كتب أحمد المدلل: رسالةٌ لا بد منها

الساعة 12:01 م|06 يوليو 2020

فلسطين اليوم

في ظل الأزمات، تبرز الحاجة الى اصحاب الهمم العالية... الذين يبثون روح الحياة في قلوب الناس ويغرسون التفاؤل والأمل... نحتاج الى الشخص القدوة في حُكمه وقيادته وعدله وعلمه وقوله ومعاملاته وتصرفاته  وسلوكياته... نحتاج الى اعادة بناء جسور الثقة بين الشعب والحاكم أو القائد وايضا بين الشعب والعالِم أو الداعية ... في هذه المرحلة من الضيق والعنت وصعوبة الحياة تكون المهام صعبة ... الحكام والقادة عليهم واجب كبير ولهم دور عظيم في حياة الناس ... ولكنّ العالِمَ  والداعيةَ والخطيبَ  عليه واجبٌ أثقل وأصعب ودور أكبر في اعادة صقل وتشكيل معالم الحياة والنفوس للناس من جديد ... ورسالتي الى العلماء  والخطباء والدعاة ... 

من المهم أن نُركّز في خطابنا الى الناس على بث روح الايمان والامل والتفاؤل فى النفوس التي هي على وشك الانهيار وبعضها وصل الى حد الانهيار ... نرسم لهم معالم مستقبل  قريب ، ينقشع فيه هذا السواد ويزول هذا الظلم الذى نعيشه ، ونؤكد لهم من خلال صور واقعية عاشتها البشرية منذ خَلْقَتِها الى الآن بأن الظلم لا يُعمّر والاحتلال لا يدوم ، فرعون الذى وصل به طاغوته وجبروته إلى أن يقول "أنا ربكم الاعلى" ، كانت نهايته واركان دولته وجيشه العظيم بضربة من عصا موسى فى البحر بوحىٍ من الله ... لينجوَ موسى وقومه ويغرقَ فرعون وجيشه وزبانيته واركان دولته ، فالكون كله بما فيه يتحرك بارادة الله وحده ، كلُّ شئ فى هذا الكون يتغير فى لحظة وفق حكمةِ وقدرةِ وارادةِ الله سبحانه ، وفى القرآن الكريم  قصص كثيرة ومتنوعة تحاكى قصة فرعون وكل الظالمين وما يحدث من تغيرات وتقلبات فى هذا الكون ...

واذا نظرنا الى تاريخ امتنا الحاضر ، شعب الجزائر جاهد الاستعمار الفرنسى مئة واثنين وثلاثين عاما ، قرى جزائرية بأكملها  أحرقها الاحتلال الفرنسى بمن فيها من اطفال ونساء وشيوخ ، قتل واعتقالات وحصار وجوع وتعذيب واغتيالات ونفى للقادة والعلماء ، ولم تنثنِ عزيمة الجزائريين ، ونزع الشعب الجزائري حريته بعد طول الالام والعذابات التي عاشها كما هي الشعوب العربية التي احتلها الاستعمار ونماذج صارخة وصادقة في سماء امتنا لا ننساها ، سيظل التاريخ يغرسها على صفحاته بمداد الذهب ، ما أحوجنا الى أمثالها اليوم ،  هي قدوة لنا ... الامير عبد القادر الجزائري وعمر المختار والسنوسي والمهدى وعبد الكريم الخطابي وعمر مكرم ومصطفى كامل وعز الدين القسام وأمين الحسيني وعبد القادر الحسيني وياسر عرفات واحمد ياسين وفتحي الشقاقي وغيرهم الكثير الكثير الذين قضوا شهداء على طريق العزة والكرامة والحرية والعودة ، ولا يعقمُ رَحْمُ أمتنا وشعبنا عن ولادة آخرين أمثالهم - جنود مجهولون - قد لا نشعر بهم فى حياتهم لكن عندما يغيبون عن حياتنا تمتلئ صفحات الدنيا بسيرتهم النبيلة العطرة ...

إخوانى الخطباء والدعاة ، لم يخلقنا الله من اجل الموت ودخول النار وبئس المصير ، إنما خلَقَنا من أجل أن نحيا حياةً بكل معانيها الجميلة ، حياةً كريمةً ،عزيزةً ، سعيدةً ، حدثوا الناس عن جهد وجهاد النبى والصحابة الكرام والعلماء العاملين وأولياء الله الصالحين والأحرار فى العالم القديم والحديث الذين أقاموا العدل فى الارض بعدما عمّ الظلم والاستبداد والكفر والطغيان ، حدّثوهم عن دورنا كخطباء ودعاة ومصلحين أنّه نفسُ الدور الذى تحدث به الصحابى ربعى بن عامر رضى الله عنه وهو يقف بكل شموخ امام قائد جيش الفرس رستم ليقول له : ان الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة . نحن لسنا قضاة على الناس نعطى صكوك الآخرة هذا في الجنة وذاك  في النار ... وانما دعاة الى العدل والحب والحياة الطاهرة النظيفة والتآخي والمودة والرحمة ... نحترم ونقدّر ونحب ونتودد الى  كل من يتقرب الينا وينصرنا ويدافع عن قضايانا ويحتضنها بغض النظر عن ديانته ومذهبه وعرقه وجنسه ، افتحوا امام الناس كتاب فقه الحياة الواسع الذى يحوى كل شيء ، والتي لسنا وحدنا فيها ، وانما نتميز عن غيرنا بالعقيدة الصحيحة والسليمة  التي تنعكس على معاملاتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا مع الآخرين حتى نكون الاجمل ونعطى للحياة طعمها الأحلى.