مرحلة نضالية وانتهت .. أحمد المدلل

الساعة 08:17 م|15 يوليو 2020

فلسطين اليوم

مرحلة نضالية وانتهت .. أحمد المدلل

فى معارك التحرر كلها  تكون حالة الاشتباك محتدمة بين الشعوب ومقاومتها فى وجه المحتلين ... بعيدا عن أى حسابات لأن الغاية الحقيقية للثورة والمقاومة هى دحر المحتل والاستقلال والحرية ... ويكون لدى الثوار تصميم بلا حدود من أجل الوصول الى الغاية المرجوة ... وكما أن الشعب بكليته فى حالة حراك واصطدام مع المحتل الا أن هناك من يشذ عن المسار الوطنى بسبب ضعف بشرى فائض عن حده او مرض نفسى واجتماعى ينحرف عن طريق الثورة والثوار ويضع لنفسه الذرائع والمبررات للتعامل  او التواصل مع المحتل وهذا لا مفر له فى عُرف الثورة الا ان يُطلق عليه عميلا لأنه يضع نفسه موضع الشبهات ... وكثير من الدول التى تحررت ، تواجدت  فيها هذه الحفنة الخارجة عن الصف الوطنى   ... والأكثرية منهم فى ظل الزخم الثورى كانوا يلقون مصيرهم المحتوم على قدر الجريمة التى يقترفها إمّا الردع أو التصفية ... ولو أخذنا الجزائر نموذجاً كما أكد المؤرخون المحدثون أن ما يقارب النصف مليون ممن تعاملوا مع المحتل الفرنسى تم تصفيتهم وحتى لا يحمل عائلاتهم وزرهم وعارهم اتفق الثوار على  تسميتهم بالشهداء ...  وإن أخطأ هؤلاء فإنهم ضحية انفسه المريضة فى مرحلة أساءوا فيها للثورة والمقاومة ضمن حسابات خاطئة وبعيدة عن حالة الرشد وليسوا ضحية الثورة التى رأت من الضرورى ان يغيب هؤلاء حتى يستطيع المقاومون التحرك والقيام بواجبهم الجهادى من اجل التحرير .... فى انتفاضات شعبنا منذ عام ١٩٢٠ وحتى الان لا تخلو مسيرة الثورة والمقاومة من هذه الحفنة الشاذة ... وفى انتفاضة الحجارة التى فجرت المكنون النضالى الفلسطينى وكانت حالة هيجان شعبى نضالى ثورى غير مسبوق منذ عقود طويلة ، أفرزت فصائل المقاومة حينها اجهزة امنية خاصة بها وقوى رادعة - الى جانب الذراع العسكرى - كجدار حماية للشعب ومقاومته من المتعاونين مع الاحتلال الصهيونى من الفلسطينيين... من خلال عُرف ثورى غير مكتوب ومتفق عليه ضمناً ... وكانت هناك شخوص مشهورة فى عمالتها ولكن زادت اعدادهم فى فترة الانتفاضة وقد توحش الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى بأطفاله ونساءه وشيوخه وشبابه ومناضليه بالملاحقة والاعتقالات المستمرة بالالاف والقتل والاقتحامات لمراكز المدن والقرى والمخيمات ومداهمات ليلية اما لتصفية الثوار او اعتقالهم ... وكان لا بد من ملاحقة العملاء والمشبوهين واعدام الكثيرمنهم ولم يكن الثوار يعيشون حالة ترف نضالى ... أو يمارسون عملا عشوائيا  بل كانوا يطورون من عملهم النضالى والتنظيمى الميدانى  وتأسيس خلايا عنقودية اما متصلة او منفصلة الى جانب النقاط الميتة فى العمل التنظيمى السرى ... والكثير يتم اكتشافها وبشكل غريب  حتى يصبح الامر حديث الناس ... وازدادت حالة الشك بأن يدا خفية تعمل على الارض وتساعد الشين بيت فى الوصول الى الثوار ... وتمت تصفية عملاء ومشبوهين بالمئات مكشوفين للعامة والكثير غير مكشوف ولكن اجهزة الرصد لدى فصائل الثورة تعاملت من خلال معلومات لديها وكانت تأتيها اوامر التصفية من قيادة الخارج ... قد تكون أخطاء حدثت  فى التأكد والتتبع والاستعجال أو فى التنفيذ وفى الاسلوب المستخدم  ... كما ان اعداد الشهداء والمعتقلين من أبناء شعبنا المناضلين والثوار ومن يساندهم كانت تتزايد بشكل كبير ... ولكنها كانت مرحلة نضالية وانتهت بعجرها وبجرها وكان الكل الفلسطينى مشاركا فيها ، وانتهت انتفاضة الحجارة وجاءت بعدها السلطة ... وقد اعتبر الرئيس الراحل الشهيد ابو عمار كل من قُتل فى الانتفاضة من الاحتلال او المقاومين شهيدا ويستلم اهله مخصص شهيد ... وتم احتواء هذه الحالة بشكل مبهر ورائع عندما رأينا سلوك شعبنا الراقى واحتضانه عائلات الاشخاص الذين أعدمتهم  المقاومة ... وكفانا فخراً أن من ابناءهم من عمل فى صفوف المقاومة وأبدع وأصبح ذكره الطيب يغطى تماما على ذكر أبيه وكأن شيئا لم يكن ، بل ان منهم من عمل داخل الأذرع العسكرية ومنهم من استشهد وقام بعمليات نوعية ضد الاحتلال الصهيونى ...وطالما ان المقاومة مستمرة ، يعنى أن الاحتلال سيقوم باستخدام كل ما فى جعبته من اوراق من أجل اجتثاثها ... والمقاومة فى غزة ازدادت عنفوانا وتقدمت فى أداءها وقدراتها وامكانياتها واستطاعت ارباك حسابات الاحتلال الصهيونى بل صنعت له هاجسا امنيا ووجوديا وجعلته احتلالا مكلفا  وقد دفعته الى الانسحاب من غزة تحت ضربات المقاومين ... وبالرغم من ذلك لم ينفك الاحتلال من محاولته لتجنيد عملاء جدد لضرب الحالة الوطنية واضعاف المقاومة ... وكما يعلم الجميع ان القضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطيرة تستهدف تصفية الوجود الفلسطينى على ارض فلسطين من خلال مؤامرة صفقة القرن وجريمة الضم لمساحات واسعة من الضفة الغربية ... وهذا يدفعنا جميعا نحو التوحد لمواجهة الخطر المحدق بنا جميعا ، واى محاولة لحرف الأنظار او حرف البندقية عن مسارها الحقيقى وهو صدر الاحتلال الصهيونى أو أن ننشغل ببعضنا البعض يُعتبر ضوءا أخضرا للعدو الصهيونى ليمرر كل مخططاته التهويدية ... الآن ، من الخيانة العظمى ان ننشغل فى فتح ملفات من قُتل من العملاء والمشبوهين ونحاسب ثوارا ومقاومين قضوا زهرات شبابهم فى السجون بسبب حمايتهم لشعبهم ووطنهم وقضيتهم ... كانت مرحلة وقد طُويت صفحتها ولم تُدار باسم شخص او فصيل بعينه ... إنّ فتح تلك الملفات يعنى فتح أبواب جهنم على شعبنا وقضيتنا ولن يقف الأمر عند حد إنتفاضة الحجارة فإنه سيمتد الى ما قبلها و ما بعد والى يومنا ، ويا ويلنا ، باب فتنة لن يغلق الا ببحر من الدماء ... لذا من الضرورة الوطنية أن يتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالحديث عن تلك الملفات أو فتحها او ملاحقتها أو تشويه لأفراد وعائلات ... ومن يعتقد ان من حقه الثأر لمقتل والده او قريبه الذى اعدمته المقاومة قبل اكثر من ثلاثين عاما نتيجة استفزاز تعرض له او مدفوع بجهالةِ مَنْ حوله فإنه ينفذ أجندة الاحتلال من حيث يدرى او لا يدرى ... وهو لن يريح المقتول فى قبره بل يرهقه بنبش الماضى الذى عفا عليه الزمن ونسيه الناس ...

كلمات دلالية