الذكرى "27 عامًَا".. خبر صادم من "الملثم الأول" أفزع مضاجع الاحتلال!

الساعة 09:48 ص|14 ديسمبر 2019

فلسطين اليوم

استيقظ أهالي محافظة شمال غزة على خبر "قوي اللهجة.. عنيد الإرادة" في صباح يوم 13 من ديسمبر عام 1993م، قصدَ من وراءه تدمير هيبة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على حاجز ناحل عوز و"بـلا هوادة"، خُطت بأدوات تكتيكية جديدة منحت الفلسطينيين روح معنوية عالية وإرادة صلبة لا تهدأ.

في سابقة تاريخية من نوعها، أبهرت المقاومة "الجبارة"، في إيصال رسالة المستغيثين والعُزل أمام أبشع أنواع اضطهاد "إسرائيل" لأرض فلسطين 48، وما تبعه من: (قتل وتشريد وأسر،..)، وهنا نقف في لحظات قوية رسمها الشهيد العزيز الذي أفزع مضاجع العدو في نضاله دفاعاً عن الأمتين العربية والإسلامية.

فـ "أنور عزيز" الاسم الذي أرق أجهزة المنظومة "الإسرائيلية"، بأسلوبه الفعال، وبه جعل العدو في حيرة دائمة أمام صناعة محلية بدائية المنشأ، إلا انها حملت ثقافة جيل مغروس في اعماقه حب فلسطين.

الشهيد عزيز المولود في الأول من شهر مايو عام 1965م، نشأ على يد أسرة متدينة محافظة على تعاليم الدين الإسلامي، وعُرفَ عنه منذُ نعومة أظافره بذكائه وفطنة عقلة في فتره دراسته الابتدائية والاعدادية ليتحلق بعدها بالدبلوم المهني أوائل الثمانينيات، وبذكائه كتب سطور التاريخ النضالية ضد الاحتلال.

فـ"الانتفاضة الأولى" 87م، ثورة الحجارة والمقلاع، وفيها قاد أنور وهو "ملثم" خافي ملامح وجه أمام الجماهير، خطاباً حاداً انتقامياً مملوءاً بالحماسة الوطنية أمام شبان المخيم للرد بالمثل على دهس مستوطن متطرف لـ 6 عمال فلسطينيين على خط صلاح الدين، في اقتحام معسكر الجيش، "الحديدي في الظاهر.. والخشبي في الباطن".

تمسك الاحتلال كعادته بذريعة التحريض، واستغل موقفه في سَجن أنور لمدة عامين ونصف في سِجن النقب الصحراوي، وأحد زملاءه أسرد في حديثه بأن الشهيد خطط لقتل النقيب برتبة ميجر جنرال "شالتي إيل"، وجهزَ سكيناً، ونظراً لصعوبة الموقف لم يتمكن من تنفيذها، وبعدها تم الأفراج عنه، ليعتنق زوجته مع أولاده الاثنين "إسراء، وأحمد"، قبل ولادة الابن الثالث أنور بعد استشهاده.

الحُلم بدأ يقترب، في خطوة سبقها عزيمة عنوانها (الدفاع المقدس)، تميزت بالدقة في كافة تفاصيلها، عبر شن عملية من خلال تفخيخ الشهيد سيارته والصاقها بباص يَقل عشرات الجنود "الإسرائيليين" قادمة من معبر كرم أبو سالم، وكبر باسم الله ووضع حلمه على الزناد، إلا أن مشيئة الله لم تنفجر، وعاد أنور إلى منزله ليفكر مرة أخرى في عملية ترزقه شهادة عند الله.

اللحظة الحاسمة

"اللحظة الحاسمة"، ظنّ الاحتلال باعتقاله لأنور أن يهدأ ويتراجع عن إرادته، إلا أنه أصّر على مبادئه الصلبة، في ربط جسده بحبال من حديد "جنازير" في مركبة مفخخة، متحزماً بقراره في عدم التراجع عن تنفيذ العملية الاستشهادية، بعد رصد حركات الجنود "المرعوبين".

وطوال طريق الشهادة أصطحب معه درعٌ حصين بكتاب الله عزو جل يتداول آياته الكريمة قاصداً حاجز "ناحل عوز" العسكري شرق مدينة غزة، ليحقق نجاحاً ساحقاً في كسر الصمت، ويعلن تنفيذ عمليته البطولية، ليكبد العدو خسائر جمة، وبهذا امتشق أنور سلاح الإيمان والثورة في الدفاع عن فلسطين.

وعلى الفور هبطت طائرة مروحية عسكرية في المكان، وهذا ما يؤكده شهود عيان عن وجود إصابات حتمية؛ لكن الاحتلال بطبيعة منظومته الأمنية (المردوعة)، لا تذيع حجم خسائرها، الأمر الذي يعاقب عليها من أهالي الجنود في فشل حمايتهم (كما يحدث الآن مع عائلة الجندي شاؤوول آرون).

"صيحات التكبير.. الله أكبر"، وأهازيج نداء العالية في تجمع كبير لجيران وأصدقاء وعائلة أنور عزيز ملأت منطقة بيت عمدة الاستشهاديين الكائن في مخيم جباليا، ليصبح أيقونة الثورة الجهادية في ضرب عقيدة الجيش الذي كان يترأسها حينها رئيس الوزراء إسحاق بيغن.

جنازة حاشدة حملت معها جاثم الغضب الجماهيري الممتد لفترات طويلة، محاطة في كسر صمتهم وإطلاق عنانهم الدفاعية على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، ليتم دفنه في مقبرة الشهداء (الشرقية)، ليترك لأبناء شعبه قصة خالدة وحكيمة الإرادة يُحيي بها إرادة الشعب المظلوم والمكلوم.

ما أجملها من خاتمة، تقول والدته "أم تيسير" رحمها الله: "لقد رأيت في المنام أن هناك "برزة" في وسط المسجد ولمدة ثلاث أيام، ويوم وقوع العملية أيقنتُ أن أحد أبنائي من نفذها".

كلمات دلالية