خبر طلبة الجامعات الـمتضررون يتطلعون إلى إعفائهم من الرسوم

الساعة 07:58 ص|16 فبراير 2009

فلسطين اليوم-غزة

مع إعلان وقف لإطلاق النار بعد عدوان إسرائيلي على قطاع غزة استمر 22 يوماً متتالية، أعلنت الجامعات فتح أبوابها أمام الطلبة الذين كانوا جميعهم على أبواب الامتحانات، وبدأت تطالبهم بدفع الرسوم الجامعية، أو تسديد الأقساط الـمتبقية عليهم، وسرعان ما بدأت تطفو على السطح مشكلة ما زالت مستعصية بين الجانبين وبحاجة إلى قرار رئاسي أو حكومي لحلها، وهي عدم قدرة الطلبة الـمتضررين نتيجة هذا العدوان على دفع الرسوم، وبالـمقابل عدم قدرة الجامعات على إعفاء الطلبة من ذلك، كون الرسوم تعتبر جزءاً من مواردها الأساسية.

 

وأمام هذه الـمشكلة التي سيكتوي بنارها الطلبة الأكثر تضرراً، لا سيما من استشهد أولياء أمورهم، أو الـمعيل الوحيد للأسرة، أو دمرت مصادر رزقهم الوحيدة، أو منازلهم التي كانت تؤويهم، وضياع أوراقهم الثبوتية جميعها بما فيها البطاقات والشهادات الجامعية، والكتب وغيرها، يتطلع الطلبة أنفسهم إلى أخذ إدارات الجامعات كل ذلك بعين الاعتبار واحتضانهم وتوفير الـمناخ الـملائم لهم ومراعاة نفسيتهم ليعودوا إلى الـمقاعد الدراسية ويستكملوا تحصيلهم العلـمي دون التنغيص عليهم بالرسوم الجامعية.

 

وفي هذا السياق، يتساءل الطالب في جامعة القدس الـمفتوحة حسام منيب عبد ربه (سنة رابعة، تخصص اجتماعيات) إن كان بمقدوره دفع دينار واحد للجامعة بعد تدمير منزل عائلته الـمكون من أربعة طوابق تدميراً كلياً، وأيضاً مزرعة الدواجن التي كان يملكها والده، والتي كانت تعيل 9 عائلات، أي نحو 48 فرداً، واستشهاد ثلاثة من أفراد عائلته، وإصابة والدته، وضياع كل ما يملكون من أموال، وأوراق ثبوتية تحت ركام الـمنزل.

 

وأضاف عبد ربه إنه كان الأجدر بالجامعة بدلاً من طلب الرسوم الجامعية دون مراعاة لظروف ونفسيات الـمواطنين بشكل عام، وطلبتها بشكل خاص، أن تتفقد طلبتها والضرر الذي وقع عليهم، والنظر لاحتياجاتهم ومواساة الطلبة الذين استشهد أي من أفراد عائلاتهم، حتى يشعروا بأنهم جزء من الجامعة، والجامعة جزء منهم، لا أن تطلب منهم في أحلك الظروف ما ليس في استطاعتهم.

 

وأشار إلى أنه الآن على أبواب الامتحانات، ولا يملك أي كتاب للدراسة، لأن جميع كتبه الجامعية أصبحت تحت الركام كبطاقته الجامعية وبطاقة هويته وجميع أوراقه الثبوتية، موضحاً أنه توجه بعد انتهاء الحرب للجامعة، لكن أياً من الإداريين هناك لـم يساعده في الحصول على كتب جامعية بديلة، وهو لا يملك من الأموال أي شيء حتى يشتري البديل عنها، وهذا يتطلب وقفة إنسانية ليست لحالته فحسب، بل ولجميع الطلبة الذين تضرروا جراء الحرب والعدوان، ولكن بنسب متفاوتة.

وبيّن عبد ربه أن شقيقته التي تدرس في جامعة الأقصى (سنة ثانية، لغة عربية) تعاني كذلك من مشكلة ضياع كتبها وأوراقها الثبوتية، الأمر الذي يتطلب من جميع إدارات الجامعات الوقوف أمام مسؤولياتها تجاه الطلبة من حيث تسديد الرسوم الجامعية، وكذلك مراعاة أوضاعهم في الامتحانات، كونهم لـم يدرسوا سواء خلال فترة الحرب، أو ما بعدها، بالإضافة إلى نسيانهم حتى الـمعلومات التي كانت علقت في أذهانهم قبيل الحرب.

 

ولـم يختلف رأي الطالب عليان البايض في جامعة الأزهر (سنة ثانية، أدب إنكليزي) عن رأي من سبقه كثيراً، حيث قال: إن الضرر الذي وقع عليّ نتيجة هذه الحرب وهذا العدوان الذي طال كل شيء في قطاع غزة هو أقل بكثير من غيري، لكنني ونتيجة للحصار الـمفروض على القطاع منذ أكثر من عامين وفقدان والدي عمله ومصدر رزقه الوحيد أصبحت غير قادر على دفع أي من الرسوم الجامعية، أو حتى شراء الكتب الجامعية.

وأضاف البايض، إن الظروف الـمعيشية لجميع طلبة الجامعات في قطاع غزة دون استثناء صعبة للغاية، وبحاجة إلى النظر إليها من قبل الـمسؤولين سواء كانوا في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة، وتخفيف هذا العبء عن كاهل أولياء الأمور الذين بالكاد يستطيعون توفير لقمة العيش لأسرهم، وبعضاً من متطلبات الحياة الضرورية جداً.

 

وبيّن أنه بفعل الحصار والعدوان وعدم مقدرته على دفع الرسوم الجامعية أصبح الآن مهدداً بالفصل من الجامعة بالرغم من أنه يحصل على معدلات جامعية جيدة، ولديه طموح كبير في استكمال التحصيل العلـمي، وزيادة معلوماته في اللغة الإنكليزية من خلال دورات إضافية في مراكز ومؤسسات لتقوية اللغة، لكن الظروف لا تسمح، كظروف زملائه القادرين.

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بغزة الـمهندس جمال الخضري، إن موضوع الطلبة والرسوم الجامعية هو من الـمواضيع الأكثر أهمية وإلحاحاً لدى إدارة الجامعة، خاصة أن العديد من الطلبة لـم يسددوا حتى الآن أقساط رسوم الفصل السابق، وبالتالي هم وغيرهم بسبب الحصار سوف لا يكونون أيضاً قادرين على دفع رسوم الفصل الدراسي الـمقبل، وبالتالي سيؤثر ذلك على الجامعة ومسيرتها التعليمية لأنها تعتمد بالأساس في دفع رواتب موظفيها على هذه الرسوم.

وتابع الخضري,إنه في حال عدم تسديد الرسوم فإن الجامعة لن تستطيع دفع الرواتب، مشيراً إلى أن مجلس الأمناء وإدارة الجامعة ناشدوا الـمسؤولين في الجامعات العربية والدولية تخصيص جزء لإسناد الطلبة غير القادرين على دفع الرسوم ممن فقدوا أولياء أمورهم ومعيليهم، لأن في ذلك دعما للطلبة والـمجتمع الفلسطيني على حد سواء.

 

ولفت إلى أنه "حتى الآن يوجد تفهم من إدارة الجامعة لظروف الطلبة وما آلت إليه أوضاعهم الـمعيشية، وما تعرضوا له من نكبات جعلتهم غير قادرين على دفع الرسوم، لكن يجب العمل محلياً ووطنياً وإقليمياً ودولياً على حل هذه الـمشكلة، لأن الجامعة تقوم على تسجيل الطلاب، والطلاب بحاجة إلى أساتذة لتدريسهم، والأساتذة بحاجة إلى أمور كثيرة تُسهل عملهم في الجامعة من رواتب وقاعات دراسية ومختبرات وغير ذلك، أي إن كل شيء مرتبط بالآخر، فإذا توقف أي من هذه الأشياء توقفت الـمسيرة التعليمية برمتها".

ونفى الخضري احتمال قيام الجامعة بطرد أي من طلابها أو طالباتها بسبب عدم الـمقدرة على دفع الرسوم الجامعية، لأنها تسعى في الـمقام الأول وبشكل كبير إلى تحسين ظروف الطلاب، وليس أن يكونوا ضحايا، موضحاً أنه ربما تسعى الجامعة إلى تخفيف الرسوم عن الطلبة الأكثر ضرراً حتى لا يترك أي طالب مقاعد الدراسة بالجامعة.

من جهته، قال الدكتور جبر الداعور، نائب رئيس جامعة الأزهر بغزة للشؤون الإدارية والـمالية، "إن ادارة الجامعة قامت بإجراء دراسة وإحصائية للرسوم الجامعية غير الـمسددة والـمستحقة على الطلبة، فتبين أن قيمتها بلغت نحو 6 ملايين دينار أردني، لأن العديد من الطلبة لـم يلتزموا حتى الآن بتسديد الرسوم الجامعية للفصل الأول، كما أن عدداً من الطلبة الـمسجلين لأول مرة لـم يدفعوا مبلغ الـ 100 دينار أردني والتي هي رسوم تسجيل وحجز مقعد جامعي".

وأضاف الداعور رغم ذلك، ونتيجة لـما آلت اليه الأوضاع بعد العدوان على قطاع غزة، وتدمير جميع موارده الاقتصادية وتدمير منشآته الصناعية، لـم نطالب أي طالب حتى الآن بدفع هذه الرسوم، بل عملنا على مخاطبة الجهات الـمانحة مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وغيرها لتسديد الرسوم عن الطلبة غير القادرين ومساعدة الجامعة في تخطي الأزمة الـمالية التي تعاني منها.

ولفت إلى أنه "حتى الآن لا يوجد أي تجاوب من قبل الجهات الـمانحة، ولكن ذلك ربما يحتاج إلى فترة حتى تتم دراسة هذا الطلب والـموافقة عليه، الـمهم أننا لا نعرف كيف يمكن أن نتعامل خلال الفصل الدراسي القادم إذا لـم تكن هناك تبرعات ومنح دراسية ومساعدات للطلبة، حيث إننا سندخل في أزمة مالية كبيرة، لأن الرسوم الجامعية تعتبر من أهم موارد الجامعة".

وبيّن الداعور أنه ستتم مراعاة الطلبة الـمتضررين كل حسب الظروف الـمحيطة به، وذلك بعد إجراء دراسة من قبل عمادة التطوير والتخطيط للاستبيان الذي وضع على موقع الجامعة بعد تعبئته من قبل جميع طلبة الجامعة، حول حجم ونوع الضرر الذي وقع على كل منهم.