أوسلو مهّد لفكرة "صفقة القرن".. ونحن أمام لحظة سياسية فارقة

الساعة 02:20 م|28 يونيو 2020

فلسطين اليوم

أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور يوسف الحساينة، أن قيادة السلطة الفلسطينية مدعوة إلى الشروع بخطواتٍ عملية لترجمة إعلان التحلل من اتفاق "أوسلو" ومواجهة "صفقة القرن"، التي اعتبر مسألة ضم الضفة، من أهدافها.

جاء ذلك خلال ندوةٍ نظمها الاتحاد الإسلامي في النقابات المهنية، عصر أمس السبت، بعنوان: (قراءة سياسية حول خطة الضم الإسرائيلية وسبل مواجهتها)، بقاعة بلدية خان يونس.

وقال د. الحساينة :" لقد كان لأوسلو نتائجَ كارثية على قضيتنا الفلسطينية، ونجم عن هذه الاتفاقية تنازلات تجلب تنازلات، وبالتالي خسارة يتبعها خسارة أكبر، إلى أن وصلنا إلى "صفقة القرن""، مستحضراً مقولةً للدكتور الشهيد فتحي الشقاقي، بأن سياسة التنازل، تعني سياسة الخسارة.

وشدد على أن شعبنا قادرٌ على مجابهة التحديات واللحظات الحرجة والفارقة التي تزداد خطورةً على قضيته، من خلال استناده على خيار المقاومة والتحرير والثوابت الوطنية، التي ستُفشل الضم و"صفقة القرن".

وعاد د. الحساينة بالذاكرة إلى الحيثيات والظروف التي أوصلتنا لاتفاقيات "أوسلو"، مشيراً إلى أن انتفاضة الحجارة التي انطلقت في عام ١٩٨٧، وكان أحد عوامل تفجيرها وانطلاقتها بمعركة الشجاعية التي خاضها أبطال الجهاد الإسلامي، ووضعت "إسرائيل" في مأزق، واستنزفتها، وأحرجتها، لتعمل على الالتفاف عليها وإجهاضها، ساعدها في ذلك قصر النفس الفلسطيني واستعجاله قطف الثمار، وكانت  اتفاقية "أوسلو"، التي كانت نكبةً حقيقية لقضيتنا.

وعدّد أبرز النتائج الكارثية على المشروع الوطني لهذا الاتفاق، منها أنه ولأول مرة يتم الاعتراف بالكيان الصهيوني على مساحة ما يقارب ٨٠% من أراضي فلسطين التاريخية، وأن الاتفاق سمح بإقامة سلطة تحت مظلة الاحتلال، وأنه جاء بما يُعرف بالتنسيق الأمني، وأنه مكّن للكيان  اقتلاع الوجود الفلسطيني في الضفة والقدس، وأنه أنشأ دولة المستوطنات في الضفة الغربية بعدد يفوق ٨٥٠ ألف مستوطن على الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧. ومن تداعيات "أوسلو" كذلك، أنه رفع الحرج عن الأنظمة العربية للتطبيع، ومن هذه الأنظمة من يتباهى و يتبارى اليوم نحو التطبيع، إضافةً إلى أنه أعطى السلطة دوراً وظيفياً لتخفيف العبء عن الاحتلال، وتجميل صورته.

واعتبر د. الحساينة أن "أوسلو" هو الذي مهّد الطريق لفكرة "صفقة القرن"، التي طرحها ترامب المأزوم، إرضاءً للحركة الصهيونية، وللصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة.

ونوه إلى أن "صفقة القرن" مشتقة من فكرة السلام الاقتصادي، التي روج لها بنيامين نتنياهو، وتتجاوز في طرحها الفلسطينيين إلى الإقليم العربي.

وبيَّن د. الحساينة أن "صفقة القرن" تؤسس لحلف الاعتدال العربي في مواجهة محور المقاومة، وتهدف في إطار هذا الحلف إلى خلق "عدو جديد" يتمثل في إيران، وصرف نظر العرب والمسلمين عن عدوهم الحقيقي المتمثل في "إسرائيل".

كما بيّن أن "صفقة القرن" تهدف لتبادل ديموغرافي وجغرافي، تُلقي بموجبه حكومة العدو الإسرائيلي العبء السكاني في مناطق معينة - كمنطقة المثلث- تخضع لها على عاتق السلطة، مقابل أخذ أراضٍ إستراتيجية في الضفة وغور الأردن.

ولفت عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إلى أن "صفقة القرن" تتبنى إنهاء قوى المقاومة، ونزع سلاحها، وهو الأمر الذي لن يُكتب له النجاح، فمقاومة شعبنا متجذرةٌ في وعيه، وسلاحُ المقاومة، خطٌ أحمر لن نسمح بالمساس به.

وانتقد د. الحساينة بشدة تساوق بعض العرب اليوم مع العدو في مخططاته اللعينة، والانقلاب الذي حدث في المفاهيم والوعي والموروث الثقافي، كي يضمنوا بقاءهم على كراسيهم، متسائلاً بحرقة: ألهذا الحد وصل بنا الأمر؟!!.

واستعرض د. الحساينة محطات تاريخية هامة، شكلت تحدياً للفلسطينيين، كان منها مبادرات توطين، ومخططات ضد غزة، أحدها جاء عام ١٩٤٩، وهدف لتوسيع مساحتها جغرافياً باتجاه أراضٍ في صحراء سيناء، وتوطين ١٥٠ ألف فلسطيني مُهَجّر في تلك الأراضي، ومبادرة أخرى للتوطين بغزة جرى الحديث عنها بعد سنوات، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بين مصر ووكالة الغوث الدولية، لكنها لم تتم ولم يُوافق عليها، وفي عام ١٩٧١ طرح شارون فكرة التوطين، وبنى خطوات عملية بهذا الموضوع، حيث هدم بيوتاً كثيرة، وعنوةً نقلوا كثير من العائلات للتوطين بالعريش، ورفح المصرية، ومن تلك العائلات من عاد في الثمانينيات، ومنها من بقى.

وأراد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من استعراضه هذه المحطات التاريخية، أن يُضيء أمام الحاضرين حيثياتها، والظروف التي نشأت بموجبها، ونتائجها، كي تتجلى الأمور أمامهم بشكلٍ واضح.

وبحسب د. الحساينة، فإن المخرج من هذه التحديات الكبيرة، هو امتلاك الوعي والشجاعة، وتقييم المرحلة السابقة بكل موضوعية، وإعادة الاعتبار للميثاق الوطني، وإطلاق المقاومة بكل أشكالها في الضفة، وهذا يتطلبُ بناء إستراتيجية وطنية، والاتفاق على برنامج نضالي مستند للثوابت، مشدداً على ضرورة أن تلتحم مقاومتنا ونضالنا بعمقنا العربي والإسلامي، والتشبيك مع كل القوى الحيّة في العالم، معتبراً في الوقت ذاته أن إعلان التحلل من اتفاقيات "أوسلو" وكافة الاتفاقيات مع الكيان، خطوةً إيجابيةً ومهمة، ولكن من المهم الشروع بخطوات عملية لمواجهة الصفقة والضم، على رأسها استعادة الوحدة الوطنية، وإنصاف غزة، وإعادة الحقوق لأهلها.

كلمات دلالية