خبر اولمرت يتنازل عن شاليط .. هآرتس

الساعة 11:52 ص|22 فبراير 2009

بقلم: تسفي بارئيل

هل هناك احد ما يعتقد حقا ان من الممكن اطلاق سراح جلعاد شليت بعد عامين ونصف مقابل فتح المعابر ومن دون اطلاق سراح سجناء؟ هذه هي بالضبط الصرعة التي يحاول ايهود اولمرت من خلالها ذر الرماد في العيون. قبل اسبوع اتفق مع مصر، على اطلاق سراح شليت مقابل قائمة سجناء متفق عليها، تتضمن مروان البرغوثي. الخلاف دار حول اربعة سجناء اخرين، بينهم احمد سعدات الذي خطط لقتل رحبعام زئيفي.

مصر قدرت، على اساس مباحثات عمر سليمان مع عاموس جلعاد، ان من الممكن التغلب على هذه العقبة وبدأت بالتحضير للمرحلة التالية: دعوة فتح وحماس لمؤتمر مصالحة، كان من المفترض ان ينعقد في القاهرة اليوم كأساس للمفاوضات حول فتح معبر رفح. افتراض المصريين المبدئي كان ان قضية اطلاق سراح شليت وتطبيق التهدئة في اي اطار كان، سيصبحان في الوراء بعد حين. فهل كانت مصر المجربة جدا حالمة ام انها قد تعرضت للخديعة؟ هل كذب جلعاد على سليمان ام انه فوجىء هو الاخر من موقف رئيس الوزراء.

ليس مهما كيف نحدد ما يقوله اولمرت، شرطه "الجديد" الذي يعطي اولوية لاطلاق سراح شليت على فتح المعابر – هو خدعة. ليست لحماس ولم تكن لديها اية مشكلة في الاتفاق على اطلاق سراح شليت اولا ومن ثم التوجه لاتفاق وقف اطلاق النار. هذه الموافقة لو حدثت لتتناقض مع المبدأ الذي حددته لنفسها بوجوب الفصل بين التهدئة واطلاق سراح شليت. ان كانت اسرائيل ترغب في اطلاق سراح شليت اولا فليكن والثمن هنا معروف. هذا ما حدث فور اختطاف شليت في فترة التهدئة الاولى، وبعد حرب غزة ايضا. اسرائيل التي فرضت الحصار على غزة بسبب اختطاف شليت لم تستوعب شروط حماس، التي تحركت طوال الوقت على مسارين: رفع الحصار وتطبيق التهدئة من دون صلة بشليت، واطلاق سراح سجناء من دون صلة بالحصار، اثر الضغوط الدولية العربية ادركت اسرائيل ان لا مفر من السير في مسارين.

الان يبدو ان اهتمام اولمرت ليس منصبا على سلم الاولويات – هو بكل بساطة لا يريد دفع الثمن ويقدر ان بامكانه اخضاع حماس من خلال اشتراط فتح المعابر. هو ليس معنيا باطلاق سراح كل السجناء الذين تطلبهم حماس مقابل شليت، وان حدث – فمن الافضل ان يفعل ذلك رئيس الوزراء القادم. ان كان هذا قراره فليقل لنا صراحة: "انا لا استطيع دفع الثمن وتحمله ولذلك قررت التنازل عن شليت". ليس من الممكن التوصل الى استنتاج اخر غير هذا من الطريقة التي يدير فيها المفاوضات مع المصريين في الايام الاخيرة.

من دون تهدئة متفق عليها ومن دون شليت لن تبقى الحرب في غزة مجردة من الانجازات فقط، بل هناك في الزاوية فشل ذريع يتربص متخفيا. مصر تتمتع بالحرية في مواصلة التفاوض مع حماس وفتح حول معبر رفح الامر الذي لا يرتبط لا باطلاق سراح شليت ولا بالتهدئة. مصر مستعدة لفتح المعبر ان وافقت حماس على شروط الاتفاق الموقع في 2005. التقارب بين فتح وحماس واستعدادية الفصائل الفلسطينية للمصالحة حتى ان اؤجلت المباحثات في الوقت الحالي، والضغط للوصول الى مصالحة كهذه قبل انعقاد القمة العربية في اذار – هي في الواقع لبنة اخرى في الانعطافة المتوقعة. ويضاف اليها تصريح جورج ميتشل بان الادارة الامريكية راضية عن المساعي المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتتطلع بنفسها للوصول الى حكومة وحدة فلسطينية.

هذه التطورات ستؤدي الى الحاق فشل مضاعف باسرائيل. حكومة فلسطينية موحدة تشارك بها حماس وتتمتع بالتأييد الامريكي، الامر الذي يحول موقف اسرائيل منذ عام 2006 القاضي بمقاطعة مثل هذه الحكومة الفلسطينية الى اضحوكة، بينما يؤدي فتح معبر رفح الى تفريغ العقوبات الاسرائيلية المفروضة على غزة من مضامينها. البضائع والخدمات ستمر الى غزة من الجانب المصري من دون عراقيل، بصورة رسمية وتحت رقابة اوروبية، بينما لن يكون لشرط اسرائيل باطلاق سراح شليت مقابل المعابر اي معنى كان.

ليس من المتأخر بعد منع حدوث هذا الفشل، واعادة شليت وترسيخ وقف اطلاق النار طويل المدى. ليس من المتأخر ايضا تصويب العلاقات مع مصر والاستعداد للسياسة الامريكية الجديدة نحو الفلسطينيين. ولكن هذا الامر يستوجب التوقف عن الصرعات ودفع الحساب. هذا الحساب لن يكون اقل بعد اسبوع او شهرين.