خبر القدس عام 2008...انتهاكات و حفريات و خطط تهويدية تستصرخ العالم

الساعة 12:35 م|16 فبراير 2009

القدس المحتلة: فلسطين اليوم

أصدرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث الإسلامي، مذكرة حول الانتهاكات التي تعرضت لها مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك خلال عام 2008.

و ضمنت المؤسسة في مذكرتها الإحصائية و التي وصفتها ب"الصرخة التحذيرية" لاستنهاض الحاضر الإسلامي و العربي والفلسطيني لإنقاذ القدس و الأقصى، ووصلت ل"فلسطين اليوم" نسخه عنها، كافة الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى خلال 2008، متسائلة بناء عليه عن مستقبل المدينة والمسجد الأقصى في العام المقبل.

فقد تعرضت مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية بشكل عام، والمسجد الأقصى بشكل خاص، خلال العام المنصرم 2008م الى هجمة شرسة من قبل المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة، و طالت يد الاحتلال الإسرائيلي الإنسان والآثار، التاريخ والحضارة، الحاضر والماضي، في محاولة منها لفرض وقائع على الأرض تسابق الزمن في تنفد مشاريع السيطرة والتهويد، و تضع المخططات الشاملة وتتدرج بإخراجها الى حيّز التنفيذ، الأمر الذي يشير أن مدينة القدس الشريف و المسجد الأقصى مقبلة على مستقبل من الاستهداف الخبيث و الخطير.

متدينون يهود يقتحمون المسجد

فقد تصاعدت بشكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 2008م ظاهرة اقتحام مجموعات يهودية للمسجد الأقصى، رجالاً ونساءً وأطفالاً، مع تنظيم وإقامة شعائر دينية يهودية بارزة داخل المسجد الأقصى، تتضمن قراءة أجزاء من "التاناخ".

و يلحظ إقامة شعائر أخرى بحسب مسار محدد في أجزاء من المسجد الأقصى المبارك، ومن ضمن من أخذوا حظا في إقامة مثل هذه الشعائر أحد المتطرفين اليهود المدعو " يهودا عتصيون" و هو أحد المتهمين بالتخطيط للقيام بعمليات تفجير وهدم للمسجد الأقصى المبارك ، طبعا كل ذلك بمباركة وحراسة مشددة من قبل الشرطة الإسرائيلية.

و اللافت أن الاقتحامات تتم بصورة مئات الأفراد ، وهذه المئات تأتي على شكل مجموعات متتالية،كما أصبح يشارك بشكل بارز عدد كبير من الساسة الإسرائيليين، مما يدلل على دعم ومشاركة المؤسسة الإسرائيلية الرسمية لمثل هذه الاقتحامات.

و في سنة 2008م أعلن عشرات ممن يتسمّون بالمرجعيات الدينية و التلمودية اليهودية عن تأييدهم و تشجيعهم لأفراد المجتمع الإسرائيلي اقتحام المسجد الأقصى، وإقامة الشعائر الدينية فيه، و قد قاموا هم باقتحام الأقصى حتى يقتدي الغير بهم، في حين كان القلائل من مثل هذه المرجعيات تجيز هذا من قبل.

و يرجع الأمر في التغير هذا هو استعجال الخطوات الدافعة نحو بناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك، هذا وقد تكثف الاهتمام أكثر من ذي قبل بربط أبناء الشبيبة و الأطفال من المجتمع الإسرائيلي بفكرة بناء الهيكل المزعوم من خلال تكثيف اقتحامات المسجد الأقصى، و تنظيم زيارات جماعية تتضمنها الإرشادات التلمودية، ومن أجل ذلك وبتمويل من رجال أعمال وأغنياء في أنحاء العالم.

فقد وضعت برامج تشجيعية لاقتحام المسجد الأقصى و الارتباط بفكرة الهيكل، تحت عنوان " نرتبط بالقلب " حيث تنظم حافلات مجانية لنقل الأطفال والجيل الشبابي إلى رحلات وجولات في القدس وخاصة داخل المسجد الأقصى، و تقدم لكل من يقوم باقتحام المسجد 18 مرة جائزة تقديرية و"وسام شرف".

جولات مشبوهة في ساحات الاقصى

وبحسب المذكرة فان ابرز الانتهاكات والمخططات التهويدية التي تعرض لها المسجد الأقصى هو تنظم مجموعات من المخابرات الإسرائيلية جولات ميدانية في أنحاء المسجد الأقصى المبارك، ابتداء من المسجد القبلي، المصلى المرواني، مسجد قبة الصخرة، ساحات المسجد الأقصى.

 في نفس الوقت تحاول المؤسسة الإسرائيلية تكريس مظاهر سيطرتها على المسجد الأقصى المبارك  فتقوم مجموعات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتتواجد بكثافة في أنحاء المسجد الأقصى، كما تتعمد تنظيم جولات ميدانية لمجوعات شرطية كبيرة في أنحاء المسجد الأقصى المبارك.

سياح شبة عراة

كما تعمدت المؤسسة الإسرائيلية إدخال عشرات آلاف السياح الأجانب إلى المسجد الأقصى المبارك ، دون موافقة من جانب دائرة الأوقاف في القدس، و عادة ما يدخل هؤلاء السياح الأجانب بلباس فاضح  شبه عاري، لا يليق بحرمة المسجد الأقصى، و تمنع الشرطة الإسرائيلية أي شخص بل حتى حراس المسجد الأقصى من اعتراض السياح على لباسهم أو تصرفاتهم.

اعتداءات على حرّاس الأقصى

كما تمنع الشرطة الإسرائيلية في حالات كثيرة إدخال وجبات الإفطار للصائمين داخل المسجد الأقصى المبارك، و قد تصادر هذه الوجبات، مما يحرم عشرات الصائمين من تناول إفطارهم في المسجد الأقصى المبارك، و تمنع الشرطة الإسرائيلية منذ أشهر رئيس حرس المسجد الأقصى المبارك السيد محمد إسماعيل الترك من دخول المسجد الأقصى المبارك، و ذلك لأنه تدخل لمنع عشرات المستعمرين من اقتحام المسجد الأقصى المبارك ، و إقامة الشعائر الدينية اليهودية، في نفس الوقت هناك أكثر من حارس و مسؤول حراسة يمنع من دخول المسجد الأقصى لأشهر طويلة.

كما و قامت الشرطة الإسرائيلية قامت الشرطة الإسرائيلية بمنع عشرات المتطوعين من المساهمة في أعمال تبليط في المسجد الأقصى ومساهمة المتطوعين هذه جاءت لتعزيز موقف دائرة الأوقاف المصرّ على القيام بصلاحياتها، ولم تكتف الشرطة بهذا بل قامت بالاعتداء على بعض المتطوعين و اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمات.

كنس يهودية بجوار الأقصى

و افتتحت جماعات يهودية وشخصيات رسمية كنيسا يهوديا أقيم على وقف استلامي يدعى" حمام العين" و هذا الكنيس اليهودي لا يبعد سوى خمسين مترا عن المسجد الأقصى المبارك، في قلب حي إسلامي، و يقوم بزيارة هذا الكنيس يوميا المئات من المستعمرين و السياح، كما و تواصل المؤسسات الإسرائيلية حفرياتها أسفل وقف حمام العين، حيث الكنيس اليهودي، و لقد رصد إدخال كميات كبيرة من ألواح الخشب مما يشير إلى الأعمال الكبيرة التي تنفذ في المنطقة الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك.

فيما تعكف المؤسسة الإسرائيلية على إنهاء كنيس يهودي بإسم " هحوربا " أقامته على أرض وقفية وعلى حساب جزء من المسجد العمري فيما كان يعرف بحي الشرف، في قلب البلدة القديمة للقدس، و يهدف بناء هذا الكنيس العالي، و الذي يعتليه قبة كبيرة إلى محاولة استنبات أبنية يهودية في القدس، و بهدف تغطية المعلم الإسلامي البارز إلا هو قبة الصخرة المشرفة.

حفريات تطوّق الأقصى

و ضمن سلسلة الانتهاكات تأتي مواصلة إسرائيل لعمليات الحفريات في أقصى ساحة البراق، وهي المنطقة المليئة بالآثار العربية والإسلامية، والتخطيط لبناء مركز سياحي توراتي في الموقع، كما تواصل حفر نفق جديد ملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك  ، ويصل طول النفق نحو 200 متراً، هدفه ان يربط بين نفق البراق وأسفل الكنيس اليهودي، الواقع في منطقة حمام العين.

و في مدخل حي سلوان، تواصل المؤسسة الإسرائيلية أيضا حفرياتها الواسعة و ذلك في منطقة وادي حلوة، تمهيدا لبناء مركز تجاري كبير، وموقف سيارات أرضي ونفق يصل الى منطقة ساحة البراق،  بهدف ربط ساحة البراق بالبؤر الاستعمارية بسلوان، وتمّ الإعلان عن العثور على نفق طويل في وسط سلوان- وادي حلوة، وتنوي المؤسسة الإسرائيلية ربط هذا النفق بالأنفاق الأخرى ما بين سلوان وساحة البراق وأسفل المسجد الأقصى، بالإضافة إلى عمليات حفرية واسعة مدخل حي سلوان، المنطقة المحاذية للجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك ، و ذلك بدعوى الكشف عن مخلفات للهيكل او آثار سليمان  و تحاول هذه الحفريات إيجاد تاريخ عبري موهوم في القدس بالقرب من المسجد الأقصى المبارك.

إلى ذلك تتواصل عملية حفر شبكة من الأنفاق الطويلة يبدأ بعضها من منطقة عين سلوان، باتجاه الشمال نحو المسجد الأقصى، و قبل أيام تمّ الكشف و توثيق آخر ما تم حفره وهو نفق جديد ومعطيات جديدة تعرض لأول مرة، حيث يتم الآن كشف جزء من نفق جديد يحفر من الجهة الأيسر لمسجد عين سلوان – بمحاذاة الشارع، و قد تم حفر نحو 6-8 أمتار و عثر على عدة درجات و حائط كبير، و من المخطط ان يتم حفر مئات الأمتار في هذا النفق.

ترميم مشبوه لأسوار القدس

و تقوم المؤسسة الإسرائيلية بأعمال ترميم كبيرة لأسوار القدس القديمة، هذا الترميم الإسرائيلي مشبوه كون سلطة الاحتلال هي التي تقوم به ولا يعرف كنهه وأهدافه الحقيقية، بل إن بعض المراقبين قالوا أن الهدف هو محاولة زرع آثار يهودية في السور، كما و حاولت المؤسسة الإسرائيلية وضع يدها على جزء من مقبرة الرحمة ، والتي تلاصق الجدار الشرقي من المسجد الأقصى المبارك، و ذلك بهدف تحويل الجزء الواقع أقصى جنوب الشرق إلى متنزه وحديقة وطنية إسرائيلية، حيث قامت بوضع التراب الأحمر على بعض القبور الإسلامية، و منع أي شخص من الاقتراب إلى الموقع.

الاستيلاء على البيوت المقدسية

و في العام 2008 تصاعدت وتيرة أنشطة الجماعات اليهودية ومحاولاتها لوضع يدها على البيوت المقدسية في البلدة القديمة بالقدس، و ذلك بأساليب القرصنة و الاحتيال، و إن جوبهت هذه المحاولات بالتصدي المقدسي، إلا ان هذه الجماعات اليهودية وضعت يدها على عدد من البيوت المقدسية.

و في هذا السياق فقد شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بتسجيل الأملاك والعقارات التي استولى عليها المستعمرين في البلدة القديمة في القدس، لتثبيت ملكية الأملاك لجهات يهودية استعمارية، و تم الكشف عن تسجيل و تثبيت 120 عقاراً للمستعمرين من خلال وثائق مزورة وبصورة غير قانونية، و سلطات الاحتلال تنوي تسجيل ما مساحته 137 دونماً من الأراضي والعقارات في منطقة باب المغاربة والبؤر الاستعمارية داخل البلدة القديمة والتي تعود الى الوقف الإسلامي.

تطويق سلوان

كما شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ مشروع تهويدي لتطويق حي سلوان المحاذي للجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، ويهدف هذا المشروع الى جعل سلوان مركزا سياحيا تهويديا، ولكي يتسنى لقوات الاحتلال القيام بمخططها فقد أسمته مشروع إقامة البنى التحتية.

كما انتهكت المؤسسة الإسرائيلية بانتهاك حرمة مقبرة إسلامية تاريخية تم العثور عليها خلال عمليات الحفر عند مدخل سلوان- وادي حلوة، حيث تناثرت العظام والجماجم في مساحات واسعة، و قد تم إخفاء معالم هذه المقبرة، وتم كذلك نقل العظام الى منطقة مجهولة و واصلت الجهات الإسرائيلية حفرياتها في المنطقة المذكورة.

هدم بناية المجلس الإسلامي

من جهة أخرى واصلت المؤسسة الإسرائيلية عمليات الهدم الممنهج لبناية المجلس الإسلامي الأعلى في القدس، و هي البناية التي عرفت بأنها من أجمل الأبنية العمرانية الراقية في القدس، حيث سيتم بناء فندق إسرائيلي، على أنقاضها، كما يتم مواصلة انتهاك حرمة مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية، من أجل بناء ما يسمى بـ " متحف التسامح " على جزء مما تبقى من مقبرة مأمن الله.

إحصائية...

أحصت مراكز فلسطينية أنه خلال العام 2008 م تمّ هدم 71 بيتاً ومنشاة في القدس ، في حين أحصت تقارير إسرائيلية هدم 85 بيتاً ومنشأة، وذكرت إحصاءات فلسطينية انه في العام 2008م تم تسليم نحو 219 إخطاراً بالهدم أو الاستيلاء على البيوت والمنشآت في القدس، في حين أحصت هذه المراكز الفلسطينية 36 حالة مصادرة للأراضي في القدس تتراوح مساحة المصادرة بين عشرات إلى مئات الدونمات، كما أحصت المراكز الفلسطينية نحو 44 حالة إغلاق ومداهمة للمؤسسات الفلسطينية في القدس.

هجوم استعماري

شهد العام 2008 م هجوماً استعماريا واسعاً على القدس، وهو ما يدلل على ان المشروع التوسعي الاستعماري التهويدي في القدس ما زال في سلم الأولويات الأول للمؤسسة الإسرائيلية، و مما يشير ان القدس ستشهد حالة تصاعد في الاستعمار في شرقي القدس في السنوات القادمة.

و في عام 2008م تم الإعلان عن مناقصات لبناء 1931 وحدة سكنية – تستوعب 6750 مستعمر في شرقي القدس، و تم إيداع خرائط لبناء 5431 وحدة سكنية– تستوعب 19000 مستعمر، و تم حتى الآن الموافقة وترخيص 2470 وحدة سكنية.

كما تم التخطيط المستقبلي لبناء 33500 وحدة سكنية إضافية في شرقي القدس، تستوعب 117 ألف مستعمر في شرقي القدس، و بحساب بسيط هناك تخطيط لإضافة أكثر من 140 ألف مستعمر في شرقي القدس خلال السنوات القريبة القادمة.