خبر العنصرية الجديدة.. معاريف

الساعة 09:14 ص|17 فبراير 2009

بقلم: درور غلوبرمان

في البيت الذي تربيت فيه لم يكن هناك شيء خاص. مجرد بيت من الشقق في حيفا العمالية. ولكن بين العائلات البرجوازية كانت هناك واحدة مختلفة. فضلا عن الصراخ الذي كان يصدر عن نوافذ البيت نحو الشارع والكلب العنيف المرابط في مدخل الباب رغم احتجاج الجيران، اتذكر على نحو خاص تلك المرة التي صرخت فيها الجارة على امي وعلي من النافذة "ايها الاشكناز المزيفون"؟

كنت صغير السن اكثر من ان افهم لماذا وحتى في المرحلة التعليمية الوسطى لم افهم ما الذي يربط بين التلاميذ الذين يحبذون مضايقتي ومضايقة اصدقائي بشكل دائم، بعنف لفظي وجسدي، دون سبب ظاهر للعيان.

اقصد عياني انا. ربما ممكن اتهامي بتبلد الاحاسيس: لم ار فارقا كبيرا بين ترجمان وغلوبرمان. ولكن لماذا الباز وابوطبل يلقون علينا الكرات والبصاق؟

الامر بدأ يتضح بمعونة رفيق في العمل. شاب عنيد وحساس. كانت لديه ملاحظات على الجميع. ولكن في اللحظة التي لا تتفق فيها معه، كنت على الفور تصبح عنصريا متعاليا. وعندما كان بضعة رفاق يحاولون معا اقناعه بانه مخطىء، كان يخلص نفسه من خلال اطلاق الشعار المطلق: "انتم اشكناز جدا؟"

بدأت افكر بتعابير عنصرية معاكسة فقط حين التقيت الجار الجديد. فلم يأت حاملا كعكة للترحيب بانتقادي، بل رشقني وزوجتي بشتائم من النوع الوضيع لان صافرة انذار السيارة ازعجته في الليل. "انتم الاشكناز لا يهمكم الا اموالكم الـ ..." مثلا. بل انه بعد ذلك حاول المس بي جسديا.

وهدأ بمعونة الشرطة، وبعد حديث لتقريب القلوب لساعة اعترف الرجل الذي يقترب عمره من الخمسين: كمن تربى في عائلة شرقية في يافا، فانه مفعم باحساس الدونية الهائل في كل ما يتعلق باصله وثقافته وهو يخجل من العربية التي تربى عليها والموسيقى التي يسمعها. يخجل مني.

حتى عندما تبين ان الموسيقى العربية هي هواية مشتركة بيننا، بقي خجلا بمجرد كينونته.

اذا جلدتي بيضاء واسم عائلتي ابيض بقدر لا يقل. ولكن في كل ما يتعلق بالحوادث التي تنم عن رائحة عنصرية، اعرف موقف الضحية افضل بكثير من موقف المنفذ.

ولكن هذا ليس مجرد احساسا شخصيا التنكيل للاشكناز اصبح مقبولا على المستوى الوطني.

"هؤلاء الاشكناز، بعد قليل سنقتلهم، ولكن بهدوء"، اوضح مدرب كرة القدم والمفكر غاي لوزون لمراسل يديعوت احرونوت". ولكن من هو لوزون الى جانب بوبييل الرجل الذي اعطى شرعية لكل انواع النازية في العالم ضد الفردمانيين جميعا. فليأتي الاشكنازي الذي كان سيتجرأ على ان يتحدث هكذا نحو اي شرقي.

هذا ليس مجرد شغب من هم تملأهم احاسيس الدونية فهي تستند على نحو مشوه، الى ظلم واقعي كان منتهجا في العقود الاولى لاقامة الدولة، وليس الثورة المبررة لمحافل الاكاديمية والسياسية الشرقية منذ السبعينيات، الثمانينيات، والتسعينيات. ولكن في السنوات الاخيرة بدأ تحول واضح. ابناء الطوائف الشرقية يصلون الى كل المواقع الاساس في الحياة العامة الاسرائيلية: رئيس الدولة، وزير الدفاع، رئيس الاركان، رئيس حزب العمل، مقدمو البرامج الاخبارية الرائدة. الحاجز الوحيد امام المساواة الاجتماعية يبقى الشعور بالمهانة نفسه.