خبر حنين لبروتوكولات صهيونية -هآرتس

الساعة 11:16 ص|23 فبراير 2009

بقلم: أمير اورون

 (المضمون: تراجع مكانة اسرائيل واللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة مسألة تستدعي اعادة النظر في السياسات الاسرائيلية لاستعادة ما تبقى من مصداقية لها في نظر العالم - المصدر).

صحفي تركي مخضرم ابتسم في الاسبوع الماضي عندما قرأ التحليلات المنشورة في اسرائيل اثر هجمات اللواء آفي مزراحي المضادة على رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وهجمة الجيش والحكومة التركيين المضادة للمضادة حول مس الجيش الاسرائيلي بالمدنيين في غزة خلال عملية "الرصاص المصهور".

خلال النقاش الذي جرى عندهم تم تفويت نقطتين هامتين كما قال المحلل التركي الاستانبولي:_ الاولى شخصية، وهي ميل اردوغان لانفجارات مندفعة فجائية ومربكة. شمعون بيرس كان في دافوس ضحية بالصدفة لمثل هذه الانفجارات، وفي سياق اخر كان من الممكن ان يكون ساركوزي او اوباما في نفس الموقف. الدليل على ذلك ضبط الرئيس عبد الله غول وزير الخارجية السابق والمطلع على خبايا واسرار العلاقات مع اسرائيل لنفسه.

الأمر الأكثر من ذلك اهمية هو تراجع القوة الاسرائيلية عسكريا وسياسيا في نظر الاجانب خصوصا بالنسبة لدولة كتركيا. اسرائيل اعتبرت طوال عشرات السنين طرفا واسع التأثير في واشنطن ولكن تركيا تحولت خلال العقد الاخير الى موقف آخر وهو مكانة الطرف الذي يحتاجونه في واشنطن اكثر من حاجته اليهم. في نفس الوقت تظهر اسرائيل كطرف اضعف من ان يؤثر على الادارة والكونغرس لتحسين علاقاتهما مع تركيا.

هذا الموقف البارد رغم اهمية تركيا لحلف الاطلسي، والعمليات التي شنت على العراق خلال عهد صدام حسين (ولكن ليس في حرب 2003 عندما رفض الاتراك السماح للامريكيين بمحاصرة صدام من حدودهم) لم ينبع من حساسية واشنطن نحو قضية الارمن او الاتراك حاليا وانما من قوة اللوبي اليوناني المضاد. اليكم قائمة جزئية من السياسيين والمسؤولين الكبار ذوي الاصول اليونانية:- نائب الرئيس سبيرو اغنايو، المرشح للرئاسة مايكل دوكاكيس والسناتور بول سربينس واعضاء الكونغرس البارزين بول تشونغاس وجون برادمس ورئيس السي اي ايه  جورج تنت. اما قائمة البارزين ذوي الاصول التركية في امريكا فهي فارغة من اي اسم. تركيا حاولت معادلة التفوق اليوناني عليها من خلال حليفتها الامنية اسرائيل بصورة مباشرة واللوبي الاسرائيلي ايباك بصورة غير مباشرة.

صورة الاثنتين ومكانتهما الاعتبارية في البيت الابيض والكونغرس تلقت ضربات قاسية في السنوات الاخيرة.

نضيف الى ذلك، في سياق قضية غزة اخفاقين شديدين ارتكبهما الجهاز الامني في اسرائيل: تقزيم اسهام الادارة المدنية في عملية "الرصاص المصهور" ورفض السماح للصحافيين بمرافقة القوات المقاتلة في المناطق العمرانية. وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي (الذي لا يمكن تعيين الجنرالات من دون موافقته) لم ينجحا في ايجاد المرشح المقبول في نظرهما – كان بامكان باراك ان يعين مدنيا من دون ان يسأل اشكنازي – وتركا تنسيق العمليات في المناطق من دون رئيس دائم، منذ خروج اللواء يوسف مشلاف من الخدمة. هما ايضا سمحا لرئيس الادارة الاسبق والناجح في ادارة التنسيق والارتباط في غزة اللواء احتياط نير بيرس بالخروج في اجازة من دون خليفة في مستواه بينما كانت عملية "الرصاص المصهور" في الافق. وهكذا بقي ضباط الادارة المدنية من دون قائد وانيط بقادة الالوية والكتائب الاشراف عليهم، وهكذا كان دورهم ثانويا في العملية واثارها المترتبة على السكان المدنيين. الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية امان حددا المكان الذي يجب ان تكون فيه الاصابات ولكن لم يكن هناك في المقابل من يضع علامات على الاماكن التي يحظر المس بها.

حظر ادخال المراسلين الصحافيين ومرافقتهم للقوات، كما جرت العادة في اسرائيل كان نجاحا تكتيكيا الا انه تسبب بفشل جهازي وتراجع سياسي في نهاية العملية. المراسلون الصحافيون الموثوقون، خصوصا الاجانب، كان بامكانهم ان يغطوا العملية عن كثب وان يظهروا الشوارع المفخخة قبل استخدام الوسائل الهادفة الى حماية ارواح الجنود، الامر الذي كان بامانه ان يجسد الحاجة الميدانية للعمليات بذلك الشكل الذي نفذت به ويساعد في تخفيف حدة مشاهد الهجمة وما ينجم عنها من دمار.

أسطورة السيطرة الإسرائيلية على روافع القوة في العالم، بروحية بروتوكولات حكومات صهيون، تتصدع مرة تلو الاخرى في ظل واقع القرن الحادي والعشرين. على خلفية تاثير الاقليات الاسلامية المتزايد في اوروبا والتي تقترب من التعادل مع قوة اليهود السياسية في امريكا، ربما يجدر باسرائيل ان تتوقف عن نفي ذلك والبدء في الاستعداد لهذه المرحلة على امل ان يعود احد بتصديقها.