خبر هذا وقت التمازج.. هارتس

الساعة 10:49 ص|11 فبراير 2009

بقلم: الوف بن

الاستخلاص الذين يترتب على نتائج العملية الانتخابية هو ان على كاديما وحزب العمل ان يمتزجا موحدين صفوفهما في قائمة برلمانية واحدة في الكنيست الثامن عشر. التوحد بين الحزبين ينطوي على منطق مزدوج:- سينصب في مركز الخارطة السياسية كتلة من (40) عضوا برلمانيا لتكون المحور والطرف المركزي في كل ائتلاف محتمل وتعيد بعض الاستقرار للخارطة السياسية المشرذمة بين الاحزاب الوسطى.

ليس هناك فرق ايديولوجي بين العمل وكاديما بحيث يمكنه ان يكون عقبة كأداء لا يمكن تجاوزها على طريق الامتزاج بين الطرفين. كلاهما يجمعان بين الاعتدال السياسي والحزم الامني ووجودهما المشترك معا في حكومة اولمرت تميز بالاتفاق حول اغلبية المسائل المبدئية. الاختلافات والازمات نبعت من مسائل ونزاعات شخصية بين باراك واولمرت وليس من الفوارق في الآراء.

الجمع بين الحزبين سيعزز من المعسكر المؤيد لتقسيم البلاد مع الفلسطينيين والتسوية السلمية مع سوريا في مواجهة اليمين الذي يعارض اية تسوية او انسحاب الحزب، الموحد هو الذي سيتولي اقامة الحكومة باعتباره الكتلة الاكبر في الكنيست وحتى ان احتاج لائتلاف مع الاحزاب اليمينية – فستكون النغمة السائدة هي نغمة اليسار – وسط وعلى هذا النحو سينظر العالم لاسرائيل. الحزب الموحد سيحول دون قيام اليمين بتوسيع المستوطنات وينقذ اسرائيل من مجابهة مع امريكا ويلقي بافكار ليبرمان العنصرية في سلة القمامة. حزب كاديما برهن في المعركة الانتخابية الحالية على انه ليس خليفة لقائمتي شينوي وداش اللتان ظهرتا وسرعان ما طواهما النسيان، امل ايهود باراك بأن يتفكك حزب كاديما ويختفي من تلقاء نفسه لم يتحقق. هذ الحزب حافظ على مكانته كحزب ريادي في الوسط – يسار السياسي ونجح بقيادة لفني بالتخلص من عدم شعبية اولمرت وتحقيق نتائج جيدة في الانتخابات، في المقابل واصل حزب العمل تحت قيادة باراك تدهوره الى ان فقد مبرر وجوده المنفصل، الا ان الخطر الذي يتربص بكاديما ان فقد الحكم لم يتلاشى بعد. الحزب الموحد سيقلص المخاوف من ان يعود اعضاء كنيست من كاديما لصفوف الليكود ومعسكر اليمين.

اقامة كتلة كبيرة في وسط الخارطة السياسية سيوفر حلا لمشاكل الاستقرار التي تصاعدت مع انهيار الاحزاب الكبيرة. حتى من قبل ظهور النتائج تعالت اصوات تنادي بتغيير طريقة الحكم حتى تضمن اداء الحكومة لمهام عملها على المدى الزمني من دون ان تكون عرضة لخطر السقوط. من الممكن خوض  جدال حول صحة الطريقة الرئاسية بالنسبة لاسرائيل او عدمها الا ان هذا النقاش سيكون نظريا في كل الاحوال.

من غير الممكن تقريبا تمرير اصلاحات في الحكم في الكنيست بسبب معارضة الاحزاب الصغيرة وتجربة قانون الانتخاب المباشر المحزنة التي دللت على صعوبة توقع نتائج التغيير مسبقا. الحزب الحاكم الكبير الموحد حول فكرة سياسية يمكنه ان يعيد للخارطة السياسية بعضا من الاستقرار المفقود في العقد الاخير – من دون ان تكون هناك حاجة لتغيير الطريقة ومواجهة تغيرات تشريعية معقدة.

من الممكن طرح عدة تعليلات معارضة لتوحيد كاديما والعمل. اولا:-  القول ان هذا يؤدي الى التلاعب في ارادة الناخب الذي اختار كل حزب لوحده. ولكن هذا التوحيد الاول في تاريخ السياسة الاسرائيلية وهو شرعي مثل الخطوات التوحيدية السابقة. ثانيا:- لن يرغب كل اعضاء العمل في كتلة مشتركة مع حزب كاديما الذي جاء مؤسسوه من الليكود. الرد البسيط:- من لا يرغب بالمشاركة في التوحيد حتى يحافظ على نقاءه الايديولوجي يمكنه ان ينتقل لميرتس ويعزز حقوق اليسار. لهذه المسألة ايضا اسبقياتها (يوسي سريد، يوسي بيلن). ثالثا ان التمازج بين الاحزاب يتسبب في طمس معالم المواقف وتركيز الانظار نحو الوسط السياسي، التي يكون ثمنها شل العملية السياسية. ربما كان ذلك صحيحا في عهد غولدا مئير، ولكن هناك شك في صحته بالنسبة لـ 2009 حيث اصبحت صيغة التسويات مع سوريا والفلسطينيين معروفة للجميع، وحيث تستوجب نتائج الانتخابات اقامة حكومة وحدة وطنية.

ولكن الطرف الاساسي الذي يحول دون الدمج بين كاديما وحزب العمل هو تطلعات السياسيين: طالما اعتقدوا ان التوجه المنفصل للعملية السياسية سيوفر لهم عددا اكبر من المقاعد والمناصب الهامة، سيتوانون عن التعاون في اطار واحد. هناك شك في ان يكون ذلك جيدا للحزب ولكن من الواضح انه سيكون سيئا للدولة. اسرائيل بحاجة الى حزب وسط – يسار كبير.