"الثابت" في معركة "البنيان المرصوص"

الساعة 10:40 ص|29 يوليو 2020

فلسطين اليوم

 بقلم الباحث: محمد أسعد البيوك

في مثل هذه الأيام قبل (6) أعوام كانت المقاومة الفلسطينية تخوض معركة باسلة من معارك الشرف والعزة والكرامة دفاعاً عن ابناء شعبنا الفلسطيني أمام جبروت وبطش الاحتلال الصهيوني المجرم الذي دك قطاع غزة المحاصر من الجو والبر والبحر بأطنان من الصواريخ والمتفجرات في حرب طاحنة اطلق عليها العدو (الجرف الصامد) في محاولة منه لشطب ما تبقى من كرامة الامة على هذه القطعة العزيزة من ارض فلسطين التاريخية .

أطلقت حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس على هذه المعركة اسم "البنيان المرصوص" للدفاع عن أبناء شعبنا وقد كان هذا الاسم يحمل دلالات مهمة أولها ضرورة التلاحم ورص الصفوف في مواجهة العدو المجرم الذي لا يفرق بين أي فلسطيني وايضاً على قاعدة كل ما نختلف عليه كفلسطينيين هو خلاف هامشي والثابت الوحيد هو مقارعة ومقاومة الإحتلال صفاً واحداً والتأكيد على ان حالة الاصطفاف والفرز الحقيقي والاجماع الفلسطيني يجب أن تكون فقط في ميدان مقاومة ومقارعة العدو الذي اغتصب أرضنا وسلب حقوقنا وقتل وحرق وشرد شعبنا وهذا ثابت من اهم الثوابت التي رفعتها وتبنتها ونادت بها حركة الجهاد منذ تأسيسها قبل( 4)عقود .

استبسل أبطال فلسطين في معركة "البنيان المرصوص" وواجهوا العدو بأجسادهم الُمنهكة من الحصار بما يمتلكون من إيمان وعقيدة وسلاح متواضع وصواريخ وقذائف صنعوها من رمال وصخور وحجارة غزة المقهورة ليدافعوا بها عن أبناء شعبنا ضد تغول وغطرسة وجبروت العدو المجرم الذي يخوض حرب إبادة ضد أهلنا في القطاع فأثخنوا فيه ضرباً بامكاناتهم البسيطة ولقنوه دروساً لن ينساها في التاريخ فدمروا آلياته وخطفوا جنوده وأجبروه على الانسحاب مهزوماً من الحدود الشرقية للقطاع.

استمرت معركة البنيان المرصوص (51) يوماً استخدم فيها العدو المجرم كماً مجنوناً من الذخيرة والمتفجرات والصواريخ المحرمة دولياً , لم يآبه بقرارات ونداءات المجتمع الدولي والامم المتحدة وضرب بها عرض الحائط فهدم الأبراج السكنية ودمر المنازل فوق ساكنيها وارتكب مجازر مجنونة ووحشية بحق مواطنين عزل وبدون سابق انذار في محاولة منه لضرب الحاضنة الشعبية وتثبيت حالة من الردع ضد المقاومة ولكن فشلت اهدافه امام ارادة الشعب .

رغم كل المجازر والاوجاع والدمار والدماء التي ارتكبها العدو المجرم ولم يستثني منها فلسطينياً وحالة التخاذل من القريب والبعيد في نصرة ابناء شعبنا الا ان المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة استبسلت في الدفاع عن اهلنا وشعبنا وسطرت ملاحم ميدانية بطولية قهرت بها الجيش الذي لا يقهر هذه الملاحم التي تسطر بماء الذهب كانت تشعر أبناء شعبنا بالفخر والعزة فعند كل صليه من الصواريخ كانت المقاومة تدك فيها حيفا ,تل الربيع او عند وقوع عملية خطف جندي صهيوني أو تدمير دبابة أو استهداف رتل من الجنود أو نجاح المقاومة في تنفيذ كمين كانوا يطلقون الزغاريد ويهللون ويكبرون في موقف مليء بالإرادة والعزة والفخر والكرامة والانتصار.

في هذه المعركة التي ودعنا فيها كوكبة عظيمة من شهدائنا الذين قدموا ارواحهم وابنائهم وزوجاتهم وعائلاتهم دفاعاً عن ارضنا وشعبنا راهن العدو الصهيوني من شدة الضربات أن يكسر المقاومة ويسحقها ويفتتها لكن الثابت الواضح والواقعي كان في هذه المعركة هو استبسال المقاومة بكافة تشكيلاتها العسكرية وبقاءها صامدةً صابرةً تقاتل وتدافع عن ابناء شعبنا كتفاً بكتف وظهراً بظهر صفاً (كالبنيان المرصوص ) تدك المحتل حتى الدقيقة الاخيرة .

معركة وجهت فيها المقاومة ضربات شديدة لهذا العدو المجرم رغم المعاناة التي عانتها على امتداد مسيرتها وهي تشق طريقها في الصخر وما زالت الى الان تعاني من حصار وتضييق خناق لكن الجميل الذي نتابعه بسماعنا كل يوم عن تطور بقدراتها , انها تواصل الليل بالنهار لتزداد قوة وعزيمة ، مقاومة لا يوجد في قاموسها مصطلح الهزيمة لأنها صاحبة مشروع عقدي ورسالي مرتبط بطرد وكنس العدو الصهيوني المجرم وتحرير فلسطين من بحرها الى نهرها .

كلمات دلالية