أكشاك بحر غزة السياحية .. كسرت ظهر الغلابة مقابل المظاهر!

الساعة 07:39 م|05 يوليو 2020

فلسطين اليوم

على طول الشريط البحري من قطاع غزة، تصّطف عشرات "الأكشاك" البسيطة، إذ ينتظر البائع عبد المنعم عابد بفارغ الصبر زوار البحر لاستئجار طاولاته وشراء حاجاته، لاسيما مع تردي الأوضاع الاقتصادية الصعبة للسكان، وفرض مجالس البلديات ضرائب مالية، اللتان صعبتا مهمة البيع عليه.

يُقدم عابد ابن سن التاسعة والعشرون عاما، خدماته المتواضعة من كشكه الذي أطلق عليه اسم "الحرافيش" المشروبات الساخنة ومكسرات وحلوى الشوكولاتة إلى زبائنه، ليقتاد قوت عائلته المستورة، غير أن هذا الموسم قابله بضعف الشراء، وقلة الحضور.

ويفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشدّدًا جوًا وبرًا وبحرًا على قطاع غزة منذُ عام 2007، وشنّت قوات الاحتلال منذُ ذلك التاريخ ثلاث حروب قاسية على القطاع، راح ضحيتها آلاف الضحايا والجرحى، ولا يزال الحصار قائمًا، رغم محاولات فكه.

وتبع الحصار الاسرائيلي، ظروف إنسانية واقتصادية صعبة للغاية على السكان، إذ بلغت نسبة البطالة المرتفعة عالميًا في القطاع، 50%، وثلثها بين الشباب.

وتبدأ أعمال "كشك الحرافيش" الخشبي الصغير عند شواطئ بحر شمال غزة، من أوقات العصر؛ حتى الثانية عشر ليلاً، ويقول عابد لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": إنّه "مصدر دخل عائلته المستورة، المكونة من خمسة أفراد".

وتعتمد "الأكشاك" في عملها الموسمي من شهر مايو؛ حتى أكتوبر، على مقصد الزوار عند واجة البحر طوال المدة، ما يدّر دخلاً كبيرًا على أصحابها، ويضيف البائع: أنه" نقل كشكه من أمام بيته الكائن في مشروع بيت لاهيا، إلى قبالة الشاطئ قبل ثلاث سنوات"، للاسترزاق.    

وكغيره من أصحاب "الأكشاك" المتواضعة، يُعاني عابد من نفور الزوار هذه الأيام، عادًا ذلك: "بسبب صعوبة الأوضاع المالية لدى السكان، حيثُ يفضلون الاستمتاع برحلتهم بالجلوس على رمال الشاطئ".

وينتشر الفقر والعوز بين سكان القطاع، منذُ فرض الاحتلال حصاره يزيد من 13 عامًا، إضافة إلى الخصومات المالية على رواتب الموظفين العموميين في السلطة عام 2016، و"حماس"، لأقل من النصف.

يوم الخميس الماضي، صرفت مالية رام الله، رواتب موظفيها في الضفة المحتلة وقطاع غزة، بحد أدنى 1750 شيقل، بعد تأخيرها مدة 60 بومًا، ووفق المالية، فأكدت أن "بسبب التأخير عدم استلامها أموال المقاصة (الضرائب) من الاحتلال".

ورغم صرفها، لا يزال "الحرافيش" يسجل تراجعًا لزبائنه، "إذ يكسب الكشك نحو 15 شيقلاً ويختلف من يوم لآخر، وهذا الرقم يقسمه على المواصلات وشراء الحاجات"، كما يقول عابد.

تهديد آخر

ومطلع يونيو الماضي، فرضت بلدية غزة على قرابة 80 كشكًا المتواجدة في شارع الرشيد غربي المدينة، ضرائب عالية بواقع 2100 دولار لكل كشك، فيما استبدلت البسطات المنتشرة بكشك خشبي، وهو ما آثار غضب الباعة، الذي يهدد رزقهم الوحيد، في ظل واقع اقتصادي مرير.

ونوه حينها، رئيس بلدية غزة، يحيى السراج، إلى أن مبلغ تأجير "الكشك" سيتم تقسيطه على دفعتين أو ثلاث، وأن مساحات تأجيرها تنقسم إلى 3 فئات، وهي: "مساحة لكشك فقط، كشك إضافة لطاولات فقط، وكشك مع طاولات إضافة لمساحة مُلحقة له".

وعقب ذلك، يدفع عابد قرابة الـ 700 شيقل، موزعة على النحو التالي: "إيجار الكشك 200 شيقل، وبه خمس طاولات، بـ500 شيقل"، إذ اعتبرها "ضريبة عالية، كون حركة البيع واستئجار الزبائن ضعيفة"، في حين هدده البلدية بزوال الـ"كشك"، حال لم يدفع المبلغ.

ويكافح "كشك الحرافيش" من أجل البقاء، حيثُ يقدم أفضل الخدمات من المشروبات (شاي، قهوة، الغازية، شوكولاتة وبسكويت، وغيره)، في سبيل كسب الزبائن وزوار واجهة البحر، من أجل توفير قوت أبناءه.

ويطالب عابد، من "الجهات الرسمية، بتحفيض نسبة الضرائب"، و"المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الاحتلال لرفع الحصار الخانق".

وبجانب "كشك الحرافيش" تتواجد أكشاك أخرى، فيما توزع المعاناة عليهم بالعدل.

وتجلس عدد من العائلات والشبان على طاولات "الأكشاك" لساعات، فيما تقدم أصحاب الاكشاك الطلبات، إلا أن ذلك لم ينفي وجود الأزمة.

وعلى رمال الشاطئ، يجلس الشاب العشريني محمد محسن مع صديقه، يرتشفان القهوة، التي أعداها من البيت، وقصدا البحر مشيًا بنحو 4 كيلو مترات، ويقولان: إنهما "يجلسان على الرمال، لأنه بدون تكلفة مالية".

وتنشر الاستراحات وأمامها الطاولات على طول واجهة البحر، وتحجزها العائلات والاصدقاء للترفيه عن أنفسهم، والاستمتاع برحلتهم البحرية، حيثُ يعتبر البحر متنفسهم الوحيد، في ظل الحصار المقيت.

من جانب آخر، تمنع بحرية الاحتلال الصيادين والسباحين من تجاوز مساحة 6 أميال في عُباب بحر قطاع غزة، إذ تحاصرهم وتحتجزهم وتطلق النار صوبهم بشكل مباشر، ما يسفر عن وقوع إصابات وشهداء.

وتهدف إجراءات الاحتلال الممنهجة، لضرب شريحة الصيادين البالغ عددهم قرابة 3.700 صياد وفق وزارة الزراعة بغزة، وتشكل تلك الشريحة ركنًا اقتصاديًا هامًا في الاقتصاد الفلسطيني.

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بنسبة 4.9% خلال الربع الأول من عام 2020، مقارنة مع الربع الرابع لعام 2019 بالأسعار الثابتة، فيما لعبت تداعيات أزمة "كورونا" جزءًا كبيرًا في ذلك، وفق أحدث إحصائية نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

كلمات دلالية