خبر فلتحيا الجمهورية الثانية - هآرتس

الساعة 11:18 ص|23 فبراير 2009

بقلم: عوفيد يحزكيل

 (المضمون: على الاسرائيليين قادة وشعبا ان يضعوا اسس الجمهورية الثانية من اجل الحفاظ على بقاء اسرائيل واستدامتها - المصدر).

نتائج الانتخابات زادت الوعي الشعبي لما كان معروفا منذ زمن لضالعين في ادارة الدولة: المسألة لا تنجح. الحكم الاسرائيلي ليس فعالا، وهو لا يتخذ القرارات لا على مستوى محك التنفيذ ولا في القدرة على تحديد رؤيته وقيمه المستقبلية.

سياسيون ومحللون يخوضون منافسة فيما بينهم منذ الانتخابات وعنوانها "من الذي يصرخ اكثر من غيره منبها لوجوب تغيير طريقة الحكم في اسرائيل". هناك درجة كبيرة من الخداع في هذا النداء. تغيير طريقة الحكم هو عامل هام، ولكنه ليس وحيدا في التغيرات المطلوبة.

في ظل الواقع الحالي، لا تتيح القيود المفروضة على قدرة الحكومة على التنفيذ اكثر من عمليات الصيانة الجارية الروتينية. وعليه، يتوجب اجراء تحسين فوري في الاجهزة التنفيذية. اضافة الى ذلك يتوجب الكف عن "مهرجان التشريع الفردي والخاص". في فترة رئيس الوزراء ايهود اولمرت قدمت 4096 مسودة قانون خاصة – بعضها اقتراحات قانونية تسعى لاستمالة الرأي العام والتي لا يمكنها ان تخدم مصلحة المواطن، ولو قبلت لكلفت خزينة الدولة مليارات كثيرة. النتيجة المباشرة هي تشويش قدرة الدولة على تحديد سلم الاولويات. ذلك لان تحقيق كل شيء ليس متاحا.

دولة اسرائيل، التي هي خليط من الطوائف والثقافات والاقليات، ملزمة بتحديد قواعد لعبة واضحة من خلال دستور ووثيقة حقوق، ومن خلال تنظيم المبادىء الاساسية التي تقوم عليها الدولة. كل مجتمع وطني ديمقراطي يرتكز على رؤية مستقبلية وقيم مشتركة. في بلادنا يمكن مناقشة كل شيء، والولاء للقيم القبلية يفوق الولاء للقيم الوطنية والشمولية. نحن تحديدا الذين نرتكز على تقاليد يهودية مفتخرة، لسنا قادرين اليوم على تحديد اطار قيمي مشترك لانفسنا. انتاج مثل هذا الاطار هو مسالة لا مفر منها.

النظام الديمقراطي يرتكز على توزيع القوة بين السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية. العلاقات بين السلطات الثلاث عندنا ليست سليمة، في اخر المطاف. في العام الماضي عكفنا – سكرتير الكنيست ايال يانون وانا باعتباري سكرتيرا للحكومة – على اعداد وثيقة تهدف الى تنظيم العلاقات بين الكنيست والحكومة، ولكن التطورات السياسية تسببت في تاجيل هذه المسالة حيث ستطرح على طاولة الكنيست الجديد. على اية حال، هذا لن يكون كافيا فهناك حاجة لتنظيم واضح لعلاقات السلطات الثلاث فيما بينها.

في ظل الوضع القائم، يمكن القول ان الدولة لا تتقدم للامام فقط – لا بل انها تفقد ما قد حققته بسبب المشاكل التي تعاني منها في اتخاذ القرارات والمشاكل الصعبة في التنفيذ والبيروقراطية المستحيلة والوعي المختل للخدمة العامة. ان ادت الحكومة الجديدة دورها في ظل الظروف التي عملت في اطارها الحكومة المنصرفة وتلك التي سبقتها – فستكون قدرتها على الحكم متدنية جدا. وفشل رئيس الوزراء القادم مسالة متوقعة مسبقا.

الاستخلاص المطلوب من كل ذلك هو ان الجمهورية الاولى في اسرائيل قد انهت ايامها. من الواجب ان ترحل عن هذا العالم بعد ان فقدت قدرتها على الفعل الاساسي جدا رغم نجاحاتها الكثيرة. علينا ان نرسخ اسس الجمهورية الثانية. الدول التي تتطلع للبقاء واكمال مشوار الحياة فعلت ذلك في الماضي. علينا ان نرسخ جمهورية ترتكز على الدستور وثيقة الحقوق، وتنظيم علاقات السلطات الثلاث، ووضع طريقة حكم راسخة ورؤية مستبقلية وقيم محددة ومتفق عليها.

ليس بامكان الجمهورية الثانية ان تتشكل بفعل قوة الحكم او القادة الذين يمتلكون قوة تحرك محدودة. ان قامت هذه الجمهورية فستكون نتيجة لانتظام مدني واسع النطاق يتمخض عن قوة مدنية لا يمكن للحكومة والجهاز السياسي ان يتجاهلاها. كل من يريد بقاء دولتنا، عليه ان يساهم في هذه العملية.