د رمضان : الداعية، المفكر ، السياسي.. بقلم: أحمد المدلل

الساعة 07:32 م|22 يونيو 2020

فلسطين اليوم

 الجزء-٣- والأخير ..

ثالثا - السياسى : بدا الدكتور رمضان العمل السياسى فى اللحظة التى التحق فيها بركب المؤسسين لحركة الجهاد الاسلامى وعلى رأسهم د فتحى الشقاقى - رحمه الله- فى مصر ، وبعد الانتقال الى غزة بدأت الانطلاقة الفعلية للحركة فى ساحة الفعل والاشتباك داخل  فلسطين  بنشاط منقطع النظير للتعريف بحركة الجهاد الاسلامى ( رموزها، مبادءها، فكرها ، مواقفها السياسية) لذا من الطبيعى أن يتم ملاحقة د رمضان والذى يمثل  حضوره بين جموع الطلبة مدرسا فى الجامعة الاسلامية خطراً على الاحتلال مما دفع الحاكم العسكرى الصهيونى  بفرض الاقامة الجبرية عليه كعقوبة كانت تَطَال الكثير من السياسيين الفلسطينيين حينذاك ... وعلى مدار أكثر من خمسة عشر عاما عمل فيها د رمضان مُنظّرا ومحاضرا اكاديميا وكاتبا فى السياسة ومطلعا ومتابعا لكل ما يحدث من تغيرات سياسية فى العالم والاقليم والقضية الفلسطينية منحته الحكمة والدراية بعد توليه الأمانة العامة لحركة الجهاد الاسلامى للحفاظ على قوة الحركة وحضورها ونهجها السياسى الثابت والمتزن وخطها المقاوم ... وقد شهدت القضية الفلسطينية ما بين عامى(١٩٩٥-٢٠١٨)  -فترة تولى د رمضان الأمانة العامة - تعقيدات سياسية لا تزال آثارها حاضرة حيث مرت بثلاث مراحل :

أولا - بدايات تطبيق اتفاقية أوسلو وافرازاتها خصوصا التنسيق الأمنى  ومحاولات السلطة الناشئة للتضييق على المقاومة ورأس حربتها الجهاد وحماس وقد تضاعف العمل الجهادى المقاوم فى فلسطين واحتلت حركة الجهاد الاسلامى حيّزا كبيرا فيه وكان د رمضان حريصا على استمرار العمليات العسكرية النوعية ضد الاحتلال مع حرصه المطلق على عدم الصدام مع اجهزة السلطة الامنية ، والتى مارست نفس الاساليب التى استخدمتها اجهزة الأمن الصهيونية ضد قيادات وكوادر الجهاد الاسلامى من القتل والاغتيال كما حدث مع الشهيدين الرزاينة والاعرج الى ممارسة  الاعتقالات والزج بهم فى أقبية التحقيق والتعذيب والمطاردة  لكل من ينتمى للجهاد الاسلامى ، وبالرغم من ذلك كان د رمضان حريصا على عدم انحراف بندقية الجهاد الاسلامى عن مسارها الحقيقى باتجاه العدو الصهيونى .

ثانيا - انتفاضة الاقصى : فى أعقاب اقتحام شارون والجيش الصهيونى للمسجد الأقصى اشتدت المواجهة الشعبية والعسكرية مع العدو الصهيونى ولاحظ المتابعون تعاظم قدرات سرايا القدس التى نفذت أقوى العمليات النوعية والجريئة فى غزة والضفة والقدس وال٤٨ وبعض العمليات كانت تُنفذ بمشاركة الاجنحة العسكرية لحركات المقاومة الأخرى. فى هذه المرحلة حدثت معركة مخيم جنين والذى كان منبع  الاستشهاديين الذين نفذوا اكبر العمليات داخل اراضينا فى ال٤٨ ضد العدو الصهيونى واعتبرها المتابعون اليهود والاجانب ملحمة سطرتها المقاومة الفلسطينية بقيادة الجنرال الشهيد محمود طوالبة قائد سرايا القدس بمشاركة كتائب القسام وشهداء الأقصى وقد كان على تواصل مع د رمضان حتى لحظات استشهاده .  ومن أهم العمليات التى نفذتها   سرايا القدس فى هذه المرحلة عملية "زقاق الموت " فى وادى النصارى وسط مدينة الخليل فى ١٥/١١/٢٠٠٢    وقُتل فيها الحاكم العسكرى الصهيونى لمدينة الخليل "درور فينبرغ " و١٣ من الضباط والجنود الصهاينة وقد تميزت العملية بمنتهى الدقة فى التخطيط والتنفيذ والتوقيت . ولن ينسى التاريخ الفلسطينى اندحار شارون رئيس وزراء الكيان عن قطاع غزة بعد التكلفة العالية التى دفعها  الاحتلال الصهيونى نتيجة العمليات العسكرية القوية التى استنزفت الاحتلال جنودا ومستوطنين وقد نفذت سرايا القدس أخطر العمليات العسكرية   ان كانت اقتحام مستوطنات او قنص جنود او تدمير دبابات الميركفاة والجرافات الصهيونية بعبوات ناسفةوبعض العمليات نفذتها السرايا بمشاركة أجنحة المقاومة العسكرية فى غزة .

 لقد كان الدكتور رمضان حريصا على  تقوية سرايا القدس وإمدادها بكل ما تحتاج إليه من مال وامكانيات وترتيب عملها باشرافه المباشر مع الدائرة العسكرية للحركة واستقبال المجاهدين الذين يتلقون التدريبات القتالية خارج فلسطين ومشاركته لهم فى ميادين التدريب وهو الذى كان يتابع المعارك التى خاضتها سرايا القدس مع كتائب القسام وحركات المقاومة فى غزة فى كل جولة قتالية بدءاً بالاعمال المسلحة والتفجيرات التى كانت تنفذها السرايا على الحدود مثل عمليات تدمير دبابات الميركفاه فى رفح وحى الزيتون وليس انتهاءً بالصواريخ التى دكت تل أبيب والعمق الاستراتيجى الصهيونى فى اراضينا المحتلة عام ٤٨ وحضوره السياسى كان مؤثرا فى اتفاقيات وقف اطلاق النار فى القاهرة مع العدو الصهيونى الى جانب قيادة حماس السياسية ، وقد تابع لحظة بلحظة أحداث انتفاضة القدس والتى منعت تقسيم الاقصى والتى فجّرها  الشهيد البطل مهند حلبى فى ٣/١٠/٢٠١٥ الطالب فى جامعة القدس وينتمى للرابطة الاسلامية الذراع الطلابى لحركة الجهاد الاسلامى فأبهر د رمضان فعله وجرأته وهو يهاجم  الجنود المدججين بالسلاح ليقتل منهم ثلاثة ويصيب ثلاثة فأنشد له د رمضان قصيدة طويلة بعنوان " قمر الثائرين "           

ثالثا- الانقسام : والذى اعتبره الدكتور رمضان الضرر الاكبر على القضية الفلسطينية  وحاول بما يمتلكه من ملكات القبول  لدى فتح وحماس التدخل لانهاء الانقسام . وهو الذى رفض ان تتلبس الحركة بأىٍ من افرازات اوسلو وظهرت صوابيته المطلقة فى عدم خوض الانتخابات التشريعية عام ٢٠٠٦، وكان همّه  إعادة الاعتبار للمشروع الوطنى التحررى، وحنكته السباسية كانت حاضرة فى معظم جلسات  المصالحة بين فتح وحماس ولمساته واضحة فيما نتج عنها من اتفاقيات ، وبعد ان وصلت المصالحة الى طريق مسدود وضع شهادته امام الشعب الفلسطينى فى الانطلاقة الجهادية لحركة الجهاد الاسلامى عام٢٠١٦ بمبادرته ذات العشر نقاط كمخرج حقيقى من المأزق الفلسطينى وانهاء معاناة شعبنا وقد تميزت بفلسطينيتها وواقعيتها وجديتها ووضوحها، وكل المبادرات التى قُدمت لانهاء الانقسام بعد ذلك اعتمدت على ما قدمته مبادرة د رمضان من رؤى .

هذا هو جهد.ُ وهمُّ وإرثُ د رمضان ... أمانةٌ فى أعناقنا جميعا ... فهلّا حملناها بإيمان وإخلاص وصدق ووعى حتى نلقى الله وهو راضٍ عنا

كلمات دلالية