خبر الفتى جلاء يعيش في كوابيس مستمرة بعدما شاهد اغتيال شقيقه الشهيد علاء أبو الرب

الساعة 12:55 م|20 فبراير 2009

فلسطين اليوم : جنين

لحلول الليل معنى آخر في حياة الفتى جلاء عصام أبو الرب (14 عاماً) يرمز للقلق والخوف والفزع، والليل الذي يعتبر ملاذ الناس للراحة والنوم تحول بالنسبة لميلاد لكوابيس والآلام وأحزان أفقدته القدرة على النوم منذ يوم الخميس الماضي حيث قامت قوات الاحتلال بإعدام شقيقه علاء أمامه وعلى بعد خطوات منه.

يقول هذا الفتى :" لا تفارقني ليل نهار ولن أنساها فقد قتلوا أخي داخل منزلنا (...) كان بإمكانهم اعتقاله، ورغم محاولة عائلته التخفيف عنه ومساعدته على تجاوز تلك اللحظات الصعبة والقاسية فإن جلاء يعيش محاصراً كما يقول "وسط تلك الصور التي تلاحقه في كل ثانية لتفرض عليه الكوابيس التي تغرقه بالدموع وهو لا يردد مع أسرته سؤال واحد بأي ذنب قتل أخي علاء في ريعان الشباب وبينما كانت والدتي تبحث له عن عروس لتفرح بزفافه كونه أكبر أفراد أسرتي المكونة من 9 أنفار .. فاغتالوه وقتلوا حلمنا الأجمل وحرمونا معاني الفرح للأبد".

تفاصيل العملية

واغرورقت عينا جلاء بالدموع وهو يتذكر تفاصيل اغتيال شقيقه علاء قائد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي شمال الضفة المحتلة، فقال:" في حوالي الساعة الرابعة من فجر الخميس وصل أخي لمنزلنا وبسبب ملاحقة الاحتلال له تسلل علاء بين أزقة البلدة متخفياً بجنح الظلام ليدخل لمنزله للصلاة ونيل قسط من الراحة وحتى ان والدي وباقي أسرتي لم يشعروا بوصوله".

ويضيف :"توضأ ثم صلى الفجر وجلس على جهاز الكمبيوتر بينما كنت وشقيقي محمد ممدين في فراشنا في نفس الغرفة وبعد نصف ساعة فقط سمعنا صوت انفجار شديد هزّ المنزل وقبل ان يرمش لي جفن أو أتحرك شاهدت 7 جنود يرتدون الزي العسكري ووضعوا على وجوههم أقنعة سوداء يقتحمون غرفتنا ودون سؤال أو جواب أطلقوا النار على علاء الذي لم يتحرك عن كرسيه".

وتابع:" الواضح أن الجنود كانوا مستعدين لارتكاب جريمتهم فالانفجار استهدف بوابة المنزل الرئيسية والتي فور تفجيرها دخلوا مباشرة لغرفتنا وأطلقوا النار بلمح البصر على علاء الذي سقط فوق أخي محمد الذي قال ان الجنود أطلقوا النار على علاء ثم هاجموه وانهالوا عليه ضرباً بينما لا زال بفراشه".

ويواصل حديثه:" ثم سألوا من هذا – قصدهم علاء – وماذا يعمل هنا ؟ فقلت لهم انه أخي علاء وهذا منزلنا فأرغموني على الوقوف وطلبوا صورة لعلاء فأرشدتهم لصورة له كانت معلقة بصدر الغرفة ولدى مشاهدتها عصبوا عيني وكلبشوني وأجلسوني أرضاً بينما بقي علاء ممداً على الأرض دون نفس".

أما جلاء فقال:" بين الانفجار ودخول الجنود للغرفة وإطلاق النار على علاء ثواني محدودة ورغم انه كان يجلس بشكل طبيعي ولا يوجد معه أي سلاح شاهدتهم يطلقون الرصاص عليه من سلاح كاتم للصوت وبعدما كلبشوا أخي محمد أخرجوني من الغرفة".

حلم وخيال

وقال والد الشهيد عصام أبو الرب :" ما حدث شيء مشابه للحلم والخيال فقد استيقظت مذعوراً من نومي بعدما سمعت صوت الانفجار الذي هزّ المنزل فاعتقدت أن الجنود يحاصرون المنزل ويفجرون القنابل لكي نخرج فنهضت مسرعاً لايقاض أبنائي وما كدت أسير 3 خطوات حتى وجدت باب المنزل مدمر والجنود في كل ركن وزاوية داخل المنزل فبدأت اصرخ: ماذا تريدون وتوجهت لغرفة أبنائي للاطمئنان عليهم وحتى تلك اللحظة لم أكن اعرف ان علاء متواجد في المنزل فشاهدت من زاوية الباب دم على الجدران واحتجزني الجنود ومنعوني من دخول الغرفة بينما كنت اعتقد أنهم قتلوا ابني محمد ".

 أضاف:"  في تلك اللحظات تمكنت زوجتي من مشاهدة علاء على الأرض ينزف دماً وبدأت تصرخ في وجه الجنود خاصة بعدما شاهدت محمد مكلبش وقالت:" الله اكبر عليكم قتلتم علاء فماذا تريدون من محمد اتركوه"، ولكن الجنود احتجزوها وهم يوجهون لها الشتائم والكلمات النابية وقال لها أحدهم:" قتلنا واحد وبنقدر نقتل عشرة"، واقتادونا للغرفة المجاورة ثم طلب منا أحدهم مغادرة المنزل فوراً فقالت لهم زوجتي:" ماذا تريدون منا اتركونا انتم قتلتم ابني"، فقال لنا الضابط:" أخرجوا فوراً لأننا سنهدم البيت على علاء".

تفجير المنزل

حوصرت عائلة أبو الرب بين الجنود وأسلحتهم وصرخاتهم التي لم تتوقف لإخلاء المنزل، وقال والد الشهيد طلبت من الجنود السماح لنا بارتداء الأحذية لأن أرض المنزل مليئة بالزجاج والدمار الذي أحدثه الانفجار، ولكنهم رفضوا فحملت وزوجتي أطفالنا وخرجنا حيث اقتادونا وسط حراسة لمنزل قيد البناء وفي الطريق وداخله شاهدت العشرات من الجنود انتشروا في كل ركن وزاوية كأنهم حضروا لساحة حرب ورغم صرخات أطفالي وبكائهم منعونا من الحركة ثم شاهدت العشرات منهم يمددون الأسلاك في منزلي وبعد ربع ساعة سمعنا صوت انفجار شديد داخل المنزل حيث لا زالت جثة علاء محتجزة ورفضوا السماح لنا بإخراجها ثم غادر الجنود المنطقة.

ولم يتمكن أبو الرب وعائلته من دخول المنزل بسبب اندلاع النيران فيه، وأضاف:" كانت صدمة كبيرة لنا ان نعجز عن الوصول لجثة ابني بسبب النار المشتعلة والدخان الكثيف فبدأت اصرخ طالباً النجدة فهب الأهالي وبدأنا في إخماد النيران ولكن مرت حوالي عشرين دقيقة حتى تمكنا من دخول المنزل حيث وجدنا علاء ممدداً على الأرض جثة هامدة ونقلناه للمستشفى حيث أعلن الأطباء انه استشهد جراء إصابته بثلاثة أعيرة نارية في الرأس والصدر والظهر، مشيراً إلى أن الاحتلال تعمد إعدام ابني بدم بارد رغم انه كان بإمكانه اعتقاله.

استهداف علاء

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت علاء مرتين خلال انتفاضة الأقصى كما يقول والده:" الأولى بعد مداهمة منزلنا في عام 2007 وحوكم بالسجن لمدة 8 شهور بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والثانية بعد عدة شهور من الإفراج عنه وحوكم بالسجن 16 شهراً بتهمة العضوية في الجهاد الإسلامي".

وأضاف:" قبل حوالي شهر بدأت قوات الاحتلال بملاحقة علاء فقد داهمت منزلنا واحتجزتنا عدة ساعات وحققت معنا حول علاء وطالبونا بتسليمه وهددونا بتصفيته وفي أول فرصه نفذوا التهديد لذلك أحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن إعدام ابني وأطالب بتشكيل لجنة تحقيق في الجريمة التي حرمتنا باكورة أبنائي ودمرت حياة أسرتي وخاصة أطفالي، فابني جلاء لم يعد يعرف النوم وهو يعيش تلك اللحظات السوداء المؤلمة والتي لن ننساها للأبد".

وتكشف تفاصيل عملية اغتيال أبو الرب أن قوات الاحتلال كانت ترصد خطواته وتلاحقه فقد لازمت طائرات الاستطلاع والرصد سماء بلدة قباطية على مدار ثلاثة ليالي لتوفير الدعم والمساندة لقوات الاحتلال لتنفيذ مهمتها التي تحققت في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الخميس بعد نصف ساعة فقط من وصوله لمنزله حتى دون ان يتنبه غالبية أفراد أسرته كما روى شقيقه محمد.