خبر اي سلام، نريد فعلا عاصفا.. معاريف

الساعة 09:12 ص|17 فبراير 2009

بقلم: عوفر شيلح

النبأ الاهم للاسبوع الماضي مر دون ان يثير الاهتمام. فقد بلغ تسفي برئيل في "هارتس"، على لسان مصادر تركية رفيعة المستوى بانه في كانون الاول الماضي اوشك ايهود اولمرت وبشار الاسد على الاعلان عن بدء مفاوضات مباشرة على تسوية بين اسرائيل وسوريا. فبعد بضع ساعات من التخاطب الهاتفي، بوساطة رئيس الوزراء التركي اردوغان، كان الطرفان قريبين جدا من اجمال بيان مشترك تعلن فيه اسرائيل عن موافقتها على انسحاب كامل من الجولان مقابل السلام الكامل وترتيبات امنية. غير ان اولمرت قطع اللقاء، وفور عودته الى اسرائيل بدأت حملة "رصاص مصهور". الموضوع برمته جُمد – وهذا ايضا كان الاساس لغضب اردوغان التظاهري على اسرائيل في تالي السياق.

قصة مذهلة، ومذهل اكثر في ذلك ان احدا في القدس لم يكلف نفسه عناء التطرق اليه، لينفي او يؤكد. فاذا كان صحيحا، فان اولمرت قدم موعد الحملة في غزة، التي رويدا رويدا يتسلل الى الوعي الاسرائيلي الفهم كم قليلة انجازاتها، على اعلان تاريخي عن مفاوضات مباشرة وتفاهمات بعيدة الاثر مع الدولة الاهم المحاذية لاسرائيل، والتي لا يزال ليس لنا معها تسوية سياسية. اولمرت، الذي ينشغل في هذه الايام بإسداء النصائح لتسيبي لفني. لم يكلف نفسه حتى عناء القول لنا اذا كان هذا صحيحا.

برئيل هو صحافي مصداق، ولكن يحتمل الا تكون مصادره دقيقة. الواضح هو اين يقف في هذه اللحظة الرأي العام عندنا: فهو منشغل بقدر اكبر بالمخاوف من قوتنا المتناقضة، مما بفحص متفكر لشؤون الامن والسياسة على جدول الاعمال. ذات مرة كتبت كتب عن هدر مثل هذه الفرص. اما اليوم فاحد لا يفكر ان هناك حاجة حتى للتاكيد بان هذا صحيح.

تسوية مع سورية؟ العلاقات مع تركيا الحليف الاستراتيجي؟ ما هذا امام الحاجة الملحة لان نري ان جيشنا الاسرائيلي لا يزال يعرف كيف يضرب العرب. فهذا، اي الحاجة الى تبديد الفزع بشأن قدرة العيش، هو الذي اكثر من اي شيء اخر حرك الخطوة البرية في "رصاص مصهور" بعد اسبوع من القصف الذي حقق كل ما كان يمكن تحقيقه. واليوم واضح ان بالذات استمرار القتال، بما في ذلك الدخول دون احتلال والخروج دون ترتيب، هما اللذان جعلا الانجازات الحقيقية لاسرائيل هزيلة. نهاية الخطوة توشك على ان تكون اتفاقا، حتى لو لم يكن مكتوبا فانه سيعطي شرعية حقيقية لحكم حماس في غزة، ويقرب جدا سيطرتها السياسية على يهودا والسامرة.

ولكن ماذا لاولمرت وهذا؟ فهو لا يكلف نفسه عناء القول لنا اذا كانت بالفعل اهدرت محادثات مباشرة مع سوريا، فقط كي نضرب اكثر حماس وسكان غزة. وكمن يعرف روح قطيعه، فان ما يشغل باله في هذه اللحظة هو الحاجة الى عرض العودة المحتملة لجلعاد شليت كانجاز اخر لاستخدام القوة الاسرائيلية: عمليا، اذا ما عاد شليت، فان هذا سيكون لان اسرائيل ستوافق على شروط الصفقة التي اقترحتها حماس قبل اكثر من سنة، واولمرت نفسه رفضها مرارا بدعوى انها شروط قاسية للغاية. ولكن عندما يعلن رئيس الوزراء بان "المعابر في غزة لن تفتح الى ان يعود شليت"، فانه يحاول ان يبيع لنا الوهم وكأن خطوة القوة من جانبنا هي التي ستعيد الجندي المخطوف.

وهكذا فانه يطبق ما تعلمه من اريئيل شارون، الذي اصر هو الاخر على الا يكون الانسحاب من غزة بالاتفاق بل كخطوة من جانب واحد وذات نزعة قوة، الامر الذي حسم مصير فك الارتباط من حيث الحاق الضرر الفظيع لاسرائيل؛ مثل شارون، اولمرت ايضا يعرف اننا لا يعنينا مضمون الخطوة وفائدتها الحقيقية، بل فقط الوهم في اننا فعلناها بانفسنا، من جانب واحد وبالقوة.