عقبتان تنتظران طلبة الثانوية العامة في التسجيل للجامعة

الساعة 02:35 م|28 يوليو 2020

فلسطين اليوم

ألقت أزمة تردي الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة في قطاع غزة، بظلالها من جديد على أولياء أمور طلبة الثانوية العامة (توجيهي) الجدد، بعدم توفير رسوم دراستهم للالتحاق بالفصل الدراسي الجديد، فيما تواصل الجامعات تعنتها بارتفاع رسوم التخصصات كافة، لاسيما الطب.

وسادت حالة من التذمر الكبير لدى بعض أهالي طلبة (التوجيهي)، من ارتفاع رسوم التعليم العالي، وعجزهم عن حجز مقاعد دراسية لأبنائهم، واعتبروه أنه قد يحرمهم من حقهم في التعليم، أو تغيير تخصصاتهم المناسبة لظروفهم المالية.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم العالي 10 تموز الحالي، نتائج الدورة الأولى لامتحان الثانوية العامة، في حين، وصل عدد المتقدمين للامتحانات 77539 مشتركًا من كافة الفروع، وبلغت نسبة النجاح 71.32%. 

صعوبة توفير الرسوم

ويقول أمير أبو حسين لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، والد الطالب خالد الحاصل على معدل 80% من الفرع العملي: إنّ "سوء الأوضاع المالية لديه، صّعبت عليه توفير رسوم دراسته الجامعية؛ حتى لو جزء بسيط منه".

ويضيف أبو حسين وهو موظف حكومي، أنّ تردي الأوضاع المعيشية لعائلته ازدادت سوءًا، خاصةً بعد الخصومات التي فرضت على رواتبهم للنصف عام 2016، ما أثر عليه بحجز مقعد الدراسة لابنه.

ويوضح أنّه إذا استمر الحال في عدم توفير رسوم تخصص ابنه في الهندسة المدنية، فإن مستقبله التعليمي "في خطر"، مبينًا أن ارتفاع الرسوم قد يحرمه من التعليم.

ويشير أبو حسين المُعيل الوحيد لعشرة أفراد، إلى أنّ ابنه البكر وليد يدرس تمريض وهو في المستوى الثالث، وأن قيمة راتبه 1700 شيقل، وبه لا يكون قادرًا على تعليم الاثنان، إذ يتطلب منه دفع نحو 650 دينار في الفصل الواحد. 

ويدعو أبو حسين، جامعات غزة إلى ضرورة تخفيض رسوم الجامعات، حتى يتنسى للطلبة في حجز مقاعدهم الدراسية، الذي سيبنّون عليه مستقبلهم.

وتشدّد سلطات الاحتلال الإسرائيلي من حصارها ضد قطاع غزة المكتظ بالسكان، جوًا وبرًا وبحرًا، ما أفرز عنه ارتفاع في نسبة البطالة لأكثر من 50% ثلثها بين الشباب، ومعدلات الفقر المدقع بين السكان، فضلاً عن انهيار شبه كامل للمنظومة الاقتصادية.

ويشاطر عماد مطر معاناة سلفه، إذ حصل نجله زاهر على معدل 92% من الفرع العلمي، ويقول إنّ "الأوضاع المالية لأسرته، لا تسمح لزاهر بالالتحاق في الجامعة"، مضيفًا أن "طموح نجله الالتحاق في كلية الطب (صيدلية)".

ويوضح مطر، العاطل عن العمل، أنّ الظروف الاقتصادية لدى عائلته، عاجزة على توفير رسوم دراسة نجله، بالإضافة إلى ارتفاع الرسوم الجامعية.

ونبّه إلى أنّ الطالب زاهر قد يطّر إلى تغيير طموحه في الطب، إلى تخصص يناسب رسومه ظروف عائلته المالية. 

حرمان الطلبة

وأكد منسق الحملة الوطنية للمطالبة في تخفيض الرسوم، إبراهيم الغندور، لـ "ـوكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أنّ ارتفاع رسوم الدراسة الجامعية سيحرم بعض الطلبة من الالتحاق في الكليات التي يطمحوا إليها، واللجوء إلى تخصصات خارج تطلعاتهم تناسب واقعهم المالي.

وتوقع الغندور، أنّ عام 2020 سيكون الأسوأ على المسيرة التعليمية وعلى قدرة الطلبة الالتحاق بالعملية التعليمية، نظرًا للظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة على القطاع.

وعدّ ذلك لأسباب عدة، منها: استمرار تشديد قوات الاحتلال من حصاره ضد القطاع، وأزمة رواتب الموظفين، وأزمة جائحة "كورونا" وما رافقها من توقف آلاف الأسر عن العمل، مؤكدًا أنّ هذه العوامل ستؤثر على التحاق الطلبة بالتعليم العالي.

ويضيف الغندور، أنّ وزارة التربية والتعليم العالي، قد أوقفت شبه تام للمنح التعليمية الخارجية المقدمة من الدول الصديقة للشعب الفلسطيني، وذلك بسبب أزمة "كورونا"، ما يفسر أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة في قدرة الطلبة على الالتحاق بالجامعة، خاصةً ذوي الدخل المحدود.

وفي عام 2018، بحسب إحصائية منظمة التعاون الاسلامي، فإن نحو 35% من طلبة الجامعات في قطاع غزة، قرروا تأجيل دراستهم الجامعية، بسبب قهرهم للظروف المالية.

ويشير الغندور، إلى أنّ الجامعات تعتمد على ثلاثة موارد أسياسية، أولاً: رسوم الطلبة، ونظام المنح الخارجية المقدمة من وزارة التعليم العالي، علمًا أنّ الوزارة قررت خفض تلك المنح منذُ عام 2007، ووقفها عن جامعات، بالإضافة إلى المنح الخارجية الممولة من الدول المساعدة -وهي شبة متوقفة.

ويدعو الجامعات إلى تحمل دورها بمساعدة الطلبة على الالتحاق بالدراسة التعليمية، من خلال الضغط على الجهات الحاكمة والبحث عن شركاء من منظمات والمؤسسات مدنية ومجتمعية أو رجال أعمال تدعم التعليم.

وضع خارطة طريق للتعليم

رئيس الجامعة الإسلامية بغزة السابق، د. عادل عوض الله، تساءل في مقالٍ له، "هل الرسوم الجامعية العالية تضمن تعليمًا متساويًا كريمًا لكل فئات المجتمع؟، لاسيما طلبة كلية الطب".

ويؤكد عوض الله، أنّ تلك الرسوم لا تساوي فئات المجتمع، موضحًا أنّ الرسوم تفوق 1500 دينار فصليًا، ناهيك عن رسوم التعليم الموازي لـ 12.00 دينار، مبينَا أنّ قليل من الأهالي ما يستطيعون توفيرها، والبعض الأخر بصعوبة كبيرة جدًا.

كما وتساءل عن السؤال المهم الآن، "من يتحمل المسؤولية؟، وهل من ملامح للحل؟"، في ظل واقع معيشي واقتصادي صعب على السكان وعلى المؤسسات التعليمية.

ويشير عوض الله، إلى أن تحميل المسؤولية للجامعات فقط خطأ كبير، لأنها تعيش ظروفًا صعبة جدًا، بالكاد تستطيع تسيير أمورها، مسترشدًا في مقاله، أنّ بعض الأساتذة الكبار في إحدى الجامعات، لا يتقاضونّ راتبًا.

ويشدّد على وضع خارطة طرق للتعليم العالي لإنهاء هذه معاناة، مقترحًا سيناريوهات عدة، منها : أن يكون التعليم مجانيًا أو شبه مجاني، وأن تتحمل الجهات الحاكمة التكلفة التشغيلية للجامعات.

كما، ويقترح بفرض رسوم دراسية كاملة تغطي تكلفة الجامعات بالمعقول يستلزم وضعًا اجتماعيًا واقتصاديًا ممتاز، مؤكدًا أن هذا البند غير موجود إطلاقًا في الواقع الفلسطيني.

ويضيف عوض الله، أنه "لابد من فرض رسوم دراسية رمزية، بحيث لا تزيد مثلاً عن 15 دينارًا للساعة للتخصصات العادية، ولا تتعدى بحال ثلاثين دينارًا لكليات الطب"، موضحًا أنّ هذا يستلزم تدخلاً مساندًا وبنسب ثابتة من الحكومة، أو المؤسسات المدنية أو الخيرية.

أما على المدى الاستراتيجي للتعليم العالي، يقول: "يمكن التفكير بذلك، من خلال رسوم بسيطة على كل المجتمع، على غرار التأمين الصحي، وتجمع كلها في صندوق لتغطية رسوم الطلبة".

إنشاء صندوق وطني

ويقول رئيس المركز الفلسطيني الحوال الديمقراطي والتنمية البشرية، د. وجيه أبو ظريفة: إنّ "أغلب الأسر لن تستطيع تحقيق حلم أبنائها من الطلاب المتفوقين في دراسة تخصصات، مثل: الطب البشري والأسنان والصيدلية والهندسة"، وذلك لارتفاع تكلفة الدراسة ولصعوبة الحصول على منح خارجية لهذه التخصصات بسبب استحالة السفر للخارج، في ظل استمرار أزمة جائحة كورونا.

ويضيف أبو ظريفة، في مقاله بعنوان "صندوق وطني لدعم الطلبة المتفوقين في الثانوية"، إنّ بعض المنح والمساعدات المقدمة سواء من الرئاسة أو وزارة التعليم، لا تغطي إلا أعدادًا قليلة من المتفوقين؛ وحتى بعض المساعدات المحلية والدولية، لا تغطي إلا جزءًا بسيطًا من أصحاب التميز والابداع من الطلبة.

ويشدّد على أنّه بات ضروري ملحة لإنشاء صندوق وطني لتعليم الطلاب المتميزين في التخصصات التي يرغبون فيها أو التي يستطيعون أن يبدعوا فيها أو التخصصات النادرة التي تتطلب مستوى عاليًا من الذكاء والتميز.

ويذكر أبو ظريفة، أنّ الصندوق الوطني لابد أن يحتوي على كل المنح والمساعدات والهبات، ويمكن تموليه من القطاع الخاص والشركات المجتمعية المساهمة الفاعلة، لضمان توفير المنح والاعفاءات والمساعدات وقروض للطلاب.

كلمات دلالية