خبر بالشعوذة.. « شاس » يسابق « إسرائيل بيتنا » للكنيست

الساعة 07:02 ص|10 فبراير 2009

صالح النعامي

بالشعوذة، وقراءة الحظ، وادعاء معرفة الغيب يتصدى حزب ديني إسرائيلي لمنافسيه في الانتخابات العامة المقررة غدا الثلاثاء.

هذه هي الوسيلة التي لجأت إليها حركة "شاس" الدينية المتطرفة لمواجهة الصعود المفاجئ الذي تظهره استطلاعات الرأي لحزب "إسرائيل بيتنا" اليميني في إطار السباق نحو البرلمان (الكنيست).

 

فلم يكد يمر يوم من أيام الحملة الدعائية التلفزيونية للحركة دون أن يظهر الحاخام المشعوذ "بابا باروخ" المعروف بشعبيته في قراءة الحظ وادعاء معرفة الغيب؛ لتحذير المشاهدين من التصويت لزعيم "إسرائيل بيتنا" أفيجدور ليبرمان.

 

وعزا باروخ تحذيره إلى أن ليبرمان يأكل الخنزير، ويأكل في مطاعم لا تلتزم بتعليمات الحاخامية الكبرى في إعداد الطعام، واعدا كل من يصوت لصالح "شاس" بالعمر المديد وبركات الحياة.

 

وباروخ هو أكبر حاخام متخصص في الشعوذة، وأكسبه هذا شعبية كبيرة بين اليهود الشرقيين والغربيين في إسرائيل على حد سواء، وهو ما شجع حركة "شاس" رغم صفتها الدينية المتطرفة إلى الاستعانة به في حملتها لخوض الانتخابات.

 

وأثارت استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى هبوط شعبية "شاس" أمام "إسرائيل بيتنا" مخاوف زعيم الحركة الحاخام عوفاديا يوسف، حتى إنه اعتبر أن التصويت لليبرمان في انتخابات الكنيست هو "تصويت للشيطان".

 

ونقلت عنه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قوله: إن من يصوت لـ"شاس" سيحصل على الأجر من السماء, بينما من ينتخب "إسرائيل بيتنا" فإنه ينتخب الشر والشيطان، وسيعاقبه الله على ذلك، على حد تعبيره.

 

ووعد الحاخام عوفاديا يوسف بمنح "تبريكه" لكل من يقنع عشرة إسرائيليين بالتصويت لحزبه؛ في محاولة لتعزيز فرص شاس في الانتخابات من خلال الوعد الذي أطلق عليه قادة الحركة اسم "العملية 10".

 

وتعود مخاوف "شاس" من فوز "إسرائيل بيتنا" إلى أن الأخير حال فوزه سيشارك في الائتلاف الحاكم القادم؛ ما يورثه دور الحركة الذي اعتادته في أن تكون الحصان الرابح للأحزاب الرئيسية المتنافسة على قيادة الحكومة؛ وهو ما جعل الحركة شريكا في عدة ائتلافات حاكمة، منها حكومة إيهود أولمرت الحالية التي تحظى فيها بأربع حقائب وزارية.

 

ووفق الاستطلاعات، فإن حزب "إسرائيل بيتنا" قد يحصل على نحو 19 مقعدا في الكنيست مقابل 10 مقاعد لحركة "شاس"؛ الأمر الذي يصعد معه الحزب إلى المرتبة الثالثة بين الأحزاب الإسرائيلية، بعد حزبي "الليكود" و"كاديما".

 

تنبؤات "كاذبة"

 

وورث الحاخام باروخ الشعوذة من والده المشعوذ الأكبر في إسرائيل المعروف بالبابا سالي، وهو حاخام هاجر من مصر في الخمسينيات من القرن الماضي.

 

ونظرا للعدد الكبير من الذين يتوجهون إلى باروخ طالبين مساعدته في معرفة ما يخبئ لهم المستقبل، فإن الشرطة الإسرائيلية تحافظ على وجود دائم بالقرب من منزله في بلدة "نتيفوت" بمنطقة النقب جنوب إسرائيل، ويطلق الإعلام الإسرائيلي على المنزل صفة "بلاط"؛ بسبب مكانة الحاخام في نفوس زبائنه.

 

وفي تحقيق بثته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر تبين أن معظم زبائن باروخ هم من النساء، وتحديدا العوانس اللواتي يبحثن عن عرسان، وتنطلق حافلات من المدن الكبرى تقل مئات العوانس في الأوقات التي يخصصها الحاخام لاستقبال الزبائن.

 

وكذلك فإن الكثير من المصابين بالأمراض الخطيرة يتوجهون إليه للحصول على "بركته"، ولمعرفة ما ينتظرهم.

 

غير أن جمهور باروخ قصير الذاكرة؛ حيث كثيرا ما يتبين أن توقعاته ليست في محلها؛ ومن ذلك أنه في عام 1996 ظهر باروخ على شاشات التلفزيون وادعى أن الرب أبلغه أن السياسي شمعون بيريز سيتغلب على منافسه بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة، وكانت النتيجة عكس ذلك.

 

الموساد في البلاط

 

ومن المفارقات التي كشفها تحقيق القناة العاشرة أن معظم من يتوجهون للحاخامات المشعوذين في إسرائيل بشكل عام هم من العلمانيين وليسوا من المتدينين تحديدا، ومن مختلف الطبقات.

 

ولعل الذي يعلق في أذهان معظم الإسرائيليين هو التقاط كاميرا التلفزيون الإسرائيلي صورا لرئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي (الموساد) الأسبق، داني ياتوم، وهو يهم بدخول منزل الحاخام الراحل كدوري، أحد أبرز حاخامات الشعوذة في القدس المحتلة؛ لمعرفة مستقبله بعد أن تقاعد من الموساد وقرر خوض غمار السياسة.

 

والشعوذة وسيلة معتادة تلجأ إليها حركة شاس في الانتخابات؛ فقد كان الحاخام كدوري الذي توفي قبل ثلاثة أعوام نجم حملاتها الانتخابية التشريعية.

 

وكانت الحركة تضع تحت تصرفه مروحية خاصة تنقله من مدينة إلى أخرى حتى بعد أن تجاوز مائة عام؛ حيث كان الحاخام المنهك القوى يطالب الجماهير بصوت متقطع التصويت "للذين يسعون لإعادة مجد التوراة"، في إشارة إلى حركة شاس.