معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: هذه مزايا ومخاطر ضم الضفة بالنسبة لـ "إسرائيل"

الساعة 02:11 م|16 يونيو 2020

فلسطين اليوم

يعد مصطلح "تطبيق السيادة" تعبيرا تجميليا عن ضم (إسرائيل) لأجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد، ومن شأن هذه الخطوة أن تبعثر الوضع الحالي تماما وتغير قواعد اللعبة على الساحة الإسرائيلية والفلسطينية.

ويعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أن (إسرائيل) أمامها الآن ما قد يكون فرصة لمرة واحدة لتغيير الواقع في ساحة الصراع.

وقال "نتنياهو": "حتى اليوم، كانت (إسرائيل) دائما هي التي عليها أن تتنازل وتقدم وتجمد وتنسحب، أما الآن، كما قال الرئيس ترامب، فإن (إسرائيل) ليست هي التي تحتاج إلى التنازل، بل الفلسطينيين".

وركزت التغطية الإعلامية والنقاش العام في (إسرائيل) على الآثار المباشرة للضم، ولكن لم يكن هناك أي نقاش بشأن التأثير على المدى الطويل.

وفي حال لم تنجُ السلطة الفلسطينية من تداعيات الضم، التي من المرجح أن تشمل اضطرابات شعبية واسعة النطاق، فإن الخطوة قد تؤدي إلى إنهاء دورها وتفكيكها.

وإذا حدث ذلك، فستجد (إسرائيل) نفسها مسؤولة عن 2.7 مليون فلسطيني خارج مناطقها، وهو تطور إشكالي من شأنه أن يؤثر على الطابع الديمقراطي والديموغرافي لـ(إسرائيل)، ويؤدي شيئا فشيئا إلى واقع الدولة الواحدة.

وعقد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائلي مؤتمر لدراسة الآثار الإيجابية والسلبية للضم، والتي كانت كالتالي:

أولا: الآثار السلبية

• التأثير الضار على الواقع الأمني الذي اتسم خلال العقد الماضي بالهدوء والاستقرار النسبيين، ويمكن للضم أن يزيد الدافع الفلسطيني للمقاومة.

وقد توقف بالفعل التعاون بين قوات الأمن الإسرائيلية والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وسوف يمتد هذا التوقف إلى مجالات مثل "مكافحة الإرهاب"، وتفريق المظاهرات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية القيمة، ويجعل هذا التوقف من الصعب على (إسرائيل) مواجهة التحركات العنيفة.

• من شأن الضم أن يدفع السلطة الفلسطينية نحو "حماس"، وربما يشجعها على العودة إلى نهج المقاومة، بينما تطالب بالسيادة على كل فلسطين.

وفي الوقت نفسه، ستعمل "حماس" على تقويض الاستقرار في الضفة الغربية، وستواجه صعوبة في كبح الجماعات الرافضة لسيطرتها على قطاع غزة، وسيؤدي ذلك إلى زيادة فرص التدهور الأمني ​​المتزامن في الضفة الغربية وقطاع غزة.

• وسيزيد الضم وضياع الأمل في دولة فلسطينية من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية أو إعادة المفاتيح إلى (إسرائيل)، وفي هذه الحالة، ستضطر (إسرائيل) لتحمل المسؤولية عن كامل السكان الفلسطينيين، منهم 2.7 مليون في الضفة الغربية وحدها.

• إلغاء فوائد معاهدة السلام مع الأردن، وتعد حدود (إسرائيل) مع الأردن هي أطول حدودها وأهدؤها، وقد استمر التعاون الأمني ​​مع الأردن بنجاح على مر السنين، وسوف يؤدي الضم إلى إلغاء العمق الاستراتيجي الدفاعي الشرقي لـ(إسرائيل)، الذي يصل حاليا إلى الحدود الأردنية العراقية.

• وسيساعد الضم على ترسيخ التواجد الإيراني بشكل قوي ومكثف في الساحة الفلسطينية. واليوم، يسمح الاستقرار والهدوء النسبيان الموجودان على الساحة الفلسطينية للجيش الإسرائيلي بالتركيز على إحباط التهديد الإيراني لـ(إسرائيل).

• سوف يضر الضم بتعاون (إسرائيل) مع الدول التي لا تتمتع بعلاقات رسمية معها، والتي تقوم على مصلحة مشتركة (مواجهة إيران).

ومن شأن ذلك أن يقوض مكانة (إسرائيل) الإقليمية أمام الدول العربية البراجماتية، وحتى لو حافظت تلك الدول على علاقات منخفضة المستوى مع (إسرائيل)، فإن هذه العلاقات لن تتقدم في المستقبل المنظور.

• ويعني الضم على نطاق واسع نهاية لإمكانية إيجاد ترتيب سياسي إقليمي بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية.

((2))

ثانيا: الآثار الإيجابية

• من شأن الضم أن يغير قواعد اللعبة وتوازن القوى في الساحة الإسرائيلية والفلسطينية بطريقة تحرم الفلسطينيين من حق النقض على الترتيبات المقترحة.

• للمرة الأولى، وافقت الولايات المتحدة على نية (إسرائيل) المعلنة في الحفاظ على وجود دائم خارج حدودها قبل عام 1967.

• هناك احتمال كبير بأن الضم لن يهز أسس الوضع الأمني ​​والسياسي لـ(إسرائيل)، خاصة إذا كان نطاق الضم محدودا ولا يحول دون خيار حل الدولتين.

• تعد الأراضي الأساسية في عملية الضم بالنسبة لـ(إسرائيل) هي القدس، ومحيط القدس، وغور الأردن، وفي الوقت الحالي، تسيطر (إسرائيل) على هذه المناطق بالفعل عبر وضع مؤقت، في حين أن الضم القانوني سيثبت سيطرتها على هذه الأراضي ويسكت المعارضين.

• يهدف الضم إلى توسيع خارطة الاستيطان الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه، يزيد من صعوبة إجلاء اليهود من منازلهم في الضفة الغربية.

وسوف يشجع ضم المناطق الإسرائيليين على الانتقال من التلال المزدحمة والقطاع الساحلي إلى الضفة الغربية دون خوف من الإخلاء في المستقبل.

• تعد (إسرائيل) في مفترق طرق، وتحتاج لإثبات قوتها وعزمها، فضلا عن استعدادها للتغلب على عدم اليقين الذي قد يكون له تأثير ضار على أمنها على المدى القصير، ولكنه يقويها على المدى الطويل.

الخلاصة

ستؤثر العديد من المتغيرات على الآثار المباشرة للضم، خاصة شكل قرار الضم، سواء كان محدودا أو واسع النطاق.

وتشمل هذه المتغيرات مدى إلحاق الضرر بنسيج الحياة الفلسطينية ونسيج السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية، ووتيرة وكثافة الأحداث، ما سيؤثر على ديناميكية التصعيد ومدى صعوبة السيطرة عليه.

وتبقى الأسئلة الإضافية ذات الصلة هي ما إذا كان الفلسطينيون سيحتفظون بأفق من الأمل لتحقيق تطلعاتهم الوطنية في حل الدولتين، ومن سيكون في البيت الأبيض في عام 2021.

لن يمنح الضم (إسرائيل) ميزة استراتيجية تستحق أن تتحمل تبعاته الأمنية والسياسية والاقتصادية واسعة النطاق.

ولن تحصل (إسرائيل) بتطبيق القانون الإسرائيلي على أجزاء من الضفة الغربية على أي ميزة أمنية فوق الوضع الحالي الذي تسيطر فيه (إسرائيل) على غور الأردن بالفعل، وتتمتع بحرية العمليات الأمنية في جميع أنحاء المنطقة، وتشترك في تعاون فعال مع قوات الأمن الفلسطينية.

وفي الواقع، سيزيد الضم من خطر العنف في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ويتطلب هذا بدوره من الجيش الإسرائيلي تحويل انتباهه من الحدود الشمالية وإيران إلى الجهود المبذولة على الساحة الفلسطينية.

وعلى المدى الطويل، إذا لم تستطع السلطة الفلسطينية تحمل تأثير الضم، بسبب اضطرابات شعبية واسعة النطاق، فقد تتفكك وينتهي دورها.

وفي هذه الحالة، ستكون (إسرائيل) مسؤولة عن 2.7 مليون فلسطيني في الأراضي الفلسطينية في العديد من المجالات، بما في ذلك القانون والنظام، والرعاية الأساسية والأمن، وما بعدها.

وسيحدث هذا بالتزامن مع تزايد الدعم الشعبي في الشارع الفلسطيني لفكرة إقامة دولة واحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ​​كبديل للرؤية الفاشلة لحل الدولتين.

وبالإضافة إلى العبء الأمني، ستُثقَل (إسرائيل) بعبء الاقتصاد الفلسطيني، دون مساعدة المجتمع الدولي، الذي كان يساهم في مساعدة السلطة الفلسطينية لأعوام.

علاوة على ذلك، ستؤثر هذه التطورات الإشكالية بشكل كبير على الطابع الديمقراطي والديموغرافي لـ(إسرائيل)، حيث ستعجل بتسريع الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة، وتقويض الرؤية الأساسية لـ(إسرائيل) كدولة "يهودية ديمقراطية آمنة وأخلاقية"، مع حدود معترف بها وشرعية دولية.

وعلى مدى العقد الماضي، فقد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مركزيته في النظم الإقليمية والعالمية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الرفض الفلسطيني الذي لعب دورا حاسما في إحباط التقدم نحو تسوية سياسية تشمل الدولتين ولصالح شعبين.

وفي ظل هذه الخلفية، كان لـ(إسرائيل) الحرية في مواجهة التحدي الاستراتيجي الرئيسي، وهو النفوذ والتوسع الإيراني المتزايد في الساحة الشمالية.

وفي الوقت نفسه، أصبح من الممكن تطوير العلاقات الاستراتيجية بين (إسرائيل) والدول العربية البراجماتية، وكذلك إنشاء جبهة واسعة ضد إيران، ومن المتوقع أن يؤدي الضم إلى إيقاف هذه العملية المفيدة للغاية.

 

كلمات دلالية