خاص اللاجئة فخرية شرايعة...عن كفر عانة والنكبة المستمرة في الجلزون

الساعة 02:55 م|16 مايو 2020

فلسطين اليوم

اللاجئة فخرية شرايعة...عن كفر عانة والنكبة المستمرة في الجلزون

كان عمرها خمسة سنوات عندما خرجت عائلتها من قريتها "كفر عانة" إحدى قرى يافا المحتلة، لم يقع في القرية قتال أو معارك، ولكن كبار "مخاتير" القرية قرروا الخروج خوفا مما وصل لهم من أنباء عن مجازر قتل نفذتها العصابات الصهيونية في القرى المحيطة.

ومن "كفر عانة" إلى قرى غرب رام الله "رنتيس" و"دير غسانة" وصولا إلى مخيم الجلزون، معاناة كبيرة حولت "فخرية شرايعة" من طفله تلعب في حوش منزلها الكبير في قريتها الأصلية إلى لاجئة تحمل "كرت" وكالة الغوث بطاقة التعريف بها، وانقلبت حياتها التي لا تذكر الكثير منها، إلى معاناة مستمرة طوال 72 عاما.

تقول ل" فلسطين اليوم": لم يحدث أي مناوشات أو قتال في قريتنا، كنا نعيش حياتنا العادية قبل أن يجتمع كبار القرية ويقرروا الخروج إلى حين أن تهدأ الأوضاع، خرجنا من الخوف فقط".

لا تتذكر شرايعة هذه لتفاصيل، إلا أن والدتها أخبرتها بذلك فيما بعد، فقد خرجت عائلتها شرايعة (والدها ووالدتها وشقيقتها وشقيقها الأكبر) من كفر عانة ووصلت إلى قرية رنتيس غربي رام الله، هناك أقامت ثلاثة أشهر عند إحدى العائلات، ثم انتقلت للعيش في قرية "دير غسانة" المجاورة.

وبعد تأسيس المخيمات في رام الله، أصرت والدتها على الانتقال للعيش في المخيم كما باقي أبناء قريتها المهجرة، الذين تجمعوا في مخيم الجلزون الذي تأسس في العام الثاني (1948) من النكبة شمال مدينة رام الله.

في المخيم كانت مرحلة جديدة من اللجوء، تذكرها شرايعة تماما، حيث سكنت عائلتها لسنوات في خيما تسلمتها من الصليب الأحمر، ولكن لم تكن حياة عادية وبالنسبة لها هي أصعب سنوات في المخيم"، تتابع شرايعة:" في شتاء إحدى السنوات (1953) تساقط الثلج على المخيم بكثافة، تراكم على الأرض أكثر من متر ونصف، وكانت هذه المرة الأولى التي نرى فيها الثلج، لم نكن نملك أغطية ولا تدفئة كافية في الخيام".

برودة ذك الشتاء لا تزال تشعر به شرايعة حتى الأن كلما تذكرته، بعض الخيام انهارت على رؤوس ساكنيها، ولم يستطيع أحد الخروج للعمل وشراء الطعام.

عمل والد شرايعة بائعا متجولا للخضار في القرى المجاورة للمخيم، كان يبيع الخضار مقابل زيت وزيتون وحبوب والخضروات التي يزرعها المزارعين هناك، وهو بالكاد كان يكفي لإطعام العائلة.

وبالحديث عن منزل شرايعة في كفر عانة، تقول إنه يقع على الشارع الرئيسي من البلدة، بجانبه بئر كبير يدعى "المالح"، وكان والدها يملك 100 دونم من الأراضي يزرع بقوليات وقمح وشعير وخضروات، وكان يملك ثلاثة بقرات.

وتتفاخر شرايعة بملابس والدتها التي كانت تلبسها في كفر عانة، تقول:" كانت والدتي تخيط ملابسها بنفسها، الثوب يكون مطرزا بالكامل من الخيوط الحرير الأصلية، وكان لديها لكل مناسبة ثوب خاص".

ورغم أنها لا تملك الكثير من التفاصيل عن قريتها، ولكنها تعرف الكثير عنها مما سمعته من والدتها ووالدها، وهو ما تحاول أن توصله لأحفادها، الذين توصيهم دائما بحفظ هذه الأمانة للعودة إليها.

ولم تكن شرايعة وعائلتها بعيدة عن الاحتلال واعتداءاته المستمرة على الفلسطينيين، والمستوطنين الصهاينة الذي سلبوا أرضا بجانب في المخيم، وأقاموا مستوطنة "بيت إيل" عليها، فتحولت النكبة إلى نكبة مستمرة في كل يوم:" في المخيم، نعيش حياتنا في قلب النكبة"، قالت شرايعة.

وتابعت شرايعة: "في المخيم كل ليله هناك اقتحامات ومداهمات من قوات الاحتلال، ومستوطنيه، واعتقالات لا تنتهي، وشهداء بالعشرات سقطوا دفاعا عن هذه الأرض"، وتؤكد شرايعة إن النكبة التي بدأت في العام 1948 لن تنتهي إلا بتحرير فلسطين كاملة.