خبر الشعب يريد قائدا قويا .. إسرائيل اليوم

الساعة 11:54 ص|22 فبراير 2009

بقلم: أمونة الون

احدى الحقائق المثيرة للاهتمام، التي اتضحت مجددا في هذه الانتخابات، هي ان الجمهور يبحث عن قائد قوي، اكثر من بحث اغلبية الجمهور الاسرائيلي لنهج ايديولوجي او حلول لمشاكله.

نجاح افيغدور ليبرمان، برهان اكيد على صحة هذا الافتراض، وهذا النجاح لم ينبع من وعوده للناخب اكثر من كونه نابعا من القيادة القوية القاطعة الواضحة التي يعبر عنها للمحيطين به دائما وبالاساس عشية الانتخابات. كما ان شعاراته الصارخة اسهمت طبعا في نجاحه الكبير، ومن الواضح ان الاجندة التي اقترحها قد خدمت ذلك. ولكن يبدو ان نغمة الشعارات القاطعة التي لا تقبل المساومة في اجندته، كانت اكبر تاثيرا من مضامينها. العبارات الحازمة والقوية حول اعطاء الجنسية للعرب في اسرائيل ينظر لها من قبل يهود كثيرين كتعبير صارخ عن القيادة الحقيقية. ومثلها ايضا التجرأ على اعطاء الوعود بالعمل على تغيير الوضع القائم بصدد طابع الدولة الديني. ولكن في حالة ليبرمان، وظاهرة "اليبرمانيا"، يبدو ان هذا الشخص لم يكن ليحصد خمسة عشرة مقعدا حتى لو وعد، بنفس الصرامة المليئة بالثقة الذاتية، بوعود تتعلق بشؤون مغايرة تماما.

كما ان نجاح كاديما الجسم الفضائي الغريب ايديولوجيا منذ تأسيسه وحتى هذا اليوم، لا يمكن ان يفسر الا بشوق الجمهور ورغبته الشديدة بالحصول على قيادة حازمة.

قرار ناخبي اليسار في هذه الانتخابات – بالتخلي عن ميرتس وحزب العمل لصالح كاديما – كان على ما يبدو قبل كل شيء انتخابا لانتصاب هامة تسيبي لفني القيادية، في موازاة الانبطاحية المعينة التي عبر عنها ايهود باراك وحاييم اورون . هذا لا يعني ان تسيبي لفني كريزماتية جدا، ولكن عندما ينظر الناخب اليساري الكلاسيكي اليها جيدا، يرى من وراءها وحتى الان اريئيل شارون. فشارون كما نعلم كان القائد الامثل رمز الكريزما والقوة. ان لم تكن هناك ايام افضل لليسار الاسرائيلي من تلك الايام التي جلس فيها الملك شارون على مقعد البلدوزر الرسمي وعرف بالضبط ما الذي يريد ان يفعله بل وفعله. وليس مثل الملك من اجل الطمأنة والسماح له بقيادتك والسير وراء فكرة الانسحاب احادي الجانب من غزة، حتى من قبل اولئك الذين ادركوا جيدا انها فكرة بائسة غير واقعة ونابعة من التطلع الشديد الجذاب جدا للتفاني والاخلاص للقائد القوي من دون تكليف النفس بطرح الاسئلة الكثيرة. وربما حتى من دون الحاجة للتفكير.

ولفني لا ترتكز فقط على اريك ملك اسرائيل: هي محاطة بحراس اقوياء كانوا يحيطون بشارون نفسه ايضا ويكفينا ان نذكر في هذا السياق شخصية روني بار – اون القوية، الذي يقف في وجه كل من يحاول سؤالها من تكون في الواقع وما الذي تستطيع ان تفعله مكشرا عن انيابه بصورة مخيفة.

الحنين للقيادة اثر ايضا على القطاعات الصغيرة ويبدو انه شكل وزنا حاسما في انتخاب المتدينين الوطنيين واختيارهم بين البيت اليهودي والاتحاد الوطني. هذا الجمهور هو الاخر يتشوق لقائد قطاعي قوي يعرف كيف يقول "انا" وليس نحن فقط، وربما لهذا السبب فضل الكثيرون منهم حزب كادشالا صاحب الانا الذي يعد بعدم الخوف بالمرة على البروفيسور هيرتشكوفيتش العاجز.

وفي اخر المطاف نقول ان بنيامين نتنياهو هو اقوى القادة لانه صاحب كاريزما قوية ويعبر عن القوة والصرامة ويكثر من الحديث عن نفسه وعن انجازاته ومع ذلك لا يتناسى الجماعة. في انتخابات 1996 انتصر بفضل قيادته الواعدة ولكن هذا الوعد تبدد خلال فترة حكمه لانه لم يتصرف مثلما يرى الامور وانما دخل في لعبة القادة الاخرين.

في هذه المرة ايضا قد يتكرر الامر ان استخدم نتنياهو كل القوة التي اعطتها الانتخابات له من اجل ترسيخ نفسه كقائد وموجه للدفة. الخطوة الاولى : رفض اقامة حكومة وحدة يضطر فيها لتقاسم القرارات مع قوى اخرى ذات اهداف مناقضة له. اسرائيل تريد زعيما قويا وهي تستحق مثل هذا الزعيم وهي تريد من هذا القائد القوي ان يقودها في سياسة يمينية صارخة ومن حقها ان تحصل على ذلك ايضا. ويجب ان لا يقول احد للقائد نتنياهو ما الذي يتوجب عليه ان يفعله لانه هو صاحب القرار في ذلك.