صناعة الصابون تراث فلسطيني أصيل

بالصور الحاجة أم كمال.. أربعون عاماً و"مغرفتها" تدور في قِدر "الصابون البلدي"!

الساعة 12:22 م|21 يناير 2020

فلسطين اليوم

منذ 40 عاماً لا تكاد مغرفة الحاجة أم كمال بواطنة (73 عاماً) تتوقف عن الدوران داخل القدر الحديدي الكبير الذي تضع بداخله كميات كبيرة من زيت الزيتون والماء و(الصودا الكاوية)، مع مدِ النيران أسفل قدرها القديم بقطع خشبية كبيرة، وذلك لتجهيز صابون الزيت، المعروف فلسطينياً بـ (الصابون البلدي).

وفي ساعة مبكرة من صباح قرية عجول شمال رام الله تجمع الحاجة أم كمال بواطنة الأخشاب، وتشعل النيران تحت قدرها الكبير، وبعدها تجلب الماء، وزيت الزيتون، والصودا الكاوية، وتبدأ بتحريكها لحوالي 10 ساعات متواصلة على مدار اللحظة، إذ أنها قد تفقد كميات الصابون (الطبخة) في حال توقف مغرفتها عن الدوران.

وتداوم الحاجة أم كمال بواطنة منذ حوالي أربعين عاماً على صناعة الصابون البلدي التراثي الذي بدأ ينحسر ويندثر أمام المنتجات العصرية من الصابون والشامبوهات، تقول: «استيقظ منذ السابعة، وأظل أحرك الصابون وامد النار بالحطب على هذا الحال حتى الخامسة حتى تستوي الطبخة».

وتطبخ أم كمال زيت الزيتون مع المواد المضافة إليه، لتصنع بعد يومين متتاليين من العمل الشاق «الصابون البلدي»، إذ تقوم بعد 10 ساعات متواصلة من تحريك المكونات (الماء، زيت الزيتون) بسكب الطبخة في الوعاء الحديدي، بعد أن تجمد وتصبح شبه متماسكة.

بعد أن تبدأ الصابون بالتجمد والتخثر تضعها في إطار خشبي يمنع سيلانه، ويترك ليوم واحد على الأقل ليجف، قبل أن تقطعها إلى قطع مربعة، وتستخدم صابون زيت الزيتون (البلدي) بعد 10-14 يوما من تقطيعه وتجهيزه، تجنبا لآثار الصودا وتداعياتها على جسم الإنسان.

وتعمل أم كامل بواطنة في هذه المهنة منذ حوالي أربعين عاماً حفاظاً منها على التراث الفلسطيني، وبهدف إعالة عائلتها الصغيرة، مشيرةً إلى أنها تقوم ببيع الرطل بـ60 شيكلا.

وتلفت الحاج أم كامل أنها تقوم إما بطبخ الصابون لأناس يأتون بالزيت، ويكون نصيبها مقابل كل تنكة 100 شيكل، وإما أنْ تضع هي جميع التكلفة وتبيع الصابون الجاهز إما عن طريق الجملة أو المفرق.

وتقول أم كمال: طبخ الصابون التراثي (صابون زيت الزيتون) أحد مصادر رزقي إلى جانب عملي في الأرض"، مشيرةً إلى انها باتت معروفة على مستوى قرية عجول شمال رام الله، وأنَّ نساء وشباب ورجال القرية باتوا يعرفونها جيداً، لافتةً إلى أنَّ بضاعتها من الصابون البلدي تلقى رواجاً كبيراً.

وتضيف: الناس يفضلون الصابون البلدي عن الأنواع الأخرى من الصابون، نظراً لخلوه من المواد الكيماوية وفوائده الكثيرة، وأيضا يفضله الكثيرون على سائل الاستحمام «الشامبو»، كون الصابون البلدي مليء بالزيت الذي يفيد الصحة خاصة الشعر والجلد.

ودعت الحاجة ام كمال بواطنة الفلسطينيين إلى ضرورة الاهتمام بالصناعات التراثية الفلسطينية، والتمسك بالتراث الفلسطيني، مثل (السجاد الفلسطيني، الصابون البلدي، افران الطينة، الطابون)، داعيةً الجهات المسؤولة لدعم المشاريع الصغيرة التراثية.

وتواجه مهنة صناعة الصابون البلدي خطر الاندثار، على الرغم من وجود من يتقنها ويعمل بها في كل قرية وبلدة ومدينة فلسطينية تقريبا، إلا أنَّ التطور العصري في مواد التنظيف أزاح وطغى على الكثير من المهن التراثية، على الرغم أنَّ الأخيرة أجود وافضل وأكثر صحة من مواد التنظيف العصرية التي تحتوي على كميات كبيرة من الكيماويات.


 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (6)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (9)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (8)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (7)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (5)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (4)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (2)
 أم كمال بواطنة (72 عاما) تعمل في طبخ الصابون البلدي، منذ اربعين عاماً (1)
 

 

كلمات دلالية