خبر تحديات وأخطار.. إسرائيل اليوم

الساعة 10:14 ص|25 فبراير 2009

بقلم: ابراهام بن تسفي

ليست مئة اليوم الاولى من ولاية اي رئيس هي مئة يوم من الفضل فقط، اعتيد ان يغفر فيها للرئيس المبتدء اخطاء واخفاق مصدرها عدم التجربة وعدم معرفة حدود الممكن والممكن تحقيقه. هذه الفترة هي مدة تأسيسية ايضا، تصاغ في اثنائها صياغة نهائية المبادىء والخطوط الاساسية لسياسته وبرامجه في الساحتين الداخلية والدولية.

في سياق الشرق الاوسط اتم دوايت ايزنهاور تخطيط استراتيجيته – التي في مركزها "حلف بغداد" الذي كان يرمي الى ردع جهود تغلغل الاتحاد السوفياتي – من الفور بعد ان ادى اليمين الدستورية الرئاسية في 20 كانون الثاني 1953. لن يسترح جيمي كارتر على اوراق غار انتصاره (الصعب) في انتخابات 1976 وبدأ منذ ايام ولايته لرئاسة الاولى يعمل بجد لعقد مؤتمر جنيف، الذي كان كما اعتقد اكثر الاطر مناسبة لتحقيق حلم الاتفاق الشامل بين اسرائيل وجاراتها. تقال الامور نفسها ايضا في ادارة الرئيس ريغن، الذي بدأ طموحه الى انشاء "اجماع استراتيجي"، اي نظام احلاف دفاعية بين القوى واللاعبات – التي خافت من تقدمات اخرى للاتحاد السوفياتي (بعقب غزوه افغانستان) الى مجامع احتياطي النفط في المنطقة – بدأ ينشأ في اشهر ولايته الاولى في بدء 1981. صحيح ان الحراك الاقليمي ونشوء ازمات ومواجهات عنيفة شوش اكثر من مرة نظام الاولي للادارة. لكن مع ذلك يشير التاريخ الى انه برغم هذا الانحراف المؤقت، توجد اهمية عظيمة لروح الرؤية الابتدائية.

على خلفية صوغ الاستراتيجية الامريكية الجديدة المبكر لعلاج طيف واسع من القضايا الاقليمية تشتمل على القضية الفلسطينية، وعلى خلفية الاصوات التي تتصاعد من واشنطن عن طابع هذه الاستراتيجية وانشائها (والتي تشير من جملة ما تشير اليه الى استعداد ادارة اوباما بخلاف سابقتها، لمواجهة اسرائيل في موضوع المستوطنات عامة والمواقع الاستيطانية غير القانونية خاصة، والى تبني مبادرة السلام العربية على اختلاف عناصرها) – الخطر الذي يواجه اسرائيل هو خطر مبادرات واجراءات امريكية، بتأييد دولي واسع، تجعلها تواجه حقائق تامة. او على الاقل صيغا تامة. يبدو هذا الخطر حقيقيا ومحسوسا ولا سيما الان، ازاء طموح الادارة الى ان تصوغ بلا تأخير بيئة النزاع بهدي من تصورها العام، ولا سيما على خلفية فراغ السلطة الحالي في اسرائيل وعدم القدرة على ان يعرض على واشنطن خطة سياسية مرتبة تكون برنامجا لحوار بناء يحبط في الآن نفسه مبادرات بديلة.

ثم فرق اساسي بين وضع فيه اسرائيل هي الطرف المبادر والمحدد بصراحة ومنذ البداية خطوطه الحمراء – ومجال المرونة الاسرائيلية في القضايا الجوهرية – وبين ظروف تضطر فيها الحليفة الاسرائيلية الى ان تواجه وترد على اجراءات امريكية من غير ان تكون قد استعدت لها من قبل.

ان الازمة في علاقات اسرائيل بادارة ريغن، بعقب الرفض التام لـ "خطة ريغن" في ايلول 1982، والازمة التي لا تقل عن ذلك شدة في العلاقات بادارة كندي (بعد ان رفضت حكومة بن غوريون "خطة جوزيف جونسون" لتسوية مشكلة اللاجئين)، مثالان بارزان للضرر الذي قد يحدث لنسيج العلاقات بين واشنطن والقدس نتاج سلوك اسرائيلي يرد على ذلك. وذلك من غير ان تتم محاولة تحديد مجالي للتعاون او لتقديم الدواء قبل المرض على هيئة اجراء سياسي يصوغ برنامج عمل ومعايير لتسوية سياسية، بحيث يحبط مبادرات اخر.

من هذه الناحية توجد اسرائيل بعد العاشر من شباط في موقف ضعف بالقياس الى الولايات المتحدة بعد العشرين من كانون الثاني، لان القطار من واشنطن قد خرج في طريقه، اما عندنا فما زلنا لا نرى في الافق وجه الحكومة القادمة. كل ما يمكن اذا هو ان نؤمل الا تطول مدة تاليف الحكومة الجديدة وان تتقدم هذه – في تشكيلة واسعة قدر المستطاع – من الفور لمهمة توجيه القطار الامريكي الى مسار اسهل بالنسبة اليها، مع جهد تحديد من جديد لحدود الممكن والقابل للتنفيذ في الصعيد الفلسطيني، قبل ان يستكمل رسم هذه الحدود في امكنة اخرى.