعراف المتعلقة بالمناطق السكنية".

 

وعلقت وزارة الجيش الاسرائيلية على تقرير صحيفة "معاريف" بالقول: "لم يتلق مكتب الوزير الدعوى بعد، ولدى تلقيها سينقل الرد مباشرة الى المدعين وليس عبر وسائل الاعلام".