مفاوضات الجلاء الامريكي تحت النيران العراق محطة اولى ...!

الساعة 12:11 ص|13 مارس 2020

فلسطين اليوم

كتب: محمد صادق الحسيني
لم يكن ما جرى في العراق ، خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية ، من قصف صاروخي على اهداف للمقاومة العراقيه في محيط البوكمال السوريه ، وآخر صاروخي سبقه قبل ذلك ضد قاعدة التاجي العسكريه العراقيه شمال بغداد ، التي تحتل القوات الاميركيه جزءاً منها ، لم يكن هذا القصف المتبادل يهدف الى إرسال رسائل متبادلة .

والسبب في ذلك ، كما افادت مصادر استخباراتية غربيه ، ان طبيعة العلاقه بين المقاومة العراقيه والاحتلال الاميركي قد تجاوزت مرحلة تبادل الرسائل الى مرحلة المفاوضات ، وان بشكل غير مباشر ، على الانسحاب العسكري الاميركي السريع والكامل ، من العراق ، بما في ذلك من المحافظات الشماليه ، التي تسكن بعضها أغلبية من القومية الكردية .
اذن فالادارة الاميركيه ، وبعد تلكؤها في سحب قواتها من العراق بعد اغتيال الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس ، قد بدأت مفاوضات سرية مع المقاومة العراقيه ، من خلال القياده العامه للقوات المسلحه العراقيه والقائد الأعلى لهذه القوات ، وذلك بهدف الاتفاق على جدول زمني يضمن انسحاباً سريعاً وكاملاً شاملاً لقوات الاحتلال الاميركي من كامل الاراضي العراقيه .

وعلى الرغم من ان هذه المفاوضات السريه ، التي تأتي ايضا في اطار تطبيق قرار البرلمان العراقي المطالَب بانسحاب قوات الاحتلال ، قد وصلت مرحلة متقدمة وان قيادة الجيش الاميركي قد بدأت فعلاً بسحب بعض الوحدات والمعدات العسكريه الاميركيه ، من العراق الى الخارج ، وعلى عكس ما توحي به بعض التصريحات الاميركيه حول احتمال نقل منظومات دفاع جوي اميركي ، من طراز باتريوت ، الى العراق ، لحماية القوات الاميركيه هناك ، نقول انه وعلى الرغم من كل ذلك فان بعض دوائر صنع القرار في واشنطن تحاول عرقلة انجاز المفاوضات وبالتالي عرقلة حصول اتفاق عراقي اميركي نهائي ، حول جدول زمني لسحب القوات الاميركيه .

وهو الامر الذي يجعل لزاماً على قوى المقاومة العراقيه ، بين الفينة والأخرى ، ان تقوم بتذكير القياده العسكريه الاميركيه بضرورة الالتزام الدقيق بهدف المفاوضات السريه وعدم الخضوع لابتزاز بعض جهات صنع القرار في واشنطن. وذلك تجنباً لمواجهة انسحاب تحت النيران ، تتكبد فيه القوات الاميركيه خسائر مادية وبشرية كبرى ، كتلك التي تكبدتها خلال الانسحاب سنة ٢٠١٠/٢٠١١ .

يضاف الى ذلك ، وكما يؤكد المصدر ، ان رد محور المقاومه على اغتيال ابرز شخصيتين قياديتين عسكريتين فيه ، الجنرال سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس ، يجب ان يستكمل بانسحاب القوات الاميركيه ليس من العراق فقط وانما من كل الدول العربيه التي تحتلها هذه القوات ، بما في ذلك فلسطين المحتله التي يوجد فيها قواعد صواريخ ومنظومات رادار في اطار الدرع الصاروخي الاميركي المضاد للصواريخ والموجهه ضد الصين وروسيا وايران .

وهو ما يعني ان الانسحاب حتمي وان موازين القوى ، في كامل مسرح العمليات ، من حدود الصين شرقاً الى سواحل المتوسط غرباً ، ليست في صالح المحور الاميركي على الإطلاق . خاصة بعد الهزيمة العسكرية المنكرة التي مني بها مخلب حلف شمال الأطلسي ، اردوغان ، في الميدان السوري قبل ايّام . تلك الهزيمة التي أجبرته ، ومعه سيده في البيت الابيض وأدواته في بروكسل ( الناتو ) ، ان يخضعوا لميزان القوى الميداني في سورية ، بين حلف المقاومه وداعميه من جهة وبين المعسكر الاميركي واذنابه من جهة اخرى . هذا الميزان الذي اكثر او ابلغ ما تعبر عنه هي هزيمة الجيش الاردوغاني ( وليس الجيش التركي ) في سراقب واثبات القوات المشتركه لحلف المقاومة ، وعلى رأسها لواء الرضوان في حزب الله ، ان من هزم الجيش الاسرائيلي في بنت جبيل ووادي الحجير سنة ٢٠٠٦ قادر على هزيمة جيش اردوغان في سراقب ٢٠٢٠ وجاهز للتقدم داخل الجليل الفلسطيني المحتل ساعة صدور الاوامر بذلك من غرفة عمليات القوات المشتركه لحلف المقاومه .

كما اكد المصدر على ان انسداد الأفق الاستراتيجي ، امام الخطط والمشاريع والحروب الاميركيه في المنطقه ، بدءاً بالحرب على افغانستان مروراً بغزو العراق واحتلاله ثم العدوان على سورية منذ ٢٠١١ وصولاً الى انشاء تنظيم داعش ، من قبل الادارة الاميركيه وجيشها ، واستخدامه كحجة للعودة الى العراق ، كل ذلك جعل هذه الادارة تتوسل اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة طالبان الافغانيه ، يسمح للجيش الاميركي ومرتزقة الناتو الآخرين بالانسحاب الآمن من افغانستان ، وهو الامر الذي تم قبل أسابيع وسمح للجيش الاميركي بالبدء بسحب وحداته ومعداته ( ١٢٠ الف حاويه من الحجم الكبير / كونتينر ) من تلك البلاد . وللمرء ان يتخيل كيف سيكون انسحاب ١٤الف جندي اميركي مع هذا الكم الهائل من المعدات بدون اتفاق مع حركة طالبان .

وهو ما ينطبق على الجيش الاميركي ، الذي يحتل اجزاءً من العراق ، فكيف سيكون انسحابه تحت نيران المقاومه العراقيه الاكثر عدداً والأفضل تسليحاً من مقاتلي طالبان ، في حال اضطراره للانسحاب دون اتفاق ، اي تحت نيران المقاومه ؟

كما ان هذا الانسحاب ، الذي سيتم الاتفاق عليه وجدولته والبدء بتنفيذه قبل نهاية العام الحالي ، سيكون اتفاقاً مفصلاً على قياس مصالح ترامب الانتخابيه . فهو كان قد وعد الناخب الاميركي ، خلال حملته الانتخابية الاولى بعدم الدخول في حروب خارجيه واعادة الجنود الاميركيين الى الوطن . وها هو بالاتفاق مع طالبان وقرب انسحاب قواته من العراق يحقق ما وعد به ، بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معه ومع سياساته المرتكزة الى مصلحته الشخصيه البحته . تلك المصلحة التي تُحَتِّمُ عليه ان لا يسمح بتواصل عودة جنوده افقياً الى الوطن .

او تحول العراق الى فيتنام ثانية...

بعدنا طيبين قولوا الله