خبر أولمرت يبلغ مبارك هاتفياً بتغيير الأولويات لضمان تهدئة أطول

الساعة 10:40 ص|17 فبراير 2009

صفقة الأسرى تقترب... بعد قبول إسرائيل بشروط حماس

 

كتب محلل الشؤون الإسرائيلية ـ السفير 17/2/2009

دخلت المناورة الإسرائيلية بشأن أولوية الافراج عن الجندي جلعاد شاليت على التهدئة مرحلتها النهائية يوم أمس بقيام رئيس الحكومة إيهود أولمرت بالاتصال بالرئيس المصري حسني مبارك وإبلاغه بهذا التغيير الذي يتناقض مع المساعي التي بذلتها مصر في الأسابيع الأخيرة من أجل تحقيق التهدئة أولا ومن ثم التقدم نحو حل قضية الأسرى، ما يمكن ان يزيد الوضع تعقيدا ويرجح احتمالات التوتر الميداني برغم تقديرات معاكسة تفيد بأن الإفراج عن شاليت سيقود إلى تهدئة أطول عمرا.

ويبدو أن معالم«تفاهمات» التهدئة و«صفقة شاليت» هي أكثر وضوحا من أي وقت مضى. فقد توافقت مصر مع كل من إسرائيل وحماس حول شروط التهدئة وطبيعتها ومدتها وكان القيد شبه الوحيد عليها ما تعلق بشاليت. كما أن الخطوط العامة لصفقة شاليت والإطار العام لتنفيذها وعدد المعتقلين المراد الإفراج عنهم ومراحل الإفراج واضحة هي الأخرى.

ويمكن القول ان التجاذبات والمساومات بهذا الشأن استنفدت من الجانبين وكادت مرارا تقف عند طريق مسدود. ولذلك فإن هناك في إسرائيل من يجزم بأن ربط التهدئة بشاليت جاء من أجل تحقيق ضجة لمرة واحدة واستغلال هامش الزمن القصير الممنوح في هذه الفترة الانتقالية.

فحكومة أولمرت هي حكومة انتقالية وهي ليست عرضة للانكشاف أمام انتخابات جديدة قريبا. وزعيم الليكود، الأوفر حظا لتشكيل الحكومة، يوافق من طرف خفي على إتمام عملية التهدئة وشاليت قبل وصوله للحكم مما يعفيه من أي عواقب. والمهلة الزمنية المتاحة لا تتجــاوز 3 إلى 7 أسابيع هي المدة المعــقولة لتشكيل الحكومة الجديدة وإنجــاز الإجراءات القانــونية في إســرائيل في كل ما يتعلق بصــفقة الأسرى. كما أن أولمرت يريد أن ينهي ولايته بطعم «حلو» بعد كل المرارات التي أذاقها للإسرائيليين في حربين والعديد من الملفات الجنائية.

وهكذا، خرجت إسرائيل عن الخلافات التي كانت قائمة في صفوف «الترويكا» القائدة فيها وأعلنت أن توافقا تم بين أولمرت وليفني وباراك بهذا الشأن. ومن المتوقع أن تعرض غدا على المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية خطة متكاملة للتبادل والتهدئة. ويبدو أن هذه الخطة تتبلور بالتنسيق أيضا مع كل من رئيس أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي ورئيس الشاباك يوفال ديسكين.

وكان معروفا أن خلافات شديدة دارت بين ليفني وباراك حول هذه القضية حيث كانت ليفني ترفض التهدئة «باتفاق» وتصر على إنهاء قضية شاليت. وكان باراك يشدد على التهدئة باتفاق وأن ذلك يسهل الإفراج عن شاليت. كما أن رئيس أركان الجيش لاعتبارات معنوية كان يطالب بدفع أي ثمن مقابل الإفراج عن شاليت. لكن رئيس الشاباك كان يعترض بشدة على ذلك مستذكرا الجهود الهائلة التي بذلتها المخابرات من أجل إلقاء القبض على المراد الإفراج عنهم. وكذلك كان ديسكين يشدد على الخطر المستقبلي الكامن في الإفراج عن المطلوبين.

لكن إسرائيل، على ما يبدو، حسمت أمرها وقررت القبول بشروط حماس. ويبدو أن الإنجاز الذي تحاول إظهاره اليوم هو الإصرار على الإفراج عمن وردت اسماؤهم في قائــمة حماس إلى قطاع غزة أو إلى دول عربية لكن ليس إلى الضفة الغربية. ويعتقد أن التوافق بين هؤلاء المسؤولين الخمسة كفيل بتمرير قرار في المجلس الوزاري يوم غد يجمع بين الإفراج عن أسرى فلسطينيين وفتح معابر، لكن ضمن منظومة أولويات جديدة.

وبحسب التلفزيون الإسرائيلي فإن أولمرت أبلغ الرئيس مبارك بأن «شاليت أولا وبعد ذلك كل شيء». وأضاف المراسل السياسي للقناة الثانية أن أولمرت أبلغ مبارك بأنه يطالب بثلاثة أمور: الإفراج عن شاليت, معــالجة أمر تهريب الأسلحة, التــهدئة وفــتح المعـابر.

ويرى معلقون إسرائيليون أن أولمرت يحــاول بذلك لي ذراع حماس التواقة للتــهدئة وفتح المعابر من أجل إعادة الإعــمار وإجبارها على الموافقة على صفــقة التبادل بشروط قريبة من شروطها. ويقول هؤلاء إن أولمرت يلوح لحماس بأن هذه هي فرصتها للإفراج عن أسراها وعرض إنجاز لشعبها. فمن دون شاليت لا مجال للحديث عن تهدئة ولا عن فتح معابر. وتذهب إسرائيل أبعد من ذلك بقولها إنها أيضا تفصل بين التهدئة وشاليت وتصر أولا على شاليت وبعده التهدئة وتقدم الجزرة وهي الاستعداد لدفع ثمن «باهظ».

والواضح أنه في كل ما يتعلق بشاليت فإن حماس لم تغير موقفها البتة وإسرائيل هي التي كانت تغير موقفها. أما في إسرائيل فإن «الأربعاء الحاسم» يحل غدا حيث ستطرح الأســئلة النهائية: كم أسيرا من قائمة حماس سيفرج عنهم، وماذا عن «العقد» الكبيرة الممثلة في أسرى ثلاثة سجلت بحقهم عمليات قتل فيها أكثر من مئة إسرائيلي وماذا عن المعابر؟. ليس صدفة أن الكثير من عوائل القتلى الإسرائيليين هؤلاء باتوا يعلنون في الصحف تأييدهم الإفراج عن «قتلة أبنائهم» مقابل الإفراج عن شاليت.

يقال في إسرائيل إن الأسئلة صعبة، لكن الأهم من ذلك أن الإفراج عن شاليت لم يكن أبدا أقرب مما هو عليه اليوم، فالمفاوضات اليوم على أشدها وهي تدور تحديدا حول 450 أسيرا بقي خلاف جدي بشأن حوالى 20 أسيرا منهم فقط. تجدر الإشارة إلى أن صحيفة «معاريف» قالت إن آخر قائمة وصلت إسرائيل من حماس كانت قبل حوالى أسبوعين.  وكانت حماس أعلنت، بعد لقاء وفدها إلى محادثات القاهرة برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي في الحركة موسى أبو مرزوق مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عمر سليمان، أنّ القاهرة ستتلقى الرد الإسرائيلي النهائي على التهدئة خلال يومين. وجددت الحركة رفضها الربط بين ملفي التهدئة وشاليت، باعتبار أنّ «لكل منهما استحقاقاته».  وفي البحرين، رفض الرئيس المصري حسني مبارك الربط بين الملفــين، حــيث اعــتبر أنّ موضوع شاليت هو «موضوع منفصل، ولا يمكن ربطه بأي وجه بالمفاوضات المتواصلة للتوصل إلى التهدئة».