خبر مطلوب شركاء جديون لوحدة وطنية.. اسرائيل اليوم

الساعة 10:35 ص|16 فبراير 2009

بقلم: اورييل لين

في الايام وفي الاسابيع القريبة القادمة ستقف أمام الاختبار جدية ونضج الساحة السياسية في اسرائيل. وسننظر الى الخطوات لاقامة الائتلاف وسيتعين علينا التوصل الى الاستنتاج اذا كنا نكرر الظواهر الكريهة للمفاوضات الائتلافية النابعة من اعتبارات حزبية ضيقة ام ان المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة ستدار انطلاقا من رؤية واسعة وملتزمة حقا بالمصالح الوطنية.

نتائج الانتخابات تخلق واقعا مركبا بقدر ما يتعلق الامر بتشكيل الائتلاف. ليس لدينا حزب واحد يتصدر الاخرين في عدد المقاعد التي تلقاها من الجمهور يفوق عدد المقاعد التي تلقتها الاحزاب الاخرى. لدينا حزبان شبه متساويين في قوتهما، الليكود وكديما يتطلع كل واحد منهما بطبيعة الحال أن يقف في رئاسة الوزراء.

نتائج هذه الانتخابات تثبت ايضا بانه حتى عندما يصوت الجمهور ببطاقة واحدة فقط لقائمة يتماثل معها، لا يمكننا أن نصل الى حسم لا لبس فيه، يعطي قوة السلطة لحزب واحد. لم يعد ممكنا ان نتهم  في نتائج الانتخابات الحالية قانون الانتخاب المباشر الذي سبق ان الغي. المبنى السياسي في اسرائيل هو نتيجة مباشرة لطريقة الانتخابات النسبية، سواء كانت انتخابا مباشرا لرئيس الوزراء ام كانت غير مباشرة.

ولكن في كل الاحوال، فان الحكومة التي نحتاجها اليوم هي حكومة وحدة وطنية وذلك لسببين: اولا، هذه هي النتيجة الحقيقية لتصويت الجمهور؛ ثانيا، هذه هي الحكومة الوحيدة التي سيكون بوسعها التصدي، كما هو واجب وضروري، للتحديات الحقيقية التي تقف امامها الدولة في المجالات الاقتصادية، الامنية والسياسية. في كل واحد من هذه المجالات يمكن لحكومة وحدة وطنية فقط أن تدفعنا نحو الاهداف المنشودة.

لا يهم على الاطلاق ما تكون عليه الخطوات الائتلافية الاولية التي يتخذها بيبي نتنياهو او تسيبي لفني. وسواء كانت هذه الخطوات لاقامة كتلة مانعة ام خطوات لاقامة حكومة بدون كديما او الليكود، فان غاية المفاوضات الائتلافية يجب أن تكون، منذ بدايتها، حكومة وحدة وطنية تقوم على الليكود، كديما، اسرائيل بيتنا، العمل وشاس، وعلى اساس هذه الغاية يجب ادارة الاتصالات الائتلافية منذ بدايتها.

لاسرائيل تجربة غير قليلة في تشكيل حكومات وحدة وطنية. مثلم هذه الحكومات اقيمت بعد انتخابات 1984 و 1988. وقد اقيمت في حينه ليس انطلاقا من رغبة أولية للحزبين الرائدين، الليكود والعمل، بل لانعدام البديل حيال ابتزاز الاحزاب المتوسطة، التي كان بوسعها أن تقرر ايا من الحزبين المتنافسين سيكون الحزب الذي سيشكل الحكومة. وفقط عندما صار الثمن عاليا بشكل مبالغ فيه، لم يكن بوسع حتى الديماغوجيا الحزبية الداخلية أن تبرره، تقرر اقامة حكومة وحدة وطنية. اليوم ليس لدينا الترف لتكرار خطوات مشابهة. نتنياهو يمكنه أن يتحدث مع ليبرمان وبعد ذلك مع لفني او العكس، ولكن غاية حكومة الوحدة الوطنية يجب أن يكون محددا منذ الخطوات الاولية.

حكومات الوحدة الوطنية التي كانت لنا في سنوات 1984    - 1990 وصلت الى انجازات استثنائية سواء في المجال السياسي أم في المجال الاقتصادي. فقد سمحت بالانسحاب من لبنان ووضع الخطة الاقتصادية للعام 1985 التي غيرت وجه الاقتصاد الاسرائيلي. اضافة الى ذلك كان لها  نقاط ضعف بارزة ايضا وجدت تعبيرها بالتآمر الداخلي المتواصل، بشكل عام من جانب حركة العمل، التي حاولت، بل وفي النهاية نجح، في اسقاط حكومة الوحدة (ولكنها لم تتمكن من تشكيل حكومة بدون الليكود). خطر كهذا غير موجود اليومم بالنسبة لحزب كديما.

نحن بحاجة اليوم الى حكومة تكون لها القوة لان تعيد لاسرائيل قوة الردع؛ القضاء على الارهاب الاسلامي؛ حث المسيرة السلمية من موقف قوة وليس على اساس تنازلات مبالغ فيها. تعزيز شبكة علاقاتنا مع العالم الكبير ومواصلة بناء حصانة الاقتصاد الاسرائيلي، ليس فقط من أجل الخروج من الازمة الحالية، بل بهدف التغيير الجذري لمبنى الاقتصاد. الحصانة الاقتصادية لاسرائيل هي احدى قواها الاستراتيجية، ذلك ان هذه الحصانة يكمن فيها الاحتمال بزيادة هجرة اليهود الى البلاد وكذا تعزيز المجتمع وتقليص الفوارق.

اهداف مركزية لتغيير بنيوي – مثل تقليص حجم القطاع العام، صد سيطرة الاحتكارات في الخدمات الحيوية على الاقتصاد، تصفية احتفالات الاجور في القطاع العام، تغيير بنية الميزانية – كل هذه لن تتحقق دون اقامة حكومة وحدة وطنية.

الاختبار الحقيقي للساحة السياسية بدأ لتوه، وفي غضون وقت قصير سيكون بوسعنا أن نعرف اذا كانت المصلحة الوطنية الحقيقية هي التي ستوجه الخط المركزي. ولكن رجاء في كل الاحوال لا تدخلوا مجددا الى مسار التنازلات والابتزازات.