خبر نحن لسنا خرقا بالية.. معاريف

الساعة 11:20 ص|23 فبراير 2009

بقلم: عاموس جلبوع

في الجمهور الاسرائيلي توجد في الفترة الاخيرة، ولا سيما في هذه الايام، حركة قوية، ذات علاقات عامة وصخب في تأييد التحرير الفوري لجلعاد شليت، مهما كان الثمن. مهما كانت الاضرار السياسية والامنية. حتى لو فرضنا سيحرر كل كبار القتلة الفلسطينيين بمئاتهم، ويعود بعضهم الى النشاط الارهابي، وتتعزز حماس وحكمها في غزة، ويضعف رئيس السلطة ابو مازن، ويكون بوسع حماس عن حق الادعاء بالنصر في الحرب الاخيرة - المهم ان يعود شليت الى الديار.

وسائل الاعلام تتجند بحماسة من اجل التحرير "بكل ثمن"، وتجند الامهات الثكلى، اللواتي قتل ابناؤهن على ايدي المخربين كي يؤيدن التحرير.

المبررات الى جانب التحرير هي مبررات عاطفية، اخلاقية ووطنية ومبدئية.

هنا، كما يخيل لي، يوجد المبرر الاقوى. اساسه هو :دولة اسرائيل ملتزمة بضمان سلامة وامن كل واحد من مواطنيها، والاحرى اكثر من ذلك مفروض عليها هذا الواجب بالنسبة لجنودها.

فهم يعملون من اجل الدولة ويتوقعون منها ان تفعل كل شيء كي لا تبعثهم يقتلون في معارك لا داعي لها وانها فعلت كل ما يمكن كي تعيدهم الى الديار فيما لو سقطوا في الاسر او اختطفوا.

يحتمل جدا ان تنخفض دافعية المقاتلين الحربيين اذا ما عرفوا ان الدولة تتركهم لمصيرهم او انها لا تفعل كل شيء كي تعيدهم الى احضان عائلاتهم.

جلعاد شليت كف منذ زمن بعيد على ان يكون شخصا خاص، جنديا واحدا منفردا في الاسر. فقد اصبح رمزا. اسمه وصورته يظهران في الساحات، على القمصان، في الدعايات، وفي كل شيء اخر. قضيته تطرح على طاولة عظماء العالم.

ولكن ما حصل هو ان جلعاد شليت اصبح ايضا رمزا لحماس وكل اصدقائها. اصبح بالنسبة لهم علم اسرائيل الذي يمكن احراقه، البصق عليه، لانزال دولة اسرائيل على ركبتيها كي تستجدي من اجله.

اذا كان شليت هو التجسد الاسرائيلي اليهودي، وهو في ايدينا، كما لا بد يقولون، فلماذا لا يكون ثمنه هو الاعلى؟ لماذا نتنازل للاسرائيليين في شيء؟ لماذا لا نتعاطى معهم في مسألة شليت وكأنهم خرقا بالية؟ لماذا لا نخفيه عن ناظر كل العالم، ولماذا لا نطلق بين الحين والاخر صورة او رسالة له لنتلاعب بمشاعر اليهودي بل ونظهر ايضا كأنسانيين؟

لو كان لحكومة اسرائيل الحالية ذرة من الكرامة لكان ينبغي لها ان تفعل الامر التالي:- ان تعلن بالشكل الاكثر علانية ورسمية بانها تطالب ان يزور الصليب الاحمر شليت، وان يفحص حالته وان يبلغ عن ذلك. وبعد ذلك – الله كبير.

على حكومة اسرائيل ان تعلن انه لا يحتمل انه في الوقت الذي تحرص فيه دول مختلفة في العالم حرصا شديدا على المصير الانساني لسكان قطاع غزة الذين يعيشون تحت حكم حماس، لا يتاح لهيئة دولية ان تحرص على مصير الجندي الاسير جلعاد شليت.

عليها ان تعلن انه طالما لا تسمح حماس للصليب الاحمر بزيارة شليت، فلن يزور الصليب الاحمر كل السجناء الفلسطينيين الموجودين في قوائم تحرير حماس، ولن يزورهم ابناء عائلاتهم.

الخطوة الاولى التي اتخذها الرئيس الامريكي حديث العهد براك اوباما عند دخوله الرسمي الى البيت الابيض كانت ذات طابع انساني: فقد قرر حل معسكر غوانتنامو الاعتقالي حيث يحتجز سجناء متهمون باعمال الارهاب.

اذا الى الامام: فلتكن المهمة الانسانية الاولى لمبعوثه ميتشل احداث زيارة للصليب الاحمر لدى شليت. لعله يكون لحكومة بيبي المستقبلية الشجاعة والكرامة لمثل هذه المبادرة.