خبر ينقصنا حزب واحد-هآرتس

الساعة 10:30 ص|10 فبراير 2009

بقلم: نحميا شترسلر

(المضمون: الساحة الاسرائيلية تفتقد الى حزب ليبرالي سياسي واقتصادي شيئا يمزج بين ميرتس السياسي والليكود الاقتصادي - المصدر).

في واقعنا السياسي ينقسم اليسار واليمين وفقا للرؤية السياسية. ان كنتم يسارا فانتم مع عملية السلام وتدركون ان ذلك ينطوي على تنازلات. اما ان كنتم يمينا فانتم تتحدثون عن الامن وتعارضون كل اخلاء لاية مستوطنة مهما كانت صغيرة.

ولكن ماذا سيحدث ان كان هناك مواطن يؤمن من جهة بالحل السلمي ولكنه يؤمن ايضا باقتصاد السوق الليبرالي من الناحية الاخرى؟ هذا الشخص لا يمتلك حزبا يمثله في هذه الحالة.

لانه ان اراد التصويت لميرتس، الحزب الذي ينادي منذ سنوات بحل الدولتين لشعبين، من دون التواءات على شاكلة حزب العمل، وسيحصل في نفس الرزمة على فلسفة اقتصادية اشتراكية تؤمن بالحكومة الكبيرة والميزانية الضخمة والضرائب المرتفعة والحكم الذي يعرف اكثر من المواطن ما الذي يفعله بامواله.

ولكن ان اراد اختيار حزب يمثل اقتصاد السوق الليبرالي، فعليه ان يختار بنيامين نتنياهو الذي يؤمن بالسوق الحرة والخصخصة وتخفيض الضرائب والنمو الاقتصادي.

ولكن كيف يمكن الاختيار ضمن ورقة واحدة لجومس (حاييم اورون قائد ميرتس) وكذلك بيبي؟ ذلك لانه ليس هناك حزب كهذا، رغم ان الجمع بين جومس السياسي وبيبي الاقتصادي يبدو لي منطقيا. هو يقوم على قاسم مشترك قوي وراسخ: الحرية والمساواة والازدهار الاقتصادي – للجميع.

في اساس فلسفة الدولتين لشعبين توجه يقول ان للجانب الاخر ايضا الحق بالعيش بصورة طبيعية في دولة مستقلة يمكنه فيها ان يعيش حرا متحررا من قيود الاحتلال. هذا نهج ليبرالي يؤمن بان كل انسان قد خلق حرا وما تكرهه لنفسك ما تفعله بحق جارك. وايضا – لا يتوجب العيش فوق اسنة الرماح الى الابد.

هذا ايضا هو النهج الاقتصادي الليبرالي. هذا النهج يؤيد الاقتصاد الحر، الذي يعيش فيه الانسان من عرق يديه، وتتدخل الحكومة باقل قدر ممكن متسببة باقل قدر من الخسائر والاخلالات. في مثل هذا النظام الاقتصادي يتحمل الانسان مسؤولية نفسه ويستغل الحد الاقصى من حريته ويحدد مستوى الحياة الاعلى الذي يمكنه ان يحققه.

الاقتصاد الحر يعني تقليص ميزانية الدولة، الامر الذي يمكن من تخفيض نسبة الضرائب، وهذا هو وقود الازدهار الافضل. شاهدنا كيف تم الحفاظ من خلال الميزانية المكبوحة وتخفيض الضرائب على النمو الاقتصادي السريع بنسة 5 في المائة في السنة وانضمام 500 الف شخص في سوق العمل في السنوات الاخيرة. المصانع فتحت والمتاجر ازدهرت. هل هناك عمل اجتماعي اكثر اهمية من نقل انسان من عالم البطالة الى عالم الشغل والعمل؟ من الجدير ان نعرف ان 80 في المائة من المنضمين الجدد الى سوق العمل جاؤوا من الشرائح الدنيا بالتحديد.

اقتصاد السوق الحر لا يعني عدم تدخل مطلق. الحكومة ملزمة بالتدخل ودعم الضعفاء والفقراء، والعاجزين والمسنين والعاطلين عن العمل والمرضى. ولكن هذا الامر ليس متاحا الا عندما يكون الاقتصاد نفسه فاعلا وفق لمبادىء السوق الحرة لان ذلك يضمن النمو ويضمن توفير المصادر والموارد لدعم الشرائح الضعيفة للمجتمع.

ولكن اين يمكن ايجاد هذا الحزب الذي يمتلك رؤية ليبرالية – سواء في المجال السياسي او في المجال الاقتصادي – الاجتماعي ويعتبرها مركزا لعالمه؟

تسيبي لفني هي الاكثر قربا لهذه الفلسفة . هي الوحيدة التي تتحدث عن السلام كهدف استراتيجي. لفني لم تتردد ايضا في التحدث عن حمامة السلام التي تنتظر من وراء النافذة. من الممكن النظر لكلماتها بصورة هزلية وكأن احاديثها عن السلام هو مجرد احاديث تكتيكية تهدف الى جذب اصوات اليساريين والوسطيين الى كاديما. ولكن هذه ليست الحقيقة. لان لفني كانت من بين قادة الشرخ الايديولوجي مع الليكود الذي تمثل برحيلها هي ومجموعتها واقامة حزب كاديما. هي ايدت اخلاء المستوطنات في غزة من منطلق الادراك بان حلم ارض اسرائيل الكاملة قد تلاشى وان من الواجب الوصول الى حل يقسم البلاد، بما في ذلك اخلاء المستوطنات، والا فسيتجسد الحلم الكابوس بدولة الابرتهايد او دولة كل مواطنيها تكون فيها الاقلية العربية اغلبية.

ايضا في المجال الاقتصادي – الاجتماعي تمتلك لفني فلسفة ليبرالية. هي تؤمن باقتصاد السوق مع الرأفة والرحمة وتؤمن بتخفيض الضرائب والاصلاحات. صحيح انها لا تنادي بذلك بنفس حماس نتنياهو، ولكن ليس من الممكن تحقيق كل شيء كما اسلفنا.

هناك مزيتين اثنتين هامتين لدى لفني. هي برهنت عن نقاء اليدين ولا تشوبها اي شائبة وهذا ليس بالامر القليل في هذه الايام. وهي ايضا لم تفشل حتى الان في منصب رئيس الوزراء كما فشل نتنياهو وايهود باراك من ذي قبل . وبذلك من الصحيح ان مشهدنا السياسي يفتقد لحزب يجمع بين جومس وبيبي بصورة كاملة ولكن لفني هي الاكثر قربا من هذه الصورة.